نويت العمرة إن شاء الله ، ومن خلال قراءتي في هذا الموقع أرى أن مناسك العمرة لن تتجاوز بضع ساعات أو أقل…. ، وسؤالي إن كانت مدة إقامتي في مكة المكرمة ستكون بإذن الله حوالي 5 أيام ، فماذا سأفعل بعد أدائي لمناسك العمرة في خلال هذه الأيام ؟
يسأل ماذا يفعل بعد أداء العمرة ؛ لكونه سيجلس في مكة عدة أيام ؟
السؤال: 228363
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
نسأل الله أن ييسر لك العمرة ، ويعينك على أدائها ويتقبلها منك .
ثانياً :
إذا كنت ستقيم بعد أداء العمرة عدة أيام في مكة ، فالنصيحة لك أن تكثر من العمل الصالح بقدر استطاعتك ، حتى تكثر استفادتك من هذا المكان الفاضل ؛ فالحسنة تضاعف في المكان أو الزمان الفاضل ، كما قرر ذلك أهل العلم رحمهم الله .
قال الرحيباني رحمه الله :
” وَتُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ بِمَكَانٍ فَاضِلٍ كَمَكَّةَ ، وَالْمَدِينَةِ ، وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَفِي الْمَسَاجِدِ ، وَبِزَمَانٍ فَاضِلٍ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ ، وَالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، وَرَمَضَانَ ” انتهى من ” مطالب أولي النهى ” (2/385) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” الصلاة في مكة أفضل من الصلاة في غيرها بلا ريب ، ولهذا ذكر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينما كان مقيماً في الحديبية في غزوة الحديبية كان في الحل ، ولكنه يصلي داخل أميال الحرم ، وهذا يدل على أن الصلاة في الحرم أي داخل أميال الحرم أفضل من الصلاة في الحل ، وذلك لفضل المكان ، وقد أخذ العلماء من ذلك قاعدة قالوا فيها : إن الحسنات تضاعف في كل مكان أو زمان فاضل ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن عثيمين ” (20/168) .
وهناك عبادات لها فضيلة خاصة في المسجد الحرام ، فمن ذلك : الصلاة ، فإن الصلاة فيه خير من مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد ، فلتحرص على أداء الصلوات الخمس جماعة في المسجد الحرام .
ومنها : الطواف . وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن الإكثار من الطواف للغريب بمكة ، أفضل له من الإكثار من صلاة التطوع ، وذلك لأن الصلاة يؤديها المسلم في أي مكان ، أما الطواف فمكانه الوحيد حول الكعبة .
قال البهوتي رحمه الله :
” وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْ الطَّوَافِ كُلَّ وَقْتٍ وَتَقَدَّمَ نَصُّ الْإِمَامِ أحمد : أَنَّ الطَّوَافَ لِغَرِيبٍ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ” انتهى من ” كشاف القناع ” (2/485) .
وقال رحمه الله – أيضاً – :
” وَنَصَّ الإمام أَحْمَدُ أَنَّ الطَّوَافَ لِغَرِيبٍ أَفْضَلُ مِنْهَا أَيْ : الصَّلَاةِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ يَفُوتُ بِمُفَارَقَتِهِ , بِخِلَافِ الصَّلَاةِ ” انتهى من ” شرح منتهى الإرادات ” (1/237) .
وجاء في ” فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الثانية ” (10/355) :
” والمشروع لمن جاء إلى مكة ، وقضى نسكه : الإكثار من الطواف خاصة ، وقراءة القرآن والصلاة والصدقة وغيرها من العبادات ” انتهى .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
” هل الأفضل تكرار الطواف أم التطوع بصلاة ؟
الجواب : في التفضيل بينهما خلاف ، لكن الأولى أن يجمع بين الأمرين ، فيكثر من الصلاة والطواف حتى يجمع بين الخيرين ، وبعض العلماء فضل الطواف في حق الغرباء ؛ لأنهم لا يجدون الكعبة في بلدانهم ، فاستحب أن يكثروا من الطواف ما داموا بمكة ، وقوم فضلوا الصلاة ؛ لأنها أفضل من الطواف ، فالأفضل والأولى فيما أرى أن يكثر من هذا ويكثر من هذا ، وإن كان غريبا ، حتى لا يفوته فضل أحدهما ، يساهم في هذا وفي هذا ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن باز ” (17/225) .
كما يوجد في المسجد الحرام حلقات العلم ، فيدرس فيه الفقه والعقيدة والحديث … وغيرها من العلوم الشرعية على طريقة أهل السنة والجماعة ، فاحرص على حضور تلك الحلقات ، والسؤال عما تحتاج إليه في دينك ، فإن تلك الحلقات قد لا تكون متيسرة في كثير من البلاد .
وحاصل ما سبق : أنه ينبغي للمسلم أن يستغل ذهابه إلى تلك الأماكن الفاضلة ، فيكثر من العمل الصالح ، من صلاة وطواف وطلب للعلم ، وقراءة قرآن وذكر ودعاء ، فالأيام قليلة والأجور لمن أخلص النية وأحسن العمل كثيرة إن شاء الله .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب