تنزيل
0 / 0

هل يجب على الإمام قطع صلاته والاستخلاف إذا استرسل مع الرياء الطارئ ؟

السؤال: 227454

قرأتُ في إحدى فتاوى الموقع ، نقلًا عن أَحَدِ كبارِ علمائِنَا الأَفاضِل : أَنَّ العَمَلَ إذا خالَطَهُ في أثنائِهِ الرِّياء ، وكانَ مما يرتبطُ أوَّلُهُ بآخِرِهِ : كالصلاة : فإِنَّ ذلكَ يُبْطِلُهُ .
والسؤالُ هو: هل هذا يعني أَنَّ المُصَلِّي إذا كانَ إمامًا وطرأَ عليهِ الرِّياءُ أثناءَ الصلاةِ ، فاسْتَرْسَلَ معهُ : أنَّ عليهِ قَطْعَ الصلاةِ، واسْتِخْلافَ غيرِهِ ليُكْمِلَ الصلاةَ ؟ أتمَنَّى التوضيحَ، فإِنَّ هذا مما أَشْكَلَ عَلَيَّ .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

العمل إذا كان أصله لله ثم طرأ على صاحبه الرياء وكان مما يرتبط أوله بآخره كالصلاة
مما اختلف فيه , فذهب بعض أهل العلم إلى بطلانه كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (9359).
وذهب بعضهم إلى أن العمل لا يبطل بالكلية ما دام أن أصله لله تعالى ، ولكن ينقص
الرياء ثوابه ويجازى على أصل نيته الأولى , قال ابن رجب الحنبلي في ” جامع العلوم
والحكم ” (1 / 82):
” وَأَمَّا إِنْ كَانَ أَصْلُ الْعَمَلِ لِلَّهِ ، ثُمَّ طَرَأَتْ عَلَيْهِ نِيَّةُ
الرِّيَاءِ ، فَإِنْ كَانَ خَاطِرًا وَدَفَعَهُ ، فَلَا يَضُرُّهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ
، وَإِنِ اسْتَرْسَلَ مَعَهُ ، فَهَلْ يُحْبَطُ بِهِ عَمَلُهُ ، أَمْ لَا يَضُرُّهُ
ذَلِكَ وَيُجَازَى عَلَى أَصْلِ نِيَّتِهِ ؟
فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ ، قَدْ حَكَاهُ
الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، وَرَجَّحَا أَنَّ عَمَلَهُ لَا
يَبْطُلُ بِذَلِكَ ، وَأَنَّهُ يُجَازَى بِنِيَّتِهِ الْأُولَى . وَهُوَ مَرْوِيٌّ
عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِ.
وَيُسْتَدَلُّ لِهَذَا الْقَوْلِ بِمَا خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي ” مَرَاسِيلِهِ
” عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ،
إِنَّ بَنِي سَلَمَةَ كُلَّهُمْ يُقَاتِلُ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُقَاتِلُ لِلدُّنْيَا
، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَاتِلُ نَجْدَةً ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَاتِلُ ابْتِغَاءَ
وَجْهِ اللَّهِ ، فَأَيُّهُمُ الشَّهِيدُ ؟ قَالَ: كُلُّهُمْ ، إِذَا كَانَ أَصْلُ
أَمْرِهِ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا
.
وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ إِنَّمَا هُوَ فِي عَمَلٍ
يَرْتَبِطُ آخِرُهُ بِأَوَّلِهِ ، كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ ، فَأَمَّا
مَا لَا ارْتِبَاطَ فِيهِ ، كَالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَإِنْفَاقِ الْمَالِ
وَنَشْرِ الْعِلْمِ ، فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ بِنِيَّةِ الرِّيَاءِ الطَّارِئَةِ
عَلَيْهِ ، وَيَحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ ” انتهى .

فأنت ترى أيها السائل أن
المسألة محل خلاف بين أهل العلم .
فعلى الإمام إذا ابتلي بالرياء في صلاته : أن يدافعه ما استطاع ولا يسترسل معه .

فلو استرسل معه : فإنه ـ مع إثمه – لا يجب عليه قطع صلاته ؛ لأن بطلان صلاته في هذه
الحالة ليس متفقا عليه ، بل محل خلاف , وقطع الصلاة للإمام ، مع الاستخلاف : مشوش
على المأمومين.

ثم إن قطع الصلاة ، بمثل ذلك
، يوشك أن يفتح باب الوساوس والخطرات ، ويخرج العبادة عن موضوعها ؛ وأمر النيات
ومقاصد العباد : باب خفي ، يحتاج إلى دوام مجاهدة ، ومعالجة من العبد .
قال سفيان الثوري: “ما عالجت شيئًا عليّ أشدّ من نيتي، إنّها تتقلب علي” !! .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android