0 / 0
12,86503/05/2015

ما هو حال من جهل الحق، ومن لم يسمع بالإسلام ، يوم القيامة ؟

السؤال: 227756

أسأل عن الشيعة والباطنية الذين يظنون أنفسهم على حق ، ولم يجدوا من يهديهم للحق ، والمشركين اللذين لم يسمعوا بالإسلام أصلا فيما إذا كانوا يخلدون في النار وهل يبعث الله لهم رسلا يوم القيامة يهدونهم الى الحق ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

من عدل الله تعالى ورحمته بعباده أنه لا يعذب أحدا إلا بعد إقامة الحجة عليه .
قال الله تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) الإسراء/15.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) رواه مسلم ( 240 ) .
قال النووي رحمه الله تعالى :
” وفي مفهومه دلالة على أن من لم تبلغه دعوة الإسلام فهو معذور ” .
انتهى من ” شرح صحيح مسلم ” ( 2 / 188 ) .

فإذا كان من عدل الله تعالى ورحمته ألا يعذب من لم تبلغه دعوة الإسلام ، فإنه كذلك قضى ألا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ ) رواه البخار ( 3062 ) ، ومسلم ( 111 ) .

فعلى هذا ، فما هو منزل الكافر يوم القيامة ، إذا لم تكن الدعوة قد بلغته ؟
والجواب : أن السّنة قد بينت حال هؤلاء ، وأن الله تعالى يمتحنهم يوم القيامة فمن أطاع دخل الجنة ومن عصى دخل النار .
عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أَرْبَعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا ، وَرَجُلٌ أَحْمَقُ ، وَرَجُلٌ هَرَمٌ ، وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ ، فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيَقُولُ : رَبِّ ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا ، وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ : رَبِّ ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالْبَعْرِ ، وَأَمَّا الْهَرَمُ فَيَقُولُ : رَبِّ ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا ، وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ : رَبِّ ، مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ . فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْ ادْخُلُوا النَّارَ ، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا ) رواه أحمد في ” المسند ” ( 26 / 228 ) .
ورواه أيضا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، مِثْلَ هَذَا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ : ( فَمَنْ دَخَلَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا ، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا يُسْحَبُ إِلَيْهَا ) . ” المسند ” ( 26 / 230 ) .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : ” أحاديث هذا الباب قد تضافرت وكثرت ، بحيث يشد بعضها بعضا ، وقد صحح الحفاظ بعضها ، كما صحح البيهقي وعبد الحق وغيرهما حديث الأسود بن سريع .
وحديث أبي هريرة إسناده صحيح متصل ” انتهى . ” أحكام أهل الذمة ” ( 2 / 1149 ) .
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى :
” أحاديث هذا الباب منها ما هو صحيح ، كما قد نص على ذلك غير واحد من أئمة العلماء ، ومنها ما هو حسن ، ومنها ما هو ضعيف يقوى بالصحيح والحسن .
وإذا كانت أحاديث الباب الواحد متعاضدة على هذا النمط ، أفادت الحجة عند الناظر فيها ” انتهى من ” تفسير ابن كثير ” ( 5 / 58 ) .
وقال ابن حجر رحمه الله تعالى :
” وقد صحت مسألة الامتحان في حق المجنون ، ومن مات في الفترة ، من طرق صحيحة ” انتهى من ” فتح الباري ” ( 3 / 246 ) .
وصححه الألباني في ” سلسلة الأحاديث الصحيحة ” ( 3 / 418 – 419 ) .

وهذا القول رجحه كثير من العلماء المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية ” الجواب الصحيح ” ( 2 / 298 ) ، وابن القيم ” أحكام أهل الذمة ” ( 2 / 1137 ) ، وابن كثير ” تفسير ابن كثير ” ( 5 / 58 ) ، وغيرهم .
وهذا الحكم إنما هو من حيث العموم ، من غير أن نقطع لشخص بعينه أنه معذور ، أو أنه يختبر يوم القيامة ، أو لا .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
” والله يقضى بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ، ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل ، فهذا مقطوع به في جملة الخلق .
وأما كون زيد بعينه ، وعمرو بعينه ، قامت عليه الحجة أم لا ؟ فذلك مما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه ؛ بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر ، وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول . هذا في الجملة ، والتعيين موكول إلى علم الله عز وجل وحكمه ” انتهى من ” طريق الهجرتين “( 2 / 900 ) .

وأما المسلم الذي يعتقد الإسلام ، ويلتزمه ظاهرا وباطنا ، لكنه يضل في بعض مسائله بسبب الجهل ، وعدم وجود من يبصره بالحق ، وليس له قدرة على العلم ببطلان ما هو عليه من الخطأ ، فهذا مسلم ، بأصل إسلامه ، ولا يخرج عن الإسلام إلا بيقين ، يدل على انقطاع حجته ، وزوال عذره فيما علمه .
وهو معذور في الدنيا ، كما هو معذور في الآخرة ؛ لأن الله لا يعذب إلا من بلغه الحق ثم أعرض عنه .
راجع الفتوى رقم : ( 111362 )، والفتوى رقم : ( 104412 ) لتفصيل هذه النقطة .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android