تنزيل
0 / 0

حكم التحدث عن أمر ليس للإنسان فيه معرفة كافية.

السؤال: 228936

ما حكم التحدث عن أمر ما دون أن يكون لدى الشخص معرفة كافية به ؟ وما حكم التحدث عن أمر ما لا يتذكر المرء وقائعه بشكل جيد ؟ وما حكم التحدث عن أمر بغير علم ؟

ملخص الجواب

وعلى هذا : لا ينبغي للمسلم أن يتحدث عن أمر ليست له معرفة كافية به ، ولا عن أمر لا يتذكر وقائعه بشكل صحيح ، ولا عما لا علم له به ، ولكن يتحدث – إذا تحدث – بعلم ، وإلا ، ففي الصمت السلامة ، ولا يكلفه الله أن يتحدث بالظن الذي هو أكذب الحديث ، ولا بما لا معرفة له به كافية . وقد يحتاج المسلم أحيانا إلى التكلم بما يظنه أو لا يتذكره جيدا ، فينبغي عليه في هذه الحالة أن يبين هذا لسامعه أنه إنما يتكلم عن ظن وليس عن علم . وبالجملة : فلا يتكلم المسلم إلا بما يعلمه ، ويتجنب حديث الظن والتخمين والاحتمالات ، إلا في حدود المصلحة التي يتعين معها مثل هذا الحديث . والله تعالى أعلم .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ينبغي أن يتحرى المسلم في حديثه الصدق والأمانة ، وأن يكون حديثا مفيدا سواء في أمر الدنيا أو أمر الآخرة .
ولا يكثر من الكلام فيما لا فائدة فيه ، ولا طائل تحته ، وأن يتجنب القول بالظن ، وما لا علم له به ؛ فإن ذلك مقتضى الصدق والأمانة ، وقد أمر الله عز وجل عباده المؤمنين أن يكونوا مع الصادقين ، فقال عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة/ 119
قال ابن كثير رحمه الله :
” اصدُقوا وَالْزَمُوا الصِّدْقَ تَكُونُوا مَعَ أَهْلِهِ وَتَنْجُوَا مِنَ الْمَهَالِكِ وَيَجْعَلُ لَكُمْ فَرَجًا مِنْ أُمُورِكُمْ، وَمَخْرَجًا ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (4/ 230) .
وقال السعدي رحمه الله :
” (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، الذين أقوالهم صدق ، وأعمالهم، وأحوالهم لا تكون إلا صدقا ، خلية من الكسل والفتور، سالمة من المقاصد السيئة ، مشتملة على الإخلاص والنية الصالحة ، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة ” .
انتهى من “تفسير السعدي” (ص 355) .
وروى أبو داود (4989) ، والترمذي (1971) عن ابن مسعود قال : قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا .
وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا)وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .

ونهانا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عن الظن ، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) الحجرات/ 12 .
وروى البخاري (5143) ، ومسلم (2563) عن أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ ) .
وقال تعالى : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) الإسراء/ 36 .
قال ابن كثير رحمه الله :
” قَالَ قَتَادَةُ: لَا تَقُلْ : رَأَيْتُ ، وَلَمْ تَرَ، وَسَمِعْتُ ، وَلَمْ تُسْمِعْ ، وَعَلِمْتُ ، وَلَمْ تَعْلَمْ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُكَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ “
وَمَضْمُونُ مَا ذَكَرُوهُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَهَى عَنِ الْقَوْلِ بِلَا عِلْمٍ ، بَلْ بِالظَّنِّ الَّذِي هُوَ التَّوَهُّمُ وَالْخَيَالُ ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (5/ 75) .
وقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: ” لَا تتكلّم بِالْحَدْسِ وَالظَّنِّ ” انتهى .
“تفسير البغوي” (5/ 92) .
وقال السعدي رحمه الله :
” أي: ولا تتبع ما ليس لك به علم، بل تثبت في كل ما تقوله وتفعله، فلا تظن ذلك يذهب لا لك ولا عليك ” انتهى من “تفسير السعدي” (ص 457) .

ويتأكد النهي عن ذلك في الأمور الشرعية ، وأحكام الحلال والحرام ، فإنه لا يجوز أن يتكلم أحد في دين الله بغير علم أو بالظن والتخمين ، وقد روى الإمام أحمد (6702) عَنْ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( إِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ يُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، بَلْ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ، فَاعْمَلُوا بِهِ، وَمَا جَهِلْتُمْ مِنْهُ، فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ ) وصححه محققو المسند .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” ما علِم الإنسان كان عليه أن يتبعه ويأتم به ، فهو في حقه إمام يأتم به ، وما جهل منه كالذي يشتبه عليه ولا يعرف معناه فإنه يكله إلى عالمه ” انتهى من “بيان تلبيس الجهمية” (8/ 377) .
وانظر جواب السؤال رقم : (126198) .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android