عرضت عليَّ شركة ” *** ” لوضع برج جوال ، هل هذا حلال ؟ خاصة في الآونة الأخيرة سمعت بعضهم يقول : إن فيها ضرراً ، وآخر يقول : لا ضرر ، علماً أنهم يعطون مبلغاً سنويّاً للإيجار ، هل هذا المبلغ حلال لي أم حرام لأن فيه مضرة ؟ علماً أن الأرض الآن بعيدة عن النطاق العمراني ، ويمكن بعد عشرين سنة يأتي العمران ، الآن استراحات فقط .
هل يجوز تأجير أرض أو عمارة لشركة اتصالات لإقامة أبراجها عليها ؟
السؤال: 231854
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يُعرف حكم تأجير صاحب الأرض أرضَه لشركة اتصالات لإقامة أبراجها عليها : بالوقوف على أمرين :
الأول : طبيعة خدمات هذه الشركة .
الثاني : معرفة الضرر الذي تسببه هذه الأبراج على السكان المحيطين بها ، وعلى الأرض المحيطة بها ، كأن تكون أرضاً زراعية ، تنتج محاصيل يأكلها الناس ، أو أرضاً تربَّى فيها حيوانات مأكولة .
فإن كانت شركة الاتصالات تلك تنقل خدمات محرمة سواء كانت صوتية أو مرئية من نوع الأغاني والموسيقى مثلا ، أو برامج السحر والميسر ، أو التبرج والسفور : فإن تمكين الشركة من إقامة أبراجها على تلك الأرض : يكون مشاركة لها في أفعالها المحرَّمة ، ويكون من التعاون على الإثم والعدوان ، والكسب الناتج من تأجير الأرض : كسب محرَّم .
وإن خلت شركة الاتصالات من شيء من تلك المحرمات – وغيرها مما هو معروف من أدلة الشرع وقواعده – : فيُنظر إلى الجهة الأخرى ، وهو الضرر الذي تسببه تلك الأبراج على السكان المحيطين بها .
وقد اختلف أهل الاختصاص في ذلك ، فمنهم من يثبت وجوده ، ومنهم من ينفيه ، وهم الأكثر ، ومَن يثبته يختلفون في المدى الذي يصل إليه ضرر تلك الأبراج ، وقد اختلفوا – كذلك – في طبيعة ما تحدثه تلك الأبراج من ضرر .
والأصل في تحريم الضرر بالنفس وبالآخرين أدلة كثيرة ، وقواعد في الشرع متفق عليها ، ومن ذلك :
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ ( لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ ) رواه ابن ماجه ( 2314 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح ابن ماجه ” .
ويجب أن يُعلم أن تحديد كون الشيء مضرّاً إنما مرجعه لأهل الاختصاص بالشيء المدَّعى أن فيه ضرراً .
قال ابن فرحون المالكي – رحمه الله – :
” وَلَيْسَ تَنْفُذُ شَهَادَةٌ بِالضَّرَرِ فِيمَا لَمْ يَرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ ضَرَرًا” انتهى من ” تبصرة الحكام ” (2/349).
وبالنظر في مسألتنا هذه : فإن أكثر المنظمات الصحية ، والمؤسسات البحثية تنفي وجود ضرر في تلك الأبراج المقوية للإرسال ، وهو رأي لجنة مختصة تكونت بأمر أمير الرياض ، بعد شكوى مواطنين على تلك الأبراج ، وزعمهم أنها تسبب أمراضاً ، وقد ذكرت تلك اللجنة خلاصة تقارير أهل الاختصاص ، ومنها :
أ . تقرير منظمة الصحة العالمية التي أشارت فيه إلى ” إن الأبحاث الحديثة التي تم إجراؤها لم تجزم بأن التعرض للموجات اللاسلكية المنبعثة من الهواتف الجوالة ، والمحطات القاعدية تؤدي إلى مخاطر صحية ، إلا أن هناك نقصاً في بعض المعلومات ، وتتطلب المزيد من البحوث للمساعدة في تقييم المخاطر الصحية بصورة أفضل ، وسوف تستغرق ما بين الثلاث إلى أربع سنوات لاستكمال هذه الأبحاث ، وتقويمها ، ونشر المعلومات عن أية أخطار صحية ” .
ب. تقرير الجمعية الملكية في كندا التي أشارت فيه إلى أنه ” حتى الآن لا يوجد دليل على حدوث زيادة مستمرة في المخاطر الصحية بسبب التعرض للموجات.
ومن الواضح أن شدة هذه الموجات المنبعثة من محطات الاتصالات اللاسلكية ضعيفة بدرجة تجعل من غير المتوقع حدوث مخاطر على الصحة عند تعرض العامة لها ” .
وخلصت اللجنة إلى هذه النتيجة :
بالإشارة الى ما ذُكر أعلاه : فترى اللجنة : أن الدراسات ، والأبحاث العلمية التي أُجريت حتى الآن ، توصلت إلى أنه لا يوجد دليل علمي على أن الموجات اللاسلكية الخاصة بالجوال قد تؤدي إلى مرض السرطان أو غيره ، ولا يزال هناك العديد من الدراسات التي تجري في معامل ، ومختبرات جهات مختلفة من العالم حول هذا الموضوع ، وهذا ما تم التوصل اليه.
انتهى
ينظر كامل الموضوع في ” جريدة الرياض ” عدد رقم : (13796) ، الأحد 4 ربيع الأول 1427هـ ، 2 أبريل 2006 م .
http://www.alriyadh.com/2006/04/02/article143080.html
وعليه :
فإن كانت الأرض المؤجرة لإقامة الأبراج عليها لا تسبب لأحدٍ حولها – من سكان ومزروعات وحيوانات – ضرراً ، وكانت الشركة تخلو خدماتها من أشياء محرَّمة : فإنه يجوز تأجير الأرض لها ، ولا حرج على صاحبها من اكتساب المال من ذلك التأجير .
وهذا الجواب لا يختص بشركة معينة ، فكل مؤجر في بلده عليه النظر في طبيعة خدمات شركة الاتصالات التي ترغب باستئجار عمارته ، أو أرضه لنصب أبراجها ، كما عليه سؤال أهل الاختصاص في بلده عن أبراج تلك الشركة ، ومدى ما تحدثه من أضرار ، فالشركات تختلف من واحدة لأخرى في طبيعة أبراجها ، وتطورها ، والدول تختلف من واحدة لأخرى في قوانين الحماية قبل ترخيص إقامة تلك الأبراج ، والدراسات مستمرة في هذا الباب ، وقد يتأكد وجود ضرر من تلك الأبراج فيما بعد ، ويتفق على ذلك .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب