هل يُعتبر الطفل غير الشرعي هبة من الله ؟
هل يُعَدُّ الطفل غير الشرعي هبة من الله ؟
السؤال: 237909
ملخص الجواب
والحاصل : أن مثل هذه المرأة ، إذا ابتليت بهذا الذنب ، وكان من أمرها ما كان ، ثم إنها تابت إلى الله الرحمن الرحيم ، توبة نصوحا ، ولازمت الأعمال الصالحة : فإنها تكون من أهل هذه الآية الكريمة ، بإذن الله الرحمن الرحيم . فلتجتهد هي في تربية ولدها على طاعة الله تعالى ، ولتنشئه على تقوى الله تعالى ومرضاته ، وساعتها يكون كل عمل صالح يقوم به هذا الولد في ميزان حسناتها ، إن شاء الله ، ويصبح هذا الولد نعمة لها ، وتصير المحنة ، منحة بكرم أرحم الراحمين . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى ، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا ) رواه مسلم ( 2674 ) . قال النووي رحمه الله تعالى : " من دعا إلى هدى كان له مثل أجور متابعيه ، أو إلى ضلالة كان عليه مثل آثام تابعيه ، سواء كان ذلك الهدى والضلالة : هو الذي ابتدأه ، أم كان مسبوقا إليه ، وسواء كان ذلك تعليم علم أو عبادة أو أدب أو غير ذلك " انتهى من " شرح صحيح مسلم " ( 16 / 227 ) . وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ : إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم ( 1631 ) . والله أعلم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ولد الزنا : قد يكون ابتلاء من الله تعالى لهذه المرأة ؛ لأنها ستتحمل همه وفضيحته ، ولأن الولد من الزنا قد يكون مظنة الفساد .
فجانب البلاء والمحنة بولد الزنا ، أظهر من جانب النعمة والهبة فيه ، كما هو معلوم ، ومشاهد من أحوال الناس .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” وإنما يذم ولد الزنا لأنه مظنة أن يعمل عملا خبيثا ، كما يقع كثيرا ، كما تحمد الأنساب الفاضلة لأنها مظنة عمل الخير ؛ فأما إذا ظهر العمل فالجزاء عليه ، وأكرم الخلق عند الله أتقاهم ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” ( 4 / 312 ) .
ومن رحمة الله تعالى ولطفه بعباده أنه جعل باب التوبة مفتوحا لكل صاحب جريمة مهما عظمت جريمته .
فالابتلاء الحاصل للمرأة الزانية بحملها من الزنا ، بإمكانها بإذن الله تعالى وتوفيقه ، إذا تابت واجتهدت في الطاعات وتربية هذا الولد على الفضائل : أن ينقلب ذلك إلى نعم لها في الدنيا والآخرة .
قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ، إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) الفرقان / 68 – 70.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى :
” في معنى قوله : ( يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ) قولان :
أحدهما: أنهم بدلوا مكان عمل السيئات بعمل الحسنات ، قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ) قال : هم المؤمنون ، كانوا من قبل إيمانهم على السيئات ، فرغب الله بهم عن ذلك ، فحولهم إلى الحسنات ، فأبدلهم مكان السيئات الحسنات…
وقال عطاء بن أبي رباح : هذا في الدنيا ، يكون الرجل على هيئة قبيحة ، ثم يبدله الله بها خيرا…
وقال الحسن البصري: أبدلهم الله بالعمل السيئ ، العمل الصالح ، وأبدلهم بالشرك إخلاصا ، وأبدلهم بالفجور إحصانا وبالكفر إسلاما…
والقول الثاني: أن تلك السيئات الماضية : تنقلب بنفس التوبة النصوح حسنات ، وما ذاك إلا أنه كلما تذكر ما مضى : ندم واسترجع واستغفر ، فينقلب الذنب طاعة بهذا الاعتبار .
فيوم القيامة ، وإن وجده مكتوبا عليه ؛ لكنه لا يضره ، وينقلب حسنة في صحيفته ، كما ثبتت السنة بذلك ، وصحت به الآثار المروية عن السلف رحمهم الله تعالى …
عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار، وآخر أهل الجنة دخولا إلى الجنة : يؤتى برجل فيقول : نَحّوا كبار ذنوبه ، وسلوه عن صغارها ، قال : فيقال له : عملت يوم كذا وكذا كذا ، وعملت يوم كذا وكذا كذا ؟ فيقول : نعم – لا يستطيع أن ينكر من ذلك شيئا –
فيقال : فإن لك بكل سيئة حسنة . فيقول : يا رب ، عملت أشياء لا أراها هاهنا ” . قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ) ” .
انتهى من ” تفسير ابن كثير ” ( 6 / 127 – 128 ) .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب