أنا ملتحقة بمركز تحفيظ القرآن ، وأصوم كل اثنين وخميس ، مشكلتي أنني أدرس بيوم الخميس ، وأستحي من رائحة فمي لكوني صائمة أمام النساء ، هل يجوز أن أصوم الأربعاء بدل الخميس ؛ لأنني أريد الأجر حقاً ماذا افعل ؟
تريد أن تصوم الأربعاء تطوعا لانشغالها يوم الخميس فهل تحصل على أجر صوم الخميس؟
السؤال: 228705
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
الفضل الوارد في صوم يومي الاثنين والخميس مخصوص بهما .
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ " رواه الترمذي ( 745 ) ، والنسائي ( 2360 ) ، وصححه الألباني في " ارواء الغليل " (4/105- 106) .
ومما يؤكد هذه الخصوصية ما جاء في السنة من بيان سبب تخصيصهما بالصوم .
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ : " إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ: ( إِنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تُعْرَضُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ ) رواه أبو داود ( 2436 ) ، والنسائي ( 2358 ) بلفظ : ( ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ) ، وصححه الألباني في " ارواء الغليل " ( 4/102 – 103 ) .
فعلى هذا من صام يوماً غيرهما كأن يصوم الأربعاء بدل الخميس : فصومه جائز وله أجر ، ولكن لا يدرك الفضل الخاص بيوم الخميس .
ثانيا :
رائحة الفم ليست سبباً لترك العبادات الفاضلة ، فهذه الرائحة تحدث لكل صائم بسبب خلو المعدة من الطعام ، وقد جاء في السنة بيان فضل هذه الرائحة .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ ) رواه البخاري ( 1894 ) ، ومسلم ( 1151 ) .
فعليك أيتها الأخت أن تحافظي على هذه العبادة التي فتح الله عليك بابها ووفقك إليها .
وأما ما تجدينه من الحرج بسبب هذه الرائحة ، فيمكنك تخفيفها باستعمال السواك .
وقد سبق بيان جواز استعمال السواك للصائم في الفتوى رقم : ( 37745 ) .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
" ويستحب – السواك – كل وقت ، ويتأكد عند الصلاة والوضوء ، والانتباه من النوم ، وتغيير رائحة الفم ، ويستحب للمفطر والصائم في كل وقت لعموم الأحاديث فيه ، ولحاجة الصائم إليه ، ولأنه مرضاة للرب ، ومرضاته مطلوبة في الصوم أشد من طلبها في الفطر ، ولأنه مطهرة للفم ، والطهور للصائم من أفضل أعماله …
وليس لله غرض في التقرب إليه بالرائحة الكريهة ، ولا هي من جنس ما شُرع التعبد به ، وإنما ذُكِر طيب الخلوف عند الله يوم القيامة حثا منه على الصوم ، لا حثا على إبقاء الرائحة ، بل الصائم أحوج إلى السواك من المفطر …
وأيضا فإن السواك لا يمنع طيب الخلوف الذي يزيله السواك عند الله يوم القيامة ، بل يأتي الصائم يوم القيامة وخلوف فمه أطيب من المسك علامة على صيامه ، ولو أزاله بالسواك ، كما أن الجريح يأتي يوم القيامة ولون دم جرحه لون الدم ، وريحه ريح المسك ، وهو مأمور بإزالته في الدنيا .
وأيضا فإن الخلوف لا يزول بالسواك ، فإن سببه قائم ، وهو خلو المعدة عن الطعام ، وإنما يزول أثره ، وهو المنعقد على الأسنان واللثة " انتهى من " زاد المعاد " (4/296 – 297) .
وإذا خشيتِ أن لا يفهم من تتعاملين معه أنك صائمة ، فلا حرج في التلميح له بذلك ، أو الاعتذار عن التقارب الذي يحصل به تأذي المخاطب .
وتصريح الصائم بصومه ، عند الحاجة الشرعية إلى ذلك : جائز ، له أصل معتبر في الشرع ؛ فقد رخص لمن شاتمه غيره أو سابه : أن يقول : إني صائم .
وفي صحيح مسلم (1150) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: " إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ " .
قال النووي رحمه الله : "وفي هذا الحديث : أنه لا بأس بإظهار نوافل العبادة من الصوم والصلاة وغيرهما إذا دعت إليه حاجة .
والمستحب إخفاؤها إذا لم تكن حاجة .
وفيه الإشارة إلى حسن المعاشرة ، وإصلاح ذات البين ، وتأليف القلوب ، وحسن الاعتذار عند سببه " انتهى من "شرح مسلم" للنووي (17/28) .
وإذا تيسر لك نقل يوم دراستك إلى غير الإثنين والخميس : فهو حسن ، وأبعد لك عن الحرج ، وأقرب لأن تجمعي بين أبواب الخير التي تطلبينها .
مع التنبيه إلى أن بعض روائح الفم تظهر قوتها أثناء الصوم بسبب مرض في الأسنان غير ظاهر أو التهابات في الحلق ، فينصح بمراجعة الطبيب المختص .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة