0 / 0

عاهد والدته على الإقلاع عن التدخين ، ويريد أن يستأذنها في العودة إليه ، فهل له ذلك ؟

السؤال: 229362

عاهدت أمي على الابتعاد عن التدخين ، وأريد العودة فلا أدري هل أطلب منها الإذن لتعفيني من ذلك العهد ؟ وهل يمكن إسقاط العهود بمجرد طلب الإذن ؟ أي أليس النكث بعهد الآدمي أقل عقوبة من النكث بعهد الله ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
دلَّت نصوص الشريعة على وجوب الوفاء بالعهود ، وتحريم نقضها ، فالوفاء بالعهود والوعود من صفات المؤمنين ، وإخلافها من صفات المنافقين ، قال تعالى: ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ) الإسراء/ 34 ، وهذا يشمل العهد مع الخالق ، والعهد مع المخلوق .
قال السعدي رحمه الله : ” ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ) الذي عاهدتم الله عليه ، والذي عاهدتم الخلق عليه ” انتهى من “تفسير السعدي” (ص 457)
وينظر جواب السؤال رقم : (30861) ، والسؤال رقم : (160964) .

ثانياً :
معاهدتك والدتك على ترك التدخين مؤكد بثلاثة حقوق : حق الله ، وحق المخلوق ، وحق الوالدة في البر ، فلا يجوز نقضه ولا الإخلال به .
كما لا يجوز لك طلب الإذن منها بالتدخين ، ولا يجوز لها – إذا استأذنتها – أن تأذن لك ؛ لأن التدخين محرم ، لا يجوز فعله ، ولا استئذان أحد لفعله ، ولا الإذن بفعله لأحد .

ثالثاً :
إذا كان العهد متعلقاً بحق الطرف الآخر ، غير متعلق بحقِّ غيره ، وليس في نقضه مخالفة للشرع : جاز إسقاطه .
قال الشاطبي رحمه الله : ” كُلُّ مَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ ؛ فَلَا خِيَرَةَ فِيهِ لِلْمُكَلَّفِ عَلَى حَال ٍ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ حَقِّ الْعَبْدِ فِي نَفْسِهِ ؛ فَلَهُ فِيهِ الْخِيَرَةُ ” انتهى من “الموافقات” (3/101) .
وهذا لا ينطبق على سؤالك ؛ لأن التدخين محرم لحق الله تعالى ، فلا يملك أحد أن يسقطه ولا أن يأذن فيه .

رابعاً :
لا شك أن العهد مع الله آكد وأوثق من العهد مع الناس ، ويظهر الفرق بين العهدين فيما يلي :
– العهد مع الله حكمه حكم النذر ، إذا قصد به المكلف إلزام نفسه بطاعة وقربة ، كأن يقول : أعاهد الله أن أصلي ركعتين ، أو : أعاهد الله أن أختم القرآن كل شهر .
وأما إذا لم يكن المقصود بالعهد : القربة والطاعة ، وإنما المنع أو الحث ، فهذا حكمه حكم اليمين .
وينظر السؤال رقم : (187335).
أما العهد مع الناس : فليس بنذر ولا بيمين .

– يلزم الوفاء بالعهد مع الله ، أما العهد مع الناس : فقد يلزم الوفاء به ، وقد يسقطه الطرف الآخر فيسقط .
والخلاصة :
أنه لا يجوز لك استئذان والدتك في العودة إلى التدخين ، ولا يجوز لها أن تأذن لك ؛ لأن ترك التدخين واجب لحق الله تعالى ، وقد أكدتَ ذلك الحق بمعاهدتك لوالدتك ، فلا يجوز لك نقض هذا العهد ، ولا يجوز لها موافقتك على العودة إلى المعصية ، ومخالفة أمر الله .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android