1- لقد مات ابني في بطني وهو لا يزال في شهره الثاني ونصف ـ قدر الله وما شاء فعل ـ وأردت أن أعرف : إن كان يمكن أن يكون شفيعا لي يوم القيامة ؟
2- في بلادنا يقال : إن المرأة الحامل عندما تشتهي شيئا ما ، فلابد من تلبيتها ، وإلا ، فإن هذه الشهوة قد تبدو في أحد أعضاء المولود , فهل يصح ذلك شرعا ؟
سقط له شهران ونصف هل يشفع في والديه ؟ وهل الوحم يؤثر على جلد الوليد ؟
السؤال: 238024
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
نفخ الروح في الجنين يكون بعد أربعة أشهر من الحمل .
فعن عَبْد اللهِ بْن مَسْعُودٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ ، قَالَ: ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا ، يُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ ، وَيُقَالُ لَهُ : اكْتُبْ عَمَلَهُ ، وَرِزْقَهُ ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ … ) رواه البخاري (3208) ، ومسلم (2643) .
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى :
” اختلفت ألفاظ هذا الحديث فى مواضع ، ولم يختلف أن نفخ الروح فيه بعد مائة وعشرين يوما ، وذلك تمام أربعة أشهر ودخوله في الخامس ” انتهى من” إكمال المعلم ” (8 / 123 – 124).
وقال النووي رحمه الله تعالى :
” واتفق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر ” .
انتهى من ” شرح صحيح مسلم ” (16 / 191) .
وهذا يدلّ على أن الحمل لا يصبح إنسانا إلا بعد أربعة أشهر ، أما قبلها فهو بداية خلق إنسان وليس إنسانا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في ” الشرح الممتع على زاد المستقنع ” (5 / 296) :
” ( والسِّقْطُ إِذَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ : غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ …) :
وإنما قيده ببلوغ أربعة أشهر؛ لأنه قبل ذلك ليس بإنسان ، إذ لا يكون إنساناً حتى يمضي عليه أربعة أشهر ، ودليل ذلك : حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ….
وذكر الحديث المتقدم ثم قال : وعلى هذا فهو قبل هذه المدة يكون جماداً قطعة لحم يدفن في أي مكان بدون تغسيل ، وتكفين ، وصلاة ، لكن بعد أربعة أشهر يكون إنسانا ” انتهى .
وعلى هذا : فالحمل الذي له شهران ونصف ، لم تنفخ فيه الروح بعد وليس بإنسان ، وإنما هو قطعة من اللحم ، فلا تثبت له أحكام الأولاد الصغار .
وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ، رحمه الله :
” إذا أسقطت المرأة حملها قبل أن تنفخ فيه الروح، هل هذا السقط ينفع والديه يوم القيامة؟ جزاكم الله خيرا ” .
فأجاب :
” قبل أربعة أشهر : لا يسمى ولداً، إنما يسمى ولد بعد الأربعة ، بعد نفخ الروح فيه ، يغسل ويصلى عليه ، ويعتبر طفلاً ترجى شفاعته لوالديه .
أما قبل ذلك : فليس بإنسان ، وليس بميت ، ولا يعتبر طفلاً ، ولا يغسل ولا يصلى عليه ، ولو كان لحمةً فيها تخطيط .
ولا يجوز لها إسقاطه ، ليس للمرأة أن تسقطه ، إلا في الأربعين الأولى إذا دعت الحاجة إلى ذلك كالعجز، في الأربعين الأولى : لا بأس إذا دعت الحاجة إلى هذا الشيء ؛ المصلحة الشرعية ” .
انتهى من “فتاوى نور على الدرب” .
http://www.binbaz.org.sa/node/17593
لكن هذا لا يعني أن الحامل التي فقدت جنينها قبل نفخ الروح فيه لا تؤجر على مصيبتها هذه ، فإذا صبرت واحتسبت فإنّ لها أجرا عظيما ، كما وعد الله تعالى بذلك ؛ حيث قال سبحانه وتعالى : ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة /155 – 157 .
وقال سبحانه وتعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر /10 .
ولعل الله أن يأجرك على ما أصابك من الألم والتعب ، وفوات ما كنت تؤملينه من الولد ، فصبرك واحتسابك لذلك : ربما يكون لك به من الأجر فوق أجر شفاعة السقط لأبويه ، وفضل الله واسع على عباده .
ثانيا :
إذا اشتهت الحامل شيئا زائدا على نفقتها الواجبة ، فإنه يندب للزوج شرعا أن يلبي لها ما اشتهته إذا كان ذلك ممكنا شرعا وقدرة لأنه من المعاشرة بالمعروف ومن الإحسان الذي حث عليه الشرع.
أما تأثير الوحم على جلد الجنين ، فلا يعلم له دليل ولا أصل في الكتاب والسنة ، ولا يعلم ـ كذلك ـ له أصلا من ناحية الطب ؛ بل بعض أهل الطب يجزم بنفيه ، فالله أعلم بذلك .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب