في مدينة فيتوريا في شمال إسبانيا لدينا أربعة مساجد ، ورغم صغر المدينة إلا أن الاختلاف في مواعيد الصلاة ظاهرة تصل إلى نصف ساعة أو أكثر خاصة في صلاتي الفجر والعشاء ، الإنسان البسيط الذي لا يفقه في الدرجات سيتبع أحد هذه المساجد ، والتي كل واحد منها يتبع موقعا إلكترونيا ، كيف لنا أن نعرف أيها الصحيح ؟ يعني أي من هذه المواقع أقرب إلى الصواب ويمكن اتباعها ؟
تختلف المراكز الإسلامية لديهم في تحديد وقت بعض الصلوات فأيها يتبعون؟
السؤال: 238888
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
فرض الله سبحانه الصلاة على عباده في مواقيت معينة لا يجوز تقديمها عليها ولا تأخيرها عنها ، قال تعالى : ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ) النساء/ 103.
وقد نص أهل العلم على جواز التقليد في أوقات الصلاة ، بشرط أن يكون المقلَّد عدلا عارفا بالمواقيت .
قال الحطاب المالكي في ” مواهب الجليل في شرح مختصر خليل ” (1 / 386):
“يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمُؤَذِّنِ الْعَدْلِ الْعَارِفِ ، وَقَبُولُ قَوْلِهِ مُطْلَقًا ، أَيْ : فِي الصَّحْوِ وَالْغَيْمِ . قَالَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ والبُرْزُليّ وَابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُمْ .
قَالَ فِي الطِّرَازِ ، لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى وَقْتِ الظُّهْرِ : وَيَجُوزُ أَنْ يُقَلَّدَ فِي الْوَقْتِ ، مَنْ هُوَ مَأْمُونٌ عَلَى الْأَوْقَاتِ ، كَمَا تُقَلَّدُ فِيهِ أَئِمَّةُ الْمَسَاجِدِ، وَلَمْ يَزَلْ الْمُسْلِمُونَ مِنْ جَمِيعِ الْأَعْصَارِ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ يُهْرَعُونَ إلَى الصَّلَاةِ عِنْدَ الْإِقَامَةِ ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَبِرَ كُلُّ مَنْ يُصَلِّي قِيَاسَ الظِّلِّ انْتَهَى.
وعلى ذلك : فالذي نراه في مسألتكم : أن تلحق هذه المسألة بمثيلاتها من المسائل الاجتهادية وتتحرون ما ترونه أقرب إلى الميقات الصحيح من هذه المواقيت ، فتتبعونه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم :(221293).
ومن قلَّد أيَّا من أئمة هذه المساجد وصلى معهم فصلاته صحيحة .
والأولى في هذه المسألة وغيرها من المسائل الخلافية : هو الأخذ بالقول الذي يحصل به الخروج من الخلاف ؛ فعليكم أن تتبعوا من يؤخر صلاة الفجر بحيث تتيقنون من دخول وقتها ، وكذلك الحال في العشاء ، خصوصا وأن تأخير العشاء مستحب ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (117751).
وبذلك تقع صلاتكم صحيحة باتفاق المجتهدين في حساب الأوقات ، لأنكم فعلتموها في زمن يتفق الجميع على كونه وقتا للصلاة .
قال الشيخ شهاب الدين المكي ، المالكي ، رحمه الله في “إرشاد السالك” (1/13) :
” وَمَنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ : لَمْ يُصَلِّ ، وَيُؤَخِّرُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ ، أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ ، دُخُولُهُ ” انتهى .
والخروج من الخلاف ، متى أمكن ، ولم يوقع في محظور : مستحب ، قال النووي في “روضة الطالبين وعمدة المفتين” (10 / 219): “الْعُلَمَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ ، إِذَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ إِخْلَالٌ بِسُنَّةٍ ” انتهى .
وقال ابن الحاج المالكي في ” المدخل ” (4 / 7): ” الْخُرُوج مِنْ الْخِلَافِ أَوْلَى؛ بَلْ أَوْجَبُ” انتهى.
وقال الحطاب في “مواهب الجليل في شرح مختصر خليل” (1 / 205): ” الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ مَطْلُوبٌ” انتهى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة