تنزيل
0 / 0

هل تجب الزكاة في العروض إذا اجتمعت نية التجارة والقنية معاً ؟

السؤال: 228685

إذا اشتريت شيئا من السلع كعقار أو سيارة وغيرها وأنوي بها الاستعمال الشخصي والتجارة ، فهل فيها زكاة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
السلع والعروض التي يقتنيها الإنسان للاستعمال والانتفاع الشخصي ، وهي التي يقال
لها “أموال القنية ” : لا زكاة فيها ، إلا إذا نوى بها التجارة .
ومن المهم في هذا الباب التفريق بين ” نية البيع ” و ” نية التجارة ” ، فنية البيع
أعم من نية التجارة .
فبيع السلع يكون لمقاصد كثيرة كالتخلص من السلعة ، أو عدم الرغبة فيها أحيانا ، أو
وجود ضائقة مالية ، أو الحاجة للنقد ، أو غير ذلك .
أما التجارة : فهي البيع بقصد التكسب والتربح .
والمعتبر في وجوب الزكاة : هو وجود نية التجارة لا مجرد نية البيع .

ثانياً :
إذا اشترى شيئاً من هذه السلع والعروض للتجارة والاستعمال معاً ، فلهذه المسالة عدة
صور:
1- أن يكون أصل شرائه العرض للقنية والانتفاع الشخصي ، ولكن في نيته إن وجد فيها
ربحاً مناسباً باعها .
كأن يشتري سيارة للاستعمال أو عقارا للسكنى ، وفي قرارة نفسه لو وجد من يشتريه منه
بربح باعه له.
فهذه لا زكاة فيها ؛ لأن نية القنية هي الأصل .
ففي “الدر المختار” (2/274): ” أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا لِلْقِنْيَةِ ، نَاوِيًا
أَنَّهُ إنْ وَجَدَ رِبْحًا بَاعَهُ : لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ ” انتهى .
وجاء في “المحيط البرهاني في الفقه النعماني”: “قال هشام: سألت محمداً [ أي محمد بن
الحسن الشيباني ] عن رجل اشترى جارية للخدمة ، وهو ينوي أنه إن أصاب ربحاً باعها .
قال: ليس فيها زكاة حتى يشتري وعزيمةُ أمره والغالب منه أن يشتريها للتجارة ” انتهى
.
وفي “عيون المسائل” للسمرقندي الحنفي (ص: 42) : ” وقَالَ هشام سألت محمداً : عن رجل
اشترى خادماً للخدمة وهو ينوي إن أصاب ربحاً باع ، هل فيها الزكاة؟
قَالَ: لا، هكذا شِرَى الناس إذا أصابوا ربحاً باعوه ” انتهى .
أي هكذا يفعل الناس عادة ، فكل إنسان لو أصاب ربحاً فيما يملك قد يبيعه ، وهذا ليس
من عروض التجارة .
قال الشيخ ابن عثيمين : ” لو كان عند إنسان عقارات لا يريد التجارة بها، ولكن لو
أُعطي ثمناً كثيراً باعها فإنها لا تكون عروض تجارة ؛ لأنه لم ينوها للتجارة ، وكل
إنسان إذا أتاه ثمن كثير فيما بيده، فالغالب أنه سيبيع ولو بيته ، أو سيارته ، أو
ما أشبه ذلك”.
انتهى من “الشرح الممتع” (6/142).

2- أن يكون أصلُ شرائه
السلعة بنية المتاجرة والتربح ، ولكنه يستعملها وينتفع بها ريثما يتم البيع.
كمن يشتري سيارة أو شقة للتجارة ، وينتفع بهما – بالسكنى أو التأجير – حتى يجد
المشتري المناسب.
فتجب فيها زكاة العروض ، لأن نية التجارة هي الأصل ، وهي لا تنافي استمتاعه
وانتفاعه بالشيء قبل البيع .
في ” حاشية ابن عابدين” (2/272) : ” عبْدُ التِّجَارَةِ : إذَا أَرَادَ أَنْ
يَسْتَخْدِمَهُ سَنَتَيْنِ فَاسْتَخْدَمَهُ فَهُوَ لِلتِّجَارَةِ عَلَى حَالِهِ
إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ التِّجَارَةِ وَيَجْعَلَهُ لِلْخِدْمَةِ
“.

3- أن تكون كلا النيتين
أساسيتين ومقصودتين ، وليست إحداهما تبعاً للأخرى.
ومثال ذلك : من يشتري شقة لتحقيق هدفين : السكنى فيها لمدة سنتين ، ثم بيعها
والتربح بها نظراً لارتفاع أسعار العقار المتزايد .
ومثله : أن تجتمع نية التأجير مع نية التجارة .
كمن اشترى عقارات بنية المتاجرة ببيعها ، وقصد تأجيرها فترة معينة قبل بيعها ، فهنا
اجتمع القصدان: القنية وهو التأجير ، والمتاجرة .
والذي عليه جمهور العلماء وجوب الزكاة في هذه الصورة ؛ لأن اقتران نية الانتفاع
بالسلعة قبل بيعها لا تُخرجها عن كونها عروض تجارة ، ما دامت نية التجارة مجزوماً
بها .
قال الشيخ ابن باز : ” وأما الأراضي المعدة للتجارة وقد تُؤجر، ففيها الزكاة كل
سنة، تقوَّم وتخرج زكاة القيمة على حسب السعر وقت التقويم” انتهى من ” مجموع فتاوى
ابن باز ” (14/168)
وقد سبق نقل كلام العلماء في هذه الصورة في جواب السؤال : (211149)
.

4- أما من يشتري شيئا من
السلع بقصد الاستعمال أو التأجير ، وفي نيته بيعها بعد ذلك لانتهاء حاجته منها أو
استبدالها بغيرها أو لغير ذلك من الأسباب : فلا زكاة عليه فيها ؛ لعدم وجود نية
التجارة والتربح بالبيع .
ومثال ذلك : مكاتب تأجير السيارات التي تشتري السيارات بقصد تأجيرها لمدة سنتين أو
ثلاث ، ثم تبيعها لتشتري غيرها من السيارات الجديدة ، فهذه ليست من عروض التجارة ،
والزكاة تكون في الغلة فقط .
ففي ” المحيط البرهاني في الفقه النعماني” (2/ 249) : ” إذا اشترى جوالق بعشرة آلاف
درهم ليؤاجرها من الناس ، فحال عليها الحول: فلا زكاة فيها؛ لأنه اشتراها للغلة لا
للتجارة ، فإن كان في رأيه أنه يبيعها آخراً: فلا عبرة لهذا ” انتهى .
والحاصل :
أن من اقتنى شيئاً من السلع بنية الاستعمال ونوى تبعاً أنه إن وجد فيه ربحا باعه :
فلا زكاة عليه .
ومن اقتنى شيئاً من السلع بنية التجارة ، واستعمله وانتفع به ريثما يتم بيعه : فتجب
فيه الزكاة كل سنة حتى يتم بيعه .
وكذلك إذا قصد الاستعمال والانتفاع لمدة محددة قبل البيع : فتجب فيها زكاة العروض ؛
لأن نية الاستعمال أولاً لا تنافي كونها مرصدةً للتجارة.
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android