0 / 0
15,33830/04/2016

إعطاء زكاة المال لجمعيات الإغاثة لعدم القدرة على إيصالها إلى المنكوبين

السؤال: 242603

أعيش في فرنسا ، وعلي زكاة مال ، فأخرج بعضها هنا ، وأريد أن أخرج البعض الآخر للمسلمين الذين يعانون من ويلات الحروب ، مع العلم أني لا أستطيع الوصول إليهم وإرسال الأموال مباشرة إليهم ، بل قد يكون ذلك جالبا لملاحقات ومضايقات ، فهل لي أن أعطي لجمعيات الإغاثة ؟
مثلا يوجد جمعية تعنى بإرسال الأطباء ، واشتراء المعدات الطبية ، والناس هناك قد تكون حاجتهم إلى العلاج والطعام أكبر من حاجتهم إلى المال ، كما يوجد جمعيات تنفق على اليتامى ، ولا يخفاكم أن اليتامى لا يصلح أن يعطوا المال في أيديهم ، وكذلك يوجد جمعيات تضع صندوقا اسمه صندوق زكاة المال ، فهل أثق بهذه التسمية ؟ أم لا بد من التأكد من أن هذه الجمعيات تعطي المال نقدا في أيدي الفقراء ؟

ملخص الجواب

وعليه : فيجوز دفع الزكاة للجمعيات الإغاثية ، التي تتولى إيصالها إلى المتضررين والمنكوبين ، في أمثال هذه البلاد ؛ بشرط أن يكون القائمون على هذه الجميعات من الثقات المأمونين ، الذين يضعون الزكاة موضعها . والله أعلم.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:
ينبغي أن يتولى الإنسان بنفسه إخراج الزكاة ، وأن يتحرى بها المستحقين ، لا سيما إن كانوا من أقربائه ، فإن الصدقة على القريب صدقة وصلة .
ويجوز أن يعطيها للجمعيات الخيرية التي يقوم عليها مسلمون ثقات ، يتحرون إيصالها لأهلها.

وأما إعطاؤها لغير المسلمين ، أو لغير الثقات من المسلمين ، فلا يجوز؛ لعدم الثقة في إيصالهم لها للأصناف المعتبرة شرعا.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: هل يجوز دفع الزكاة للجمعيات الخيرية ؟
فأجاب: ” إذا كان القائمون عليها ثقات مأمونين ، يقدمون الزكاة في مصرفها الشرعي : فلا بأس بدفع الزكاة إليهم ، لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى” >
انتهى من ” فتاوى الشيخ ابن باز ” (14/254).

وعليه ، فإذا كانت جمعيات الإغاثة ، أو صندوق الزكاة ، يقوم عليه مسلمون ثقات ، يغلب على الظن أنهم يتحرون إيصال الزكاة لأهلها : جاز إعطاؤها لهم.

ثانيا:
يجب إخراج زكاة النقود نقودا، ولا يجوز إخراجها أشياء عينية ، كطعام أو أدوية أو ملابس، في قول جمهور الفقهاء.
وأجاز ذلك أبو حنيفة رحمه الله، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وقيده بما إذا كان لحاجة أو مصلحة، كأن يكون الفقير سفيها مبذرا أو مجنونا أو يتيماً لا ولي له.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : “إخْرَاجُ الْقِيمَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلا مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ : مَمْنُوعٌ مِنْهُ …
وَلأَنَّهُ مَتَى جُوِّزَ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا ، فَقَدْ يَعْدِلُ الْمَالِكُ إلَى أَنْوَاعٍ رَدِيئَةٍ ، وَقَدْ يَقَعُ فِي التَّقْوِيمِ ضَرَرٌ .
وَلأَنَّ الزَّكَاةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُوَاسَاةِ ، وَهَذَا مُعْتَبَرٌ فِي قَدْرِ الْمَالِ وَجِنْسِهِ .
وَأَمَّا إخْرَاجُ الْقِيمَةِ لِلْحَاجَةِ أَوْ الْمَصْلَحَةِ أَوْ الْعَدْلِ : فَلا بَأْسَ بِهِ” .
انتهى ” مجموع الفتاوى” ( 25/82 ).
وانظر: جواب السؤال رقم: (138684) .

لكن لا يجوز دفع الزكاة في شراء أجهزة طبية ؛ لأن شرط الزكاة تمليكها للمستحق ، وهذه الأجهزة لن يتملكها المريض ، ثم إنه ينتفع بها من يستحق الزكاة ، ومن لا يستحقها .

ثالثا:
الأصل إخراج الزكاة في بلد المال ، لكن إن دعت الحاجة إلى نقلها ، كأن يكون فقراء البلد التي ينقلها إليه أشد حاجة ، أو أقرباء للمزكي بجانب أنهم فقراء ، أو نحو ذلك : جاز النقل .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح قول الزاد: ” والأفضل إخراج زكاة كل مال في فقراء بلده ولا يجوز نقلها إلى ما تقصر فيه الصلاة) :
قوله: والأفضل إخراج زكاة كل مال في فقراء بلده وذلك لوجوه:
أولاً: أنه أيسر للمكلف؛ لأن في نقلها من بلد إلى آخر مشقة وكلفة.
ثانياً: أنه أكثر أماناً؛ لأن في السفر عرضة لتلفها.
ثالثاً: أن أهل البلد أقرب الناس إليك، والقريب له حق، الأقربون أولى بالمعروف.
رابعاً: أن فقراء بلدك تتعلق أطماعهم بما عندك من المال، بخلاف الأبعدين، فربما لا يعرفون عنك شيئاً.
خامساً: أنك إذا أعطيت أهل بلدك، يغرس بينك وبينهم بذرة المودة والمحبة، وهذا له أثر كبير للتعاون فيما بين أهل البلد “
إلى أن قال: ” وقال بعض العلماء: يجوز نقلها إلى البلد البعيد والقريب للحاجة أو للمصلحة.
فالحاجة مثل ما لو كان البلد البعيد أهله أشدُّ فقراً.
والمصلحة مثل أن يكون لصاحب الزكاة أقارب فقراء في بلد بعيد ، يساوون فقراء بلده في الحاجة ، فإن دفعها إلى أقاربه حصلت المصلحة ، وهي صدقة وصلة رحم.
أو يكون ـ مثلاً ـ في بلد بعيد طلاب علم حاجتهم مساوية لحاجة فقراء بلده .
وهذا القول هو الصحيح وهو الذي عليه العمل ؛ لعموم الدليل: ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) [التوبة: 60] أي: للفقراء والمساكين في كل مكان” .
انتهى من “الشرح الممتع “(6/72).

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android