اتفقا على إعطائه نصيبه من المحل عوضا عن مال فهل له الرجوع ؟
السؤال: 238238
أنا لم أكن أصلى ، وكنت شريكا لأخي فى شقة ، وكتبنا عقدا أن أبيع له نصيبي فى الشقة إلى أخى ، وقال لى : سنضع شرطا جزائيا 100 ألف جنيها ، فوافقت ، وجلس هو يكتب العقد ، ثم جاء به ، فقمت بالتوقيع على العقد ، هو وضع من شروط هذا العقد عدم تعديل العقد ، بعدها بعدة أيام أحببت أن أعدل فى العقد ، مع العلم أنه يوجد ثلاث احتمالات ؛ الأول : أننى لم أقرأ العقد عندما قمت بالتوقيع .
والاحتمال الثانى : أنى قرأت شرط عدم تعديل العقد ، ولكنى نسيت .
الاحتمال الثالث : أننى ما اعتقدت وجود هذا الشرط لما كلمته فى التعديل .
أريد الرد عليه ، أنا أعلم حديث النبي صلى الله وعليه وسلم أن الله تجاوز عن أمتى الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه عليه ، وأنا فى هذا الوقت لم أكن أصلى ، فأريد الرد عليه فى الحالتين .
الأولى : من يرى أن تارك الصلاة كافر .
والثانية : من يرى أن تارك الصلاة ليس بكافر .
وهناك شيء آخر وهو ؛ أننى ذهبت لأخي ، وأنا اعتقد أننى وقعت فى الشرط الجزائي ، وقلت لأخى : خذ نصيبي فى المحل مقابل الشرط الجزائى .
وهو الآن لم يقبض المحل ، فهل لى الرجوع الآن ، واقول له : لو أن له عندي الشرط الجزائى سوف أعطيك المال فيما بعد أم أن المحل دخل فى ملكيته ؟
أنا فى هذا الوقت لم أكن أصلى فأريد الرد عليه فى الحالتين :
الأولى : من يرى أن تارك الصلاة كافر .
والثانية : من يرى أن تارك الصلاة ليس بكافر .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
نحمد الله تعالى أن هداك ووفقك لأداء الصلاة ، فإن الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد
الشهادتين، والراجح أن تاركها- ولو تكاسلا- كافر؛ لأدلة كثيرة، سبق بيان بعضها في جواب السؤال
رقم 🙁5208) .
واعلم أن هذه المسألة لا أثر لها على عقد البيع ، فسواء كنت مسلما أو كافرا، فإن
العقد المستوفي لشروطه وأركانه ماض ، ويلزمك ما فيه من الشروط، وقد كان النبي صلى
الله عليه وسلم وأصحابه يتعاملون مع غير المسلمين بالبيع والشراء وغيرهما ويلتزمون
لهم بما تقتضيه هذه العقود .
ثانيا:
إذا اتفقت مع أخيك على إعطائه نصيبك من المحل بدلا عن المال ، وقبِل ذلك، وتفرقتما
من المجلس ، فهذا له حكم البيع ، وهو لازم ، ولا يتوقف على القبض، وليس لك الرجوع
إلا برضاه، وهو ما يسمى بالإقالة، وقد ندب الشارع إلى قبولها، كما روى أبو داود
(3460) ، وابن ماجه (2199) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ
عَثْرَتَهُ) وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود ” .
فالبيع من العقود اللازمة التي لا رجوع فيها إلا برضا الطرفين .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” قوله: عقد لازم أي لا يمكن فسخه إلا لسبب ؛
وذلك أن العقود تنقسم إلى ثلاثة أقسام: عقود جائزة من الطرفين ، وعقود لازمة من
الطرفين ، وعقود لازمة من طرف جائزة من طرف آخر، وذلك إذا كان العقد حقا لأحدهما
على أحدهما، فهو لمن هو له جائز، ولمن هو عليه لازم.
فالبيع لازم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فقد وجب البيع ، والوكالة عقد جائز
من الطرفين لكل من الوكيل أو الموكل الفسخ، والكتابة أي: كتابة العبد وهو شراء نفسه
من سيده عقد لازم من جهة السيد وجائز من جهة العبد، والرهن عقد جائز من جهة
المرتهن، ولازم من جهة الراهن.
والإجارة عقد لازم ؛ وذلك لأنها نوع من البيع ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا ثم ذكر أنهما إذا تفرقا
ولم يترك أحدهما البيع فقد وجب البيع ” انتهى من “الشرح الممتع ” (10/64).
ثالثا :
الشرط الجزائي في غير الديون: شرط صحيح يجب الوفاء به، وقد جاء في ” قرار مجمع
الفقه الإسلامي ” بخصوصه ما يلي: ” يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود
المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا ؛ فإن هذا من الربا
الصريح ” .
وينظر: نص القرار بتمامه في جواب السؤال رقم : (112090) .
قال البخاري في صحيحه: ” وقال ابن عون عن ابن سيرين : قال رجل لكريه : أدخل ركابك ،
فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا ، فلك مائة درهم ، فلم يخرج ، فقال شريح : من شرط على
نفسه طائعا غير مكره فهو عليه . وقال أيوب عن ابن سيرين إن رجلا باع طعاما وقال إن
لم آتك الأربعاء فليس بينى وبينك بيع ، فلم يجئ ، فقال شريح للمشترى: أنت أخلفت ،
فقضى عليه ” انتهى من ” صحيح البخاري ” ، كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط
والثنيا في الإقرار.
وعليه فالشرط الذي يتم بين المتبايعيين على أن من رجع في البيع يلزمه كذا من
المال، هو شرط صحيح ملزم ، ما لم يكن له عذر شرعي في الرجوع كوجود عيب في المبيع،
أو غَبْن معتبر.
رابعا:
إذا تم عقد البيع بما اتفق عليه الطرفان من شروط ، وتفرقا على ذلك : فلا يجوز لأي
منهما فسخ البيع ، أو تعديل الشروط ، إلا بموافقة الطرف الآخر ، إلا إذا كان هناك
سبب شرعي للفسخ ، ككون المبيع معيبا ونحو ذلك .
وبناء على هذا ، فسواء قرأت شرط التعديل ، أم لم تقرأه ، بل سواء كتب هذا الشرط أم
لم يكتب : فلا يجوز لك التعديل في العقد إلا بموافقة أخيك .
فإن لم يعجبك شيء من شروط العقد ، وأردت تعديله : فليس لك إلا التفاهم مع أخيك ،
والتصالح معه حول ذلك .
فإن رفض أخوك : فإما أن تمضي العقد على ما هو عليه ، والتفريط والتقصير منك ، أنك
لم تقرأ العقد وشروطه جيدا .
وإما أن تفسخ العقد وتلتزم بالشرط الجزائي الذي وضع فيه ، أو تتصالح مع أخيك على
شيء منه ، إن قبل ذلك .
على أنه : إذا كان الشرط كثيرا عرفا، يراد به التهديد، وإلزام الطرف الآخر
بالجدية في العقد : فالواجب تعديله بما يراه أهل الخبرة ملائما في مثل ذلك .
جاء في ” قرار هيئة كبار العلماء ” في هذا الخصوص : ” وإذا كان الشرط الجزائي
كثيراً عرفاً بحيث يراد به التهديد المالي ، ويكون بعيداً عن مقتضى القواعد الشرعية
، فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف ، على حسب ما فات من منفعة ، أو لحق من
مضرة .
ويرجع تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر ” .
انتهى من “فقه النوازل” (3/75).
ونصيحتنا أن تتفاهم مع أخيك ، وأن تراعيا ما بينكما من الأخوة والرحم ، فإن ذلك
أبقى وأنفع من حطام الدنيا الزائل ، ونوصيك بالحذر من الوسوسة ، فإنها داء وشر،
وخير علاج لها هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها .
وقد أجبنا على سؤالك بحسب ما فهمنا منه، والأولى أن تشافه به أحدا من أهل العلم.
والله أعلم.
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة