شخصٌ يعمل في الحراسة وأخبره مديره في العمل أن يظل واقفاً أمام المبنى في الأوقات المحددة، فلم يستجب هذا الحارس، بل كان يذهب ويدخل داخل المبنى ويحرس المبنى وهو بالداخل خصوصاً عندما يكون المدير متغيباً. فهل لهذا تأثير على كسبه والمال الذي يحصل عليه، أي هل يصير حراماً بوجه من الوجوه؟ وإذا كان الأمر هكذا فكيف يمكن إصلاح ما فسد، هل يمكنه مثلاً أن يتصدق ببعض الراتب أو يتوب إلى الله، أو يطلب العفو من المدير؟
حارس يأمره مديره في العمل أن يظل واقفاً أمام المبنى في الأوقات المحددة ، فلا يستجيب لهذا الأمر
السؤال: 225375
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذه المسألة لها حالتان :
الحالة الأولى : أن يكون تواجد الحارس خارج البناء ليس من شروط العمل التي وافق على الالتزام بها ، وليس هو المعروف في مثل هذا العمل ، فالمقصود من الحراسة متحقق على الوجه الكامل حتى ولو حرس من داخل البناء .
ففي هذه الحالة ما يأمر به المدير إذا خالفه الحارس لا يؤثر على راتبه لأنه قام بما يجب عليه من الحراسة ، والأمر بالتواجد خارج البناء ليس من الشروط التي التزم بها الحارس ، فلا يجب إلزامه بما لم يلتزم به .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” وأصل العقود أن العبد لا يلزمه شيء إلا بالتزامه ، أو بإلزام الشارع له … ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” ( 29 / 341 ) .
لكن الأفضل للحارس الالتزام بأوامر المدير لأجل النظام والترتيب ، خاصة إذا كان هذا الأمر فيه مصلحة ، وليس فيه مضرة على الحارس .
الحالة الثانية : أن يكون تواجد الحارس خارج البناء هو المعروف في مثل هذا العمل ، أو ذكر ذلك له عند التعاقد معه .
ففي هذه الحالة إذا دخل الحارس إلى داخل البناء يكون مقصرا في عمله ولم يقم بالواجب ، فعليه أن يتحلّل من الأوقات التي قصر فيها ولم يقم فيها بالحراسة على الوجه المطلوب ؛ لأن هذا العمل أمانة كلف بها فيجب أداؤها على وفق ما تعاقد عليه . قال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء ( 58 ) .
وقال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة ( 1 ) .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :
” هذا شامل للعقود التي بين العبد وبين ربه … والتي بينه وبين الخلق من عقود المعاملات ، كالبيع والإجارة ، ونحوهما ، وعقود التبرعات كالهبة ونحوها … ” انتهى . ” تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ” ( ص 218 ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ) رواه أبو داود ( 3594 ) ، وصححه الألباني في ” إرواء الغليل ” ( 5 / 142 ) .
ولمعرفة كيف يتخلص الموظف المقصر في عمله من المال الذي أخذه وهو لا يحل له تراجع الفتوى رقم (200400) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة