0 / 0

حكم سب عيد المسلمين

السؤال: 225426

قبل عدة سنوات تم اعتقال أحد النصارى في باكستان بتهمة تحقير الدين الإسلامي عندما انتقد العيد بشكل علني ، فهل الحكم سواء إذا قال رجل مسلم كان يعاني من الاكتئاب نتيجة أمر ما وفي لحظة انفعال “أنه لا يهتم بالعيد الغبي أو اللعين” ، عندما سأله أحد الأشخاص ما سيفعل في العيد؟ هل يعتبر مثل هذا القول من الكفر أو تحقير الدين ، مع العلم أنّ الشخص لم يقصد إهانة الدين أو شعائره ، ولكنها زلة لسان في لحظة انفعال ؟
ففي باكستان يُقتل الشخص من قبل الناس إن قال شيئاً مهيناً للنبي صلى الله عليه وسلم ، أو القرآن ، أو أي شيء آخر مهين عن الإسلام ؟ وهل هناك عقاب أو حد لمن قال شيئاً سيئاً عن العيد ، دون أن يذكر ذلك بالعلن ؟ وما هو الضابط في مسألة الحدود والعقاب والاستهزاء بالدين ؟

ملخص الجواب

وخلاصة الجواب : • أن الاستهزاء بالدين كفر وردة عن الإسلام ، ومن ذلك : سب العيد الإسلامي . • من فعل ذلك استحق القتل إلا أن يتوب ويرجع إلى الإسلام . • الذي يتولى قتله هو الحاكم . • المنافق إذا لم يظهر نفاقه فإنه يعامل معاملة المسلمين في الدنيا ، ولكنه يكون عند الله كافرا . • من تلفظ بما هو كفر بسبب شدة الغضب والانفعال ، ولم يكن يقصد التلفظ بالكفر : فإنه يعذر ، ولا يكون كافرا . وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم : (163627) . والله أعلم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الاستهزاء والاستخفاف بالدين أو بشيء من أحكامه أو شعائره الظاهرة : كفر وردة عن الإسلام .
وأصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم رسله، وتعظيم شعائره وأحكامه ، فالاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل ومناقض له .
والمرتد عن الإسلام يجب قتله ، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة ، وأجمع على ذلك العلماء ، والذي يتولى قتله هو الحاكم ، حتى لا تصير الأمور فوضى ، ويعتدي الناس بعضهم على بعض . انظر إجابة السؤال رقم : (163627) .
ثانيا :
العيد في الإسلام من شعائره الظاهرة ، وتعظيمه من تعظيم شعائر الدين ، والاستخفاف به أو تنقصه أو تحقيره أو لعنه من الاستخفاف بشعائر الدين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك، التي قال الله سبحانه: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ) الحج/ 67، كالقبلة والصلاة والصيام…… بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر ” انتهى من “اقتضاء الصراط المستقيم” (1/ 528) .

وبناء على هذا ؛ فمن سب العيد الإسلامي ، فقد سب الإسلام ، ومن سب الإسلام فقد ارتد ووجب قتله .

لكن قبل الحكم على الشخص بأنه مرتد يجب التحقق من وجود شروط التكفير وانتفاء موانعه .
ومن تلك الموانع : عدم القصد ، فقد يخطئ بعض الناس في اللفظ ، بدون قصد ، فلا يحكم عليه بالكفر ، مثل ذلك الرجل الذي وجد راحلته بعد أن يئس منها ، وكان عليها طعامه وشرابه وجلس ينتظر الموت ، فلما وجدها قال الرجل من شدة الفرح : (اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ) قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ) رواه مسلم (4932) .
فهذا الرجل قد تكلم بكلام هو كفر ، ولكنه لم يكفر لأن الكلام سبق على لسانه من غير قصد منه ، فشدة الفرح أذهلت هذا الرجل وجعلته يخطئ في الكلام ، فكان معذورا بذلك .
ومثل ذلك أيضا : شدة الغضب ، فقد يبلغ الغضب من الإنسان مبلغا عظيما يجعله غير كامل الإرادة والاختيار لما يقول ، فيكون ذلك عذرا له ، وقد قص الله تعالى علينا قصة موسى عليه السلام حينما رجع إلى قومه فوجدهم يعبدون العجل ، فغضب غضبا شديدا ، وألقى الألواح من يده ، وهي الألواح التي كتبها الله له ، (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) الأعرف/150 . فكانت شدة الغضب عذرا لموسى عليه السلام .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في الكلام على تأثير الغضب الشديد على التصرفات : “واحتجوا على هذا بقصة موسى عليه الصلاة والسلام ، فإنه لما وجد قومه على عبادة العجل ، اشتد غضبه عليهم ، وجاء وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه من شدة الغضب ، فلم يؤاخذه الله لا بإلقاء الألواح ، ولا بجر أخيه هارون وهو نبي مثله ، ولو ألقاها تهاوناً بها وهو يعقل لكان هذا عظيماً ، ولو جر إنسانٌ النبيَّ بلحيته أو رأسه وآذاه ، لصار هذا كفراً .
لكن لما كان موسى في شدة الغضب العظيم لله عز وجل على ما جرى من قومه : سامحه الله ، ولم يؤاخذه بإلقاء الألواح ولا بجر أخيه” انتهى من “فتاوى نور على الدرب” (1/ 375) .

وبناء على هذا ؛ فهذا الشخص المسئول عنه لا يحكم عليه بالكفر لأن ذلك كان منه زلة لسان نتيجة انفعاله وغضبه ، ولم يقصد إهانة الدين كما ورد في السؤال .

ثالثا :
أما من سب العيد سرا ولم يعلن بذلك ، فإنه يكون كافرا مرتدا فيما بينه وبين الله تعالى ، ولكنه يكون عند الناس مسلما ، وهذا هو المنافق الذي قال الله تعالى فيه : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً) النساء/145-146.
وأما عقوبته في الدنيا فلا عقوبة عليه ، لأن العقاب في الإسلام (بإقامة الحدود وغيرها) إنما يكون لمن أظهر جريمته ، والمنافق يعامل في الدنيا معاملة المسلمين بناء على ما يظهر منه ، ثم يوم القيامة يكون عقابه أشد من عقاب الكفار المعلنين بالكفر .
وعلى من فعل شيئا من ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ، قبل أن ينزل به الموت ، فيندم أشد الندم وقت لا ينفعه الندم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android