في جامعات بلادنا التدريس يكون باللّغة الفرنسية ، فهل في هذا محظور شرعي ؟
وهل في هذا مذّلة لنا ؟ يقولون : بأنّ التدريس باللّغة الفرنسية أو الإنجليزية هو أمر ضروري حتمي ، كون غالب المقالات العلمية النّافعة والكتب التقنية تكون بإحدى اللّغتين ، وهل على المدرّس شيء ، إذا ما خاطب طُلاّبه باللّغة الأجنبية-والمطلوب منه أن يفعل- ليشرح لهم الدّرس ؟
حكم تدريس الأستاذ لمادته باللغة الأجنبية
السؤال: 228005
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
اللغة العربية هي شعار أهل الإسلام لأنها اللغة التي اختارها الله تعالى لكتابه ، فالإعراض عنها والتكلم بغيرها مكروه عند العلماء لما فيه من التشبه بأهل الكفر والأعاجم ، ومنافاته لعزة الإسلام ؛ لأنه لا يليق بالمسلم أن يكون لسانه تبعا للسان أهل الكفر .
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى :
” فإذا كانت الألسنة مختلفة بما لا يفهمه بعضهم عن بعض : فلا بد أن يكون بعضهم تبعاً لبعض ، وأن يكون الفضل في اللسان المتَّبَع على التابِع .
وأولى الناس بالفضل في اللسان مَن لسانُهُ لسانُ النبي . ولا يجوز – والله أعلم – أن يكون أهل لسانه أتباعاً لأهل لسانٍ غيرِ لسانه في حرف واحد ، بل كلُّ لسان تَبَع للسانه ، وكلُّ أهل دين قبله ، فعليهم اتباع دينه ” انتهى من ” الرسالة ” ( ص 46 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” … فقد كره الشافعي لمن يعرف العربية ، أن يسمي بغيرها ، وأن يتكلم بها خالطا لها بالعجمية ، وهذا الذي قاله الأئمة مأثور عن الصحابة والتابعين…
وأما اعتياد الخطاب بغير اللغة العربية ، التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن ، حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ، أو لأهل الدار ، أو للرجل مع صاحبه ، أو لأهل السوق ، أو للأمراء ، أو لأهل الديوان ، أو لأهل الفقه ، فلا ريب أن هذا مكروه ، فإنه من التشبه بالأعاجم ، وهو مكروه كما تقدم…
إنما الطريق الحسن : اعتياد الخطاب بالعربية ، حتى يتلقنها الصغار في المكاتب وفي الدور فيظهر شعار الإسلام وأهله ، ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف ، بخلاف من اعتاد لغة ، ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه يصعب .
واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل ، والخلق ، والدين : تأثيرا قويا بينا .
ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق ” انتهى من ” اقتضاء الصراط المستقيم ” ( 1 / 464 – 469 ) .
ثانيا :
ما سبق ذكره هو حكم التكلم بغير العربية لغير حاجة ، أما إن كانت هناك حاجة فلا حرج حينئذ من التكلم بغير العربية .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” وما زال السلف يكرهون تغيير شعائر العرب حتى في المعاملات ، وهو ” التكلم بغير العربية ” إلا لحاجة ، كما نص على ذلك مالك والشافعي وأحمد ؛ بل قال مالك : من تكلم في مسجدنا بغير العربية أخرج منه .
مع أن سائر الألسن يجوز النطق بها لأصحابها ؛ ولكن سوغوها للحاجة ، وكرهوها لغير الحاجة ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” ( 32 / 255 ) .
وبناء على هذا ؛ فلا حرج على الطالب أو المدرس ، في دراسة هذه العلوم بغير العربية ، لأن اختيار لغة التدريس ليس في قدرة المدرس والطالب ، بل هو أمر مفروض عليهم من قبل الجهات الحكومية ؛ ثم هو ـ مع ذلك ـ محقق لمصالح المتعلمين ، لا سيما في العلوم المدنية ، من الطب والهندسة ونحوها .
وإنما يخاطب المسؤولون في تلك البلاد بأن يعودوا إلى اللغة العربية التي هي شعار الإسلام ، وهي أفضل اللغات ، لكن هذا أمر لا يحصل في يوم وليلة ، ولا في عام ، ولا في أكثر ؛ بل يحتاج إلى عدة طويلة ، وشوط يقطع بالتدرج نحو ذلك .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب