0 / 0

نذرت الصدقة براتب ابنتها ، فماذا يلزمها ؟

السؤال: 236243

نذرت أمى إخراج أول مرتب لى كله لله فهل يمكن تجزئته ؟
بمعنى إن كان المرتب 1500 جنيها ، فهل يمكن تجزئته على مدار ثلاثة شهور كل شهر أخرج 500 جنيها ، أم يجب إخراجه كله كما جاء بالنذر ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
إذا نذر الإنسان التصدق بمال غيره – ولو كان ابنه – فهو من باب ” نذر ما لا يملك”.
وقد صحت السنة النبوية في أن مثل هذا النذر باطل ، وغيرُ لازم ، ولا عبرة به .
عنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ) رواه البخاري (6047) ، ومسلم (110) .
قال المناوي : ” أَي لَو نذر عتق من لَا يملكهُ ، أَو التَّضْحِيَة بِشَاة غَيره ، وَنَحْو ذَلِك : لم يلْزمه الْوَفَاء بِهِ ، وإن دخل فِي ملكه ” انتهى من “التيسير بشرح الجامع الصغير” (2/325).
وفي “مرقاة المفاتيح” (6/2236) : ” وفي رواية : ولا نذر فيما لا يملك ، أي : لا صحة له ، ولا عبرة به ” انتهى .

ثانياً :
من نذر نذراً في شيء مملوك لغيره ، فلا يلزم صاحب الملك شيءٌ ، كما لا يلزم الناذر شيءٌ ؛ لأن هذا النذر لغو لا أثر له ، وليس فيه كفارة يمين .
ويدل على ذلك ما رواه مسلم في صحيحه (1641) من حديث عمران بن حصين : ” أن امرأة من الأنصار أُسرت مع ناقة النبي صلى الله عليه وسلم العضباء ، فهربت من الأسر على تلك الناقة وَنَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا ، فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ رَآهَا النَّاسُ، فَقَالُوا: الْعَضْبَاءُ نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَقَالَتْ : إِنَّهَا نَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا.
فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: ( سُبْحَانَ اللهِ ، بِئْسَمَا جَزَتْهَا ، نَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا ! لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَة ٍ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ ).

ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطل نذرها ، ولم يرتب عليه شيئاً في حقه أو حقها.
قال أبو العباس القرطبي : ” إذ لو كان هنالك حكم لبيَّنه للمرأة ؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ” انتهى من “المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم” (15/ 62) .
وقال النووي : ” لَا يَصِحُّ النَّذْرُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ، وَلَا يَلْزَمُ بِهَذَا النَّذْرِ شَيْءٌ ” .
انتهى من “شرح صحيح مسلم” (2/125).

ثالثا :
اختلف العلماء فيمن نذر شيئا معينا لا يملكه : هل تجب عليه كفارة يمين أم لا ؟
قال ابن الملقن :
” وهل يجب عليه فيه كفارة يمين ؟
قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وداود والجمهور: لا ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا نذر في معصية ولا فيما لا يملك العبد) رواه مسلم من حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه .
وهو محمول على ما إذا أضاف النذر إلى معين ، ولا يملكه ، بأن قال: إن شفى الله مريضي فللَّه علي أن أعتق عبد فلان ، أو أتصدق بثوبه أو بداره أو نحو ذلك .
فأما إذا التزم في الذمة شيئا لا يملكه : فيصح نذره ، كإن شفى الله مريضي ، فللَّه علي عتق رقبة ، وهو في ذلك الحال لا يملك شيئًا.
وقال أحمد: يجب في النذر في المعصية ونحوها : كفارة يمين ، وفيه حديث من طريق عمران بن حصين وعائشة: ( لا نذر في معصية ، وكفارته كفارة يمين) ، لكنه حديث ضعيف باتفاق المحدثين، كما نقله النووي في شرح مسلم” انتهى من “الإعلام بفوائد عمدة الأحكام” (9/303).
وقال الشيخ عبد الله البسام : ” الحديث يدل على أن النذر لا يصح ، ولا ينعقد في شيء لا يملكه الناذر حين نذره ، حتى ولو ملكه بعده ، فلا يلزمه الوفاء به ، ولا كفارة عليه “.
انتهى من “توضيح الأحكام ” (5/ 514).

والحاصل :
أن النذر الذي نذرته والدتك لم ينعقد ، ولا يترتب عليه شيء ، والأحوط أن تخرج كفارة يمين مراعاة لمن أوجب ذلك من أهل العلم .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android