هل يجوز للمرأة إذا لم تكن بحضرة رجال أن تجهر حتى في الصلوات السرية كالظهر مثلاً ؛ وذلك لكي تخشع في صلاتها ، مع عدم رفع صوتها إلا قليلا ؟
حكم الجهر في الصلاة السرية بغرض تحصيل الخشوع فيها
السؤال: 228339
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
الفرق بين الجهر والسر في الصلاة ، أن المصلي في الصلاة الجهرية يسمع من حوله القراءة ، بخلاف السرية ، فإنه لا يسمع إلا نفسه ، بل يكفي عند بعض أهل العلم : تحريك اللسان مع إخراج الحروف ، دون اشتراط أن يسمع الشخص نفسه القراءة .
جاء في ” شرح مختصر خليل للخرشي ” (1/275) :
” وَاعْلَمْ أَنَّ أَدْنَى السِّرِّ : أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِالْقِرَاءَةِ ، فَإِنْ لَمْ يُحَرِّكْ لِسَانَهُ لَمْ يَجْزِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ قِرَاءَةً بِدَلِيلِ جَوَازِهَا لِلْجُنُبِ ، وَأَعْلَاهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ فَقَطْ ، وَأَدْنَى الْجَهْرِ : أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ ، وَأَعْلَاهُ لَا حَدَّ لَهُ ” انتهى .
وللفائدة ينظر في جواب السؤال رقم : (114369) .
ثانياً :
الجهر في الصلاة الجهرية ، والإسرار في الصلاة السرية ، سنة ، فمن أسر في صلاة جهرية ، أو جهر في صلاة سرية ، فصلاته صحيحة ، لكنه خالف بذلك السنة المعهودة من فعله عليه الصلاة والسلام .
وينظر للفائدة في جواب السؤال رقم : (67672) ، وجواب السؤال رقم : (201153) .
ثالثاً :
المرأة مثل الرجل في الجهر والإسرار في الصلاة ، إلا أنها إذا كانت بحضرة رجال أجانب ، فإنها لا تجهر في الصلاة .
جاء في ” الشرح الكبير على متن المقنع ” (2/82) :
” وتجهر – يعني المرأة – في صلاة الجهر قياساً على الرجل ، فإن كان ثَمَّ رجل لم تجهر ، إلا أن يكونوا من محارمها ، فلا بأس به ” انتهى .
وللاستزادة ينظر في جواب السؤال رقم : (9063) .
وعليه ، فإذا كان المقصود برفع الصوت في الصلاة السرية ، أن يرفع المصلي صوته أحياناً ببعض الآيات ، أو يكون رفع الصوت بالقراءة مقتصراً على إسماع المصلي نفسه فقط ، فهذا لا حرج فيه ، وقد جاءت السنة بالجهر أحياناً بالقراءة في الصلاة السرية ، لكن بالآية ونحوها ، لا بكل القراءة .
كما أن إسماع المصلي نفسه القراءة دون من حوله ، لا يعد من الجهر في الصلاة كما سبق بيان ذلك .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
” الصلاة النهارية ، كصلاة الضحى ، والرواتب ، وصلاة الظهر والعصر ، فإن السنة فيها الإسرار ، ويشرع للإمام أن يجهر بعض الأحيان ببعض الآيات ؛ لقول أبي قتادة رضي الله عنه : ” كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمعنا الآية أحيانا ” ، يعني في صلاة الظهر والعصر ” .
انتهى من ” مجموع فتاوى ابن باز ” (11/ 127) .
وجاء في ” مجموع فتاوى ابن باز ” – أيضاً – (11/ 128) :
” في أحيان كثيرة يأتي إبليس في الصلاة للشوشرة ، مما يؤدي إلى حالة السهو ، وربما لا أعي ما أقرا من آيات ، ولا كم ركعة ركعت ، وقد سمعت أن الإنسان ليس له من صلاته إلا ما حضر قلبه فيها ، فأخذت أرفع صوتي بالصلاة قليلا حتى أبعد إبليس عني ، وفعلا أصبحت أعي ما أقرأ ، فهل هذا يجوز ، علما بأن الصوت يكون بشكل لا يسمعه أحد سواي تقريبا ؟
الجواب : المشروع للمؤمن والمؤمنة الإقبال على الصلاة ، وإحضار القلب فيها ، والاجتهاد في الخشوع فيها ، كما قال الله سبحانه : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) ، وعند كثرة الوسوسة يشرع للمصلي ، سواء كان رجلا أو امرأة ، أن ينفث عن يساره وهو في الصلاة ، ويتعوذ بالله من الشيطان ثلاثا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه إلى ذلك ، لما اشتكى إليه كثرة الوسوسة في الصلاة .
ولا حرج في رفع صوتك بالقراءة حتى تسمعي نفسك ، وتحاربي الوسوسة بذلك في الصلاة السرية ، أما الجهرية كالفجر والأولى والثانية من المغرب والعشاء ، فيستحب فيها الجهر للرجال والنساء ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله وهكذا في صلاة الليل ” .
انتهى من ” مجموع فتاوى ابن باز ” .
وأما إذا كان المقصود برفع الصوت في الصلاة السرية ، أن يرفع المصلي صوته بالقراءة بحيث يسمعه من حوله ، فهذا خلاف السنة – كما سبق – ، وما يحصل به من خشوع فهو مؤقت يلقيه الشيطان في قلب العبد ؛ إيهاماً له بأن ذلك من أسباب الخشوع ؛ وذلك لكي يوقعه في مخالفة السنة .
وليعلم المصلي أن ما جاء به الشرع من مشروعية الجهر في مواطن ، والإسرار في مواطن أخرى ، أن امتثال ذلك خير له وأفضل ، وعليه أن يحرص على تحقيق الخشوع من غير أن يخالف السنة ، وذلك بالسعي في تحصيل أسباب الخشوع .
وينظر ما جاء ذكره في ” رسالة 33 سببا للخشوع في الصلاة ” على الرابط التالي :
http://islamhouse.com/ar/books/502934/
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة