0 / 0
9,66929/05/2015

معارضة الوالدين ابنهما في امتثاله بعض السنن

السؤال: 226703

ماذا لو عارض الوالدان بعض السنن دونما سبب وجيه ، كاللحية مثلاً ، وأمرا ابنهما بحلقها ، مستدلين بأن المذهب الشافعي يرى الكراهة لا التحريم ، وأن المبالغة في إطلاق اللحية فيه شيء من التشدد والتطرف . فهل تجب طاعتهما في هذه الحالة ، أم الإعراض عنهما على اعتبار أنه لا طاعة لهما في مثل هذه الأمور ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الأصل أنه ليس من حق الوالدين الاعتراض على ولدهما في امتثال السنن والآداب النبوية الشريفة ، سواء تعلقت تلك السنن بحق الله والعبادات أم بالمعاملات والأخلاق والآداب ، فالنصوص الشرعية التي تأمر ببر الوالدين مبنية على طلب الإحسان إليهما ، ورعايتهما ، والقيام على شؤونهما ، وتجنب إيذائهما ولو بالحرف والكلمة ، وليس في شيء منها أمر الابن بتنفيذ أمرهما خارج هذا الإطار ، كما ليس في شيء منها تقديم طاعتهما على طاعة الله ورسوله .
يقول الإمام السرخسي رحمه الله :
" وكل سفر أراد الرجل أن يسافر غير الجهاد ، لتجارة ، أو حج ، أو عمرة ، فكره ذلك أبواه ، وهو لا يخاف عليهما الضيعة ، فلا بأس بأن يخرج ؛ لأن الغالب في هذه الأسفار السلامة ، ولا يلحقهما في خروجه مشقة شديدة ، فإن الحزن بحكم الغيبة يندفع بالطمع في الرجوع ظاهرا .
إلا أن يكون سفرا مخوفا عليه منه ، نحو ركوب البحر ، فحينئذ حكم هذا ، وحكم الخروج إلى الجهاد سواء ؛ لأن خطر الهلاك فيه أظهر .
والسفر على قصد التعلم إذا كان الطريق آمنا ، والأمن في الموضع الذي قصده ظاهرا ، لا يكون دون السفر للتجارة ، بل هذا فوقه ؛ لقوله تعالى : ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ) [التوبة: 122] . فلا بأس بأن يخرج إليه وإن كره الوالدان ، إذا كان لا يخاف الضيعة عليهما " انتهى من " شرح السير الكبير " (196-197)
وقال الشيخ أبو بكر الطرطوشي في كتاب " بر الوالدين " :
" لا طاعة لهما في ترك سنة راتبة ، كحضور الجماعات ، وترك ركعتي الفجر ، والوتر ، ونحو ذلك ، إذا سألاه ترك ذلك على الدوام .
بخلاف ما لو دعواه لأول وقت الصلاة وجبت طاعتهما ، وإن فاتته فضيلة أول الوقت " .
انتهى نقلا عن " الموسوعة الفقهية الكويتية " (8/71) .
وقد سبق تقرير كلام الفقهاء في هذا الباب ، وبيان ضابط طاعة الوالدين الواجبة بشيء من التفصيل ، وذلك في الفتاوى رقم : (1176) ، (1185) ، (40283) ، (98382) ، (101105) ، (166428) ، (174831) .

ومع ذلك فالواجب على الولد الاعتذار من والديه بالكلمة الطيبة ، والأسلوب الحسن ، والحوار المؤدب ، كي يسلم من شقاق أكبر لا قدر الله ، وهو في جميع ذلك يؤكد لوالديه فضيلة السنة النبوية والآداب الشرعية ، ويعوضهم عن عدم طاعته بخدمة خاصة ، أو هدية ثمينة ، أو تضحية في موقف آخر ، كي يسترضي خاطرهما .
وسواء كان حلق اللحية حراما أو مكروها فليس للوالدين ولا لغيرهما أن يأمر بخلاف أمر الله ورسوله ، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية في أكثر من حديث .
ويستثنى من هذا : إذا كان إعفاء اللحية في إحدى البلاد سببا مباشرا للتعرض للأذى والخطر ، في غالب الأحوال ؛ ففي هذه الحالة ننصحه باستماع طلب والديه رحمةً بهما ، وإشفاقاً عليهما ، حتى لا ينزل به مكروه فيشق ذلك عليهما .
وللاطلاع على حكم اللحية يرجى النظر في الأرقام الآتية : (100909) ، (219947) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android