تنزيل
0 / 0
26,53526/10/2015

دعا الله ألا يرزقه مالا ولا ولدا مقابل أن يغفر له

السؤال: 238371

موضوعي باختصار أني قبل سنتين كنت قد تبت إلى الله ، وكان من دعائي أن يا رب اغفر لي ، وتب علي ولا ترزقني مالا ولا ولد ، قصدت هذا مقابل هذا . الآن ولوجود مشكلة في الإنجاب لدي ، إضافة إلى أني عاطل عن العمل أفكر دائما أن هذا من دعائي فسؤالي : هل ما أفكر به صحيح ؟ أم أن هذا النوع من الدعاء لا يجوز ؟

ملخص الجواب

الواجب عليك الآن : التوبة إلى الله تعالى ، وعدم الدعاء بمثل هذا مرة أخرى ، وأن تكثر من الدعاء بالخير ، وأن تسأل الله تعالى بأن يرزقك المال والولد ، فربما كان ما أصابك من عدم الإنجاب ، وعدم الحصول على عمل نتيجة هذا الدعاء الذي دعوت به ، ولكن لا يلزم من هذا أنك ستحرم من الرزق والولد طيلة عمرك ، فربما كان ابتلاء من الله وتضييق ؛ لتعلم أنك أخطأت بما فعلت ، ولتعلم أنه لا رازق إلا هو سبحانه ، ولا يهب البنين والبنات إلا هو سبحانه ..

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

اعلم – يا عبد الله – أن الله تعالى يرزق كل الناس مؤمنهم وكافرهم بدون حساب وبدون مقابل ، ولا ينقص ذلك من ملكه شيئًا .
ويهب لمن يشاء البنين والبنات ، بدون مقابل .
ويغفر لمن تاب إليه ولو كان من أعتى المجرمين .
ويعفو عمن طلب عفوه ولو كان من أعصى العصاة .
ولا يحرم أحدًا رزقًا أو ولدًا مقابل أن يغفر له أو يعفو عنه ، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا .
واستمع ـ يا عبد الله ـ إلى هذا الحديث الجليل ، الذي تهتز له قلوب أهل الإيمان :
روى مسلم في صحيحه (2577) عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:
( يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا .
يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ .
يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ ، إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ .
يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ، إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ .
يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ .
يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي ، فَتَضُرُّونِي ، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي، فَتَنْفَعُونِي .
يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ ، كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا .
يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ ، كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا .
يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ ، قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي ، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي ، إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ .
يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا ، فَلْيَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ ).
قَالَ سَعِيدٌ : كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ ، إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ !!
وحينئذ ، نقول لك ـ يا عبد الله ـ : إن التفكير بأن الله تعالى يستجيب للعبد أو يغفر له إذا كان هذا مقابل أن يحرمه الرزق أو الولد أو نحو ذلك : تفكير خاطئ ، واعتداء في الدعاء ، وهو من سوء الظن بالله ، وعدم قدره حق قدره ؛ فلا يجوز لمسلم أن يفكر فيه ، أو أن يدعو به .
هذا فضلا عن أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قد نهى عن دعاء الإنسان على نفسه .
فقال صلى الله عليه وسلم: ( لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ ) رواه مسلم .
وقال أيضًا : ( لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ ) رواه مسلم.
وجاء عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه : ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ رَجُلا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ ، فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ، أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ ؟ ) ، قَالَ : نَعَمْ ، كُنْتُ أَقُولُ : اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سُبْحَانَ اللَّهِ ! لَا تُطِيقُهُ ، أَوْ لَا تَسْتَطِيعُهُ ، أَفَلَا قُلْتَ : اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) ، قَالَ : فَدَعَا اللَّهَ لَهُ ، فَشَفَاهُ ” رواه مسلم.
لذلك قد يكون ما أنت فيه الآن من عدم الإنجاب ، وعدم الحصول على عمل : نتيجة هذا الدعاء الذي دعوت به ، والله أعلم بالغيوب ، وما يكون من أمر قضائه وقدره .
ولكن لا يلزم من هذا أنك ستحرم من الرزق والولد طيلة عمرك ، إذ الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى ، ولكن لعل الله تعالى أراد أن يضيق عليك ؛ لتعلم أنك أخطأت بما فعلت ، ولتعلم أنه لا رازق إلا هو سبحانه ، ولا يهب البنين والبنات إلا هو سبحانه .
والواجب عليك الآن هو : التوبة إلى الله تعالى ، وعدم الدعاء بمثل هذا مرة أخرى ، وأن تكثر من الدعاء بالخير ، وأن تسأل الله تعالى بأن يرزقك المال والولد .
واعلم أن الله يحب أن يسأله عبدُه ، ويغضب على من لم يسأله ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّهُ مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ ) أخرجه الترمذي في ” سننه” (3373) ، والبخاري في “الأدب المفرد” (2/114) وحسنه السيوطي في “الجامع الصغير” ، والشيخ الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” (2654) .
وأكثر من الاستغفار ، فإنه سبب في كثرة المال والولد ، قال الله تعالى : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح/10 – 12 ، وراجع الفتوى رقم : (39775).
ونسأل الله تعالى أن يرزقك المال والولد ، وأن يعفو عنك ويصلح شأنك.

 والحاصل:

 أن الواجب عليك الآن هو : التوبة إلى الله تعالى ، وعدم الدعاء بمثل هذا مرة أخرى ، وأن تكثر من الدعاء بالخير ، وأن تسأل الله تعالى بأن يرزقك المال والولد ، فربما كان ما أصابك من عدم الإنجاب ، وعدم الحصول على عمل نتيجة هذا الدعاء الذي دعوت به ، ولكن لا يلزم من هذا أنك ستحرم من الرزق والولد طيلة عمرك ، فربما كان ابتلاء من الله وتضييق ؛ لتعلم أنك أخطأت بما فعلت ، ولتعلم أنه لا رازق إلا هو سبحانه ، ولا يهب البنين والبنات إلا هو سبحانه .. 

 والله أعلم 

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android