اقترض مالا بعقد ربوي وخلط جزءاً منه في تجارته ، ويريد التوبة .
السؤال: 225928
شخص يملك مسكنين ، كرأس مال . وقد آثر إلا أن يقترض مالا بعقد ربوي ، وقام على أثره بإعطاء رشوة لتسهيل العملية ، لكنه وبعد أكثر من سنتين ، آل هذا المال إلى الزوال ، حيث بقي له منه حوالي الربع وسيارة نقل ، لكن بعد أن قصد بنية حسنة أن يتوب ، وباع أحد مسكنيه ليستوفي المبلغ المستلف ، وحيث قصد المؤسسة ليسلم المبلغ ، رفضوا بحجة عدم اكتمال الوقت المحدد ب3 سنوات على الأقل ، حيث بقي له أكثر من 5 أشهر ، فقرر ألا يجلس هكذا ، ودخل في تجارة الأدوات الكهرومنزلية ، علما أنه خلط الربع الربوي في هذه التجارة ، وأصبح يستعمل السيارة للنقل .
الآن الشخص تفطن لقضية الربع الربوي الذي خلطه ، والسيارة التي يستعملها ، ويسأل كيف الخلاص ، أو كيف يحلل ماله ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يسرنا كثيرا أن نسمع عن توبة التائبين ورغبة بعض من كان عندهم معاصٍ في التوبة من
تلك المعاصي والرجوع إلى الله ، والاستقامة ، نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا
للتوبة النصوح وأن يتقبل منا .
أولا ً :
هذا الشخص قد فعل كبيرتين من كبائر الذنوب ، وهما : الرشورة والربا ، ومعلوم ما ورد
في التنفير عنهما والتشديد فيهما في الكتاب والسنة .
ولكن مع ذلك فباب التوبة مفتوح أمام كل من أراد الدخول مهما كانت ذنوبه كبيرة
وكثيرة ؛ قال الله تعالى : ( قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر /53.
ثانيا :
ليس من شك في أن طرفي عقد الربا ، الآخذ والمعطي ، هما جميعا في الإثم سواء ،
لارتكابهما هذه الكبيرة ، وتعديهما حدود الله .
غير أن من تعامل بالربا ، وكان هو المعطي للربا (أي : المقترض) : فتوبته أسهل من
توبة الآخذ للربا ، فتوبة الآخذ للربا لا تكون إلا بأخذ رأس ماله فقط ، وعدم أخذ
الزيادة ، قال الله تعالى : (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا
تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/ 279.
وأما توبة المقترض فلا يحتاج
إلى الصدقة بشيء ، لأنه لم يأخذ الربا ، وإنما هو المعطي .
وتوبته تكون بالتالي : أن يندم على ما فعل ، ويعزم على عدم العودة لهذه المعصية مرة
أخرى .
ثم إن استطاع أن لا يرد للمقرض إلا رأس المال فقط ، فهذا هو الواجب ، فإن لم يستطع
وكان هذا المال سوف يؤخذ منه بحكم القانون ، فإنه مضطر لذلك .
وإذا استطاع أن يعجل سداد القرض ، وينهي تلك المعاملة فهو الأولى له ، حتى يتخلص من
تلك المعاملة المحرمة ، فإن لم يستطع فلا حرج عليه ، لأن ذلك ليس باختياره .
وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن المقترض بالربا يملك القرض الذي أخذه ، ولكن يحرم
عليه دفع الزيادة .
انظر كتاب : “المنفعة في القرض” لعبد الله بن محمد العمراني (ص245-254) .
وبناء على هذا ، فالمال الذي
اقترضه ذلك الشخص هو ملك له ، لا يلزمه التخلص منه ولا التصدق به ، ويجوز له
الانتفاع به في التجارة أو النفقة أو غير ذلك ، ولا ينافي ذلك التوبة من الاقتراض
بالربا .
وما دام قد حاول التخلص من هذه المعاملة الربوية ، ولكنه لم يستطع : فلا حرج عليه
إن شاء الله تعالى في الانتظار حتى يأتي موعد السداد .
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم : (95005)
، و (111928) ، و (82020)
.
وينبغي أن يكثر من الأعمال
الصالحة والصدقة بالمال ما استطاع فإن ذلك من أعظم الأسباب التي يكفر الله بها
الذنوب .
والله أعلم .
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة