ما حكم الجلد الميت (القشف الميت ) على الجسم ؟ وما حكم القشرة على فروة الرأس ؟ هل يعدان حائلا يمنع صحة الوضوء ؟ قرأت في أحد المواقع أن الجلد الميت يعد حائلا ، والقشرة لا تعد حائلا فما الفرق بينهما ؟
أثر القشف الميت في الجلد والقشرة في الرأس على صحة الوضوء
السؤال: 223873
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
“القشف الميت” يراد به في أصل اللغة : الوسخ المتراكم على الجلد ، بحيث يلتصق به من تقادمه عليه ، وهذا هو المراد بأنه ” ميت ” .
جاء في كتاب “العين” للخليل بن أحمد (1/375) الشاملة : ” قشف: القَشَفُ: القذر على الجلد ، ورجل مُتَقِشِّفٌ: لا يتعاهد الغسل والنظافة ، فهو قَشِفٌ ، ويخفف أيضاً فيسكن الشين.
وقَشُفَ قَشافةً وقَشِفَ قَشَفاً فيمن ثعل أي لا يبالي ما تلطخ بجسده ” انتهى .
وقال المرتضى الزبيدي رحمه الله : “والقَشَفُ ، مُحَرَّكَةً : ما يَرْكَبُ على أَسْفَلِ قدَمِه من الوَسَخ” . انتهى من ” تاج العروس ” (24/259) . وينظر : “لسان العرب” (9/282) .
وفي ” حاشية العدوي على الخرشي ” (2/304) :
(وَشَجَرٌ لَهُ شَوْكٌ (قَوْلُهُ وَالْوَسَخُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ : وَالْقَشَفُ) كَذَا فِي ك قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ قَشِفَ الرِّجْلُ قَشَفًا مِنْ بَابِ تَعِبَ لَمْ يَتَعَهَّدْ النَّظَافَةَ انْتَهَى .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا وَاحِدٌ ، فَلَوْ أَخَّرَ الْوَسَخَ بَعْدَ الدَّرَنِ وَالْقَشَفِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَجْلِ أَنْ يَصِيرَ عَطْفَ تَفْسِيرٍ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ مِنْ الدَّرَنِ وَالْقَشَفِ فَتَأَمَّلْ ) انتهى .
فإذا كان الأمر كذلك : فلا شك في وجوب إزالة هذا الوسخ من على الجلد ، متى كان له جرم ، يمنع وصول الماء إلى الجلد ، وأمكن معالجته حتى يزول .
جاء في ” حاشية الصاوي على الشرح الصغير” (1 / 132): وهو يتحدث عن شروط صحة الوضوء , “…. الثَّانِي: عَدَمُ الْحَائِلِ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ ، كَشَمْعٍ وَدُهْنٍ مُتَجَسِّمٍ عَلَى الْعُضْوِ ، وَمِنْهُ عُمَاصُ الْعَيْنِ , وَالْمِدَادُ بِيَدِ الْكَاتِبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ….
قَوْلُهُ: [وَنَحْوَ ذَلِكَ] : أَيْ كَالْأَوْسَاخِ الْمُتَجَسِّدَةِ عَلَى الْأَبَدَانِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْقَشَفُ الْمَيِّتُ ” انتهى.
وفي ” حاشية الجمل على شرح المنهج ” (1 / 113): “وَتَجِبُ إزَالَةُ نَحْوِ : قَشَفٍ مَيِّتٍ ، وَمَا تَحْتَ ظُفُرٍ مِنْ وَسَخٍ ، يَمْنَعُ الْمَاءَ ” انتهى.
وهذا إذا أمكن إزالته دون أذى , أو مشقة معتادة .
أما إذا صار جزءا من البدن بحيث يحصل التضرر بإزالته فإنه حينئذ لا يمنع صحة الوضوء , لأنه يعتبر من الجسد .
جاء في ” حاشية البجيرمي على الخطيب “(1 / 128) : ” وَقَوْلُ الْقَفَّالُ : تَرَاكُمُ الْوَسَخِ عَلَى الْعُضْوِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوُضُوءِ ، وَلَا النَّقْضُ بِلَمْسِهِ ؛ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ : فِيمَا إذَا صَارَ جُزْءًا مِنْ الْبَدَنِ، إذْ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ عَنْهُ. وَالْمُرَادُ بِصَيْرُورَتِهِ كَالْجُزْءِ : أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ” انتهى.
ثانيا :
قد يطلق “القشف الميت” أحيانا على : الجلد الميت في البدن ، كما يكون في أماكن من القدمين ، وأحيانا في اليدين كذلك ، أو بعد برء شيء من الجروح ، ونحوه ؛ فهذا لا يجب إزالته ، ولا إيصال الماء لما تحته ؛ لأنه جزء من البدن ، ولا يمكن إزالته ـ عادة ـ إلا بنوع أذى أو ضرر ، فلم يكلف بإزالته مطلقا .
جاء في “حاشية الباجوري على ابن قاسم” (1/51) : ” ويجب إزالة ما عليهما من الحائل ، كالوسخ المتراكم من خارج ؛ إن لم يتعذر فصله ؛ وإلا لم يضر ، لكونه صار كالجزء من البدن.
وخرج بالخارج : ما لو كان من العرق ؛ فلا يضر مطلقا .
وكذلك : قشرة الدمل ، وإن سهلت إزالتها . ” انتهى.
وقال الشيخ سليمان الماجد ، حفظه الله : ” المراد بالقشف الميت: هو أن ينشأ جلد جديد بسبب تجمع مائي ناتج عن جرح أو مسمار ، ونحو ذلك ، ويبقى الجلد الأول الأعلى على حاله ؛ فالأعلى هو القشف الميت ، وسمي ميتا لانعدام الإحساس فيه .
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن هذا القشف صار مانعا من وصول الماء إلى الجلد الجديد الملتصق باللحم ، وأنه لا تصح الطهارة إلا بإزالته وإيصال الماء إليه ، واشترطوا لذلك أن لا يقع بإزالته أذى لصاحبه .
ولكن الأقرب صحة الطهارة بغسله دون ما تحته ؛ لأن هذا ليس من الحوائل التي يصطنعها البشر ؛ بل هي جلد الإنسان ؛ فعليه لو تركه المصاب حتى يتقشر ويسقط بنفسه فلا حرج عليه؛ والحكم إنما يتعلق بالأعلى .” انتهى من موقع الشيخ على الانترنت
http://www.salmajed.com/fatwa/findnum.php?arno=13076
ثالثا :
وأما قشرة الرأس فلا تمنع صحة الوضوء , وذلك لأن طهارة الرأس طهارة مخففة فسومح فيها ، ورخص فيها ما لم يرخص في غيرها .
جاء في فتاوى ” نور على الدرب” للشيخ ابن عثيمين : ” لكن ما يوضع على الرأس من الحناء وشبهه : لا يضر إذا مسحت عليه المرأة ؛ لأنه ثبت ( عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ملبداً رأسه في حجة الوداع ) , وتلبيد الرأس يمنع من مباشرة الماء عند المسح للشعر ؛ ولأن طهارة الرأس طهارة مخففة , بدليل أنه لا يجب غسله بل الواجب مسحه حتى وإن كان الشعر خفيفا , بل حتى وإن لم يكن على الرأس شعر فإن طهارته خفيفة ليست إلا المسح , فلهذا سمح فيه فيما يوضع عليه , ولهذا جاز للإنسان للرجل أن يمسح على العمامة مع أنه بإمكانه أن يرفعها ويمسح رأسه , لكن هذا من باب التخفيف , وكذلك على قول كثير من العلماء أنه يجوز للمرأة أن تمسح على خمارها الملفوف من تحت ذقنها” انتهى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب