0 / 0

هل يجوز شرب الحليب مخلوطا بالعسل ؟

السؤال: 228815

قرأت أنه لا ينبغي خلط الحليب بالعسل لأن كلاهما طعام طيب والطعام الطيب لا يُخلط مع طيب أخر، فما صحة هذا الحديث ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ورد النهي عن الخليطين في الأحاديث الصحيحة ، وألا ينتبذ زبيب وتمر [أي : لا يوضعا في الماء معاً] ، أو بُسْر [البلَح] وتمر ، أو رطب وبسر ، ونحو ذلك ، فروى مسلم (1986) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ: ” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُخْلَطَ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ، وَالْبُسْرُ وَالتَّمْرُ “
وفي رواية : (لَا تَجْمَعُوا بَيْنَ الرُّطَبِ وَالْبُسْرِ، وَبَيْنَ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ نَبِيذًا ) .
وروى أيضا (1987) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ مِنْكُمْ فَلْيَشْرَبْهُ زَبِيبًا فَرْدًا، أَوْ تَمْرًا فَرْدًا، أَوْ بُسْرًا فَرْدًا) .
وروى أيضا (1989) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ” نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ، وَالْبُسْرِ وَالتَّمْرِ، وَقَالَ: يُنْبَذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ ” .

والعلة من النهي عن ذلك : أن وجود الخليطين معا يجعل الشراب يتخمر في وقت أسرع ، فيخشى أن يشربه المسلم وهو لا يدري أنه خمر .
قال النووي رحمه الله :
” هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي النَّهْيِ عَنِ انْتِبَاذِ الْخَلِيطَيْنِ وشربهما، وهما تمر وزبيب، أو تمر وَرُطَبٌ، أَوْ تَمْرٌ وَبُسْرٌ، أَوْ رُطَبٌ وَبُسْرٌ، ….. وَنَحْوُ ذَلِكَ.
قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ: سَبَبُ الْكَرَاهَةِ فِيهِ أَنَّ الْإِسْكَارَ يُسْرِعُ إِلَيْهِ بِسَبَبِ الْخَلْطِ ، قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ طَعْمُهُ ، فَيَظُنُّ الشَّارِبُ أَنَّهُ لَيْسَ مُسْكِرًا وَيَكُونُ مُسْكِرًا .
وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الجمهور أن هذا النهى لكراهة التنزيه ، ولا يحرم ذلك ما لم يَصِرْ مُسْكِرًا، وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ بعض المالكية: هو حرام” انتهى .

وجاء في “الموسوعة الفقهية” (5/ 20):
” ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى تَحْرِيمِ الْخَلِيطَيْنِ مِنَ الأْشْيَاءِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَقْبَل الاِنْتِبَاذَ، كَالْبُسْرِ وَالرُّطَبِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَدَّا…
وَقَال الْحَنَابِلَةُ : يُكْرَهُ الْخَلِيطَانِ ، وَهُوَ أَنْ يُنْبَذَ فِي الْمَاءِ شَيْئَانِ” .

فيؤخذ من هذا أن النهي إنما هو عن الخليطين اللذين يوضعان معاً في الماء ، حتى يحلو الماء ويُشرب .
وينبني على هذا : أن خلط اللبن بالعسل لا يشمله هذا النهي ، وقد نص العلماء على هذا .

قَالَ أبو بكر ابن الْعَرَبِيِّ المالكي رحمه الله :
” وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْعَسَلَ بِاللَّبَنِ لَيْسَ بِخَلِيطَيْنِ ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ لَا ينْبذ ” .
انتهى من”فتح الباري” (10/ 69).
وينظر: “التاج والإكليل” (4/360) .

بل إن خلط العسل باللبن نافع مفيد . قال ابن القيم رحمه الله :
” وَإِذَا شُرِبَ – يعني اللبن – مَعَ الْعَسَلِ نَقَّى الْقُرُوحَ الْبَاطِنَةَ مِنَ الْأَخْلَاطِ الْعَفِنَةِ ” .
انتهى من “زاد المعاد” (4/ 353) .

ثانياً :
ما ذكره السائل من كون الطعام الطيب لا يخلط بآخر : كلام لا أصل له ، لا شرعا ولا طباً ، وخلط الطعام بالطعام ، أو الشراب بالشراب ، الأصل فيه الجواز ، إلا ما دل الدليل على منعه.
وعامة أطعمة الناس – لو تأملتها – لوجدتها أنواعاً من الأطعمة وقد خلط بعضها ببعض .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب ، وهما طعامان طيبان .
رواه البخاري (5440) ، ومسلم (2043) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android