تنزيل
0 / 0
12,63814/11/2015

هل يستحب ترك المحرم تحريم الذرائع عند وجود الحاجة ؟

السؤال: 238435

ذكرتم لي في إحدى فتاويكم قاعدة “ما حرّم تحريم الوسائل يباح عند الحاجة ” فهل يمكننا القول رغم الإباحة إلاّ أنّه يستحبّ ترك المحرم تحريم الوسائل رغم الحاجة الرّاجحة ؟
أم أنّ كلّ حالة بحسبها ، فمثلا قضيّتي هي وجود الإختلاط في كلّ الأماكن الدّراسية والعملية ، فهل إذا دخل المسلم إلى الجامعة أو أماكن العمل بنيّة إفادة المسلمين كتوفير المسلمين الصّالحين الأقوياء في المجتمع ، والّذين يحاولون جادّين إن شاء الله تخفيف الإختلاط من خلال قوّتهم ودعوتهم ، مع الإلتزام الجاد بالضّوابط من غضّ البصر وغيرها ، فهل يؤجر هنا المسلم أم يقال له يباح والأفضل الترك ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:
ذكر الفقهاء رحمهم الله تعالى في القواعد الفقهية أن ما حرم لسد الذرائع فإنه يباح
للحاجة , قال ابن القيم : ” ما حُرِّم سدا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة ، كما
أبيحت العرايا من ربا الفضل ، وكما أبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر
، وكما أبيح النظر للخاطب والشاهد والطبيب والمعامل من جملة النظر المحرم ، وكذلك
تحريم الذهب والحرير على الرجال ، حرم لسد ذريعة التشبيه بالنساء الملعون فاعله ،
وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة “.
انتهى من ” إعلام الموقعين” (2 / 161).
وقال الشيخ ابن عثيمين : ” وما كان تحريمه تحريم وسيلة ، فإنه يجوز عند الحاجة “.
انتهى من ” منظومة أصول الفقه ” صـ 67.

ولا نستطيع أن نطرد القول
بأن ترك فعل المحرم تحريم الذرائع مستحب مع وجود الحاجة الداعية لفعله , فهذا غير
مستقيم بل قد يكون فعله هو المستحب أحيانا .
ومثال ذلك تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية ، فإنه إنما حرم تحريم الوسائل ؛ لأنه
قد يفضي إلى الفاحشة , ومع ذلك فإنه رخص في النظر إلى المخطوبة ، والأخذ بهذه
الرخصة أرجح وأولى من ترك ذلك ؛ فيستحب النظر إلى المخطوبة ، مع أنها امرأة أجنبية
, ولا يصح أن يقال : يستحب تركه ، فقد ورد الحديث الصحيح بالأمر بالنظر إلى
المخطوبة , كما ورد في الفتوى رقم : (145678).
ثانيا:
سبق بيان تحريم الاختلاط والمفاسد المترتبة عليه في السؤال : (1200)
، وأن الواجب على المسلم اجتناب الدراسة والعمل في الأماكن المختلطة .
إلا أن البلاد التي ابتلي أهلها بوجود الاختلاط في غالب مجالات الحياة ، خاصة مراكز
التعليم ، وأماكن العمل والوظائف ، بحيث صار من المشقة الكبيرة على المسلم أن ينأى
بنفسه عنها ، يُرَّخص لهم ما لا يرخص لغيرهم ممن حفظهم الله من هذه الأمور , خصوصا
إذا كان دخولهم إلى هذه الأماكن بهدف تحصيل علم نافع يعود بالمصالح على المسلمين ،
أو تتعلق به مصلحة راجحة .
وهذا الترخيص مبناه على القاعدة الفقهية المذكورة آنفا وهي : أن ما حرم سداً
للذريعة يباح للحاجة والمصلحة الراجحة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” والشريعة جميعها مبنية على أن المفسدة المقتضية
للتحريم ، إذا عارضتها حاجة راجحة : أُبيح المحرَّم” انتهى من “مجموع الفتاوى”
(29/49) .
وقال: ” ما كان من باب سد الذريعة : إنما يُنهى عنه إذا لم يُحتج إليه ، وأما مع
الحاجة للمصلحة التي لا تحصل إلا به : فلا ينهى عنه ” انتهى من ” مجموع الفتاوى”
(23/214).
وقد سبق بيان هذه المسألة بالتفصيل وذكر أقوال أهل العلم في الفتوى رقم: (127946).

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android