ولد عمره 9 سنة رش على عين زميله مادة كيماوية وهم يلعبون (عمر زميله 7 سنوات) وبسببه أصيب عين الولد بالعمى أي عينه المصابة، ساعد والد الولد المسبب للحادث في علاج الولد المصاب ويسألون ما الحكم الشرعي في حالتهم، أي كيف تكون الدية، وهل مساعدته في العلاج كافية بدل الدية، علما بأن البلد لا يحكم فيها بالشريعة ولا يوجد من يجيب على هذا السؤال. وجزاكم الله خيرا
صبي أصاب عين صديقه بمادة كيميائية أثناء اللعب فذهب بصرها ، فما ديتها ؟
السؤال: 243704
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
جناية الصبي ليس فيها قصاص ، وإنما فيها الدية باتفاق العلماء .
قال المرداوي الحنبلي رحمه الله من “الإنصاف” (15/24) وهو يبين شروط القصاص : “فأما الصبي والمجنون فلا قصاص عليهما ؛ بلا نزاع” انتهى .
ثانيا :
دية إذهاب العين الواحدة ، أو إذهاب بصرها : هو نصف الدية ؛ وهو خمسون من الإبل .
ففي الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في شأن الديات : ( … وفي العين خمسون – أي من الإبل – ) رواه مالك في ” الموطأ ” (5 / 1243) ، ونقل ابن حجر رحمه الله تعالى تصحيحه عن عدد من أهل العلم ” التلخيص الحبير ” (4 / 36) ، وحسنه الألباني في ” ارواء الغليل ” (7 / 314) .
وقد اتفق أهل العلم على هذا الحكم .
قال ابن المنذر رحمه الله تعالى :
” جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( في العينين الدية ).
وأجمع أهل العلم على أن العينين إذا أصيبتا خطأ : فيهما الدية ، وفي العين الواحدة : نصف الدية ” انتهى . ” الإشراف ” (7 / 409) .
وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى :
” أجمع أهل العلم على أن في العينين ، إذا أصيبتا خطأ ، الدية ، وفي العين الواحدة نصفها …
وفي ذهاب البصر الدية ؛ لأن كل عضوين وجبت الدية بذهابهما ، وجبت بإذهاب نفعهما ، كاليدين إذا أشلهما . وفي ذهاب بصر أحدهما نصف الدية ، كما لو أشل يدا واحدة ، وليس في إذهابهما بنفعها أكثر من دية ، كاليدين ) انتهى . ” المغني ” (12 / 106 – 107).
ثانيا :
مقدار دية العين الواحدة : هي نصف الدية ، وهو خمسون من الإبل ، وتقديرها بالذهب ، عند من يتعاملون بالذهب : ألف دينار.
قال ابن المنذر رحمه الله تعالى :
” فروينا عن عمر بن الخطاب ، وعروة بن الزبير ، وقتادة ، ومالك ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وأصحاب الرأي أنهم قالوا: على أهل الذهب ألف دينار…
ولم يختلف الذين ألزموا أهل الذهب الذهبَ ، أن الدية من الذهب ألف دينار ” انتهى من ” الإشراف ” (7 / 388 – 389) .
ووزن الدينار الواحد : 4.25 جراما .
فـ ” الدينار اسم للقطعة من الذهب المضروبة المقدرة بالمثقال .
والدينار هو : المثقال من الذهب .
ومقدار الدينار بالاتفاق : 4.25 جراما ” انتهى . من كتاب ” المكاييل والموازين الشرعية ” (ص 19) .
وبناء على هذا فالدية بالذهب هي (4250 جراما) .
ونصفها هو : (2125جراما) وهو مقدار دية العين الواحدة .
ثالثا :
الجناية إذا كانت على سبيل الخطأ ، كما هي مسألتنا ، وكانت الواجب فيها أكثر من ثلث الدية؛ فإنها تجب على العاقلة بالاتفاق .
جاء في ” الموسوعة الفقهية الكويتية ” (21 / 90) :
” الأصل أن الدية إذا كان موجبها الفعل الخطأ ، أو شبه العمد ، ولم تكن أقل من الثلث : تتحملها العاقلة ” انتهى .
والعاقلة هم أقرباء الجاني الذكور من جهة الأب .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
“وعاقلة الرجل : قراباته من قبل الأب ، وهم عصبته .
وتَحَمُّل العاقلة الديةَ : ثابت بالسنة ، وأجمع أهل العلم على ذلك …
وعاقلة الرجل : عشيرته ، فيبدأ بفخذه الأدنى ، فإن عجزوا ضم إليهم الأقرب إليهم ، وهي على الرجال الأحرار البالغين أولي اليسار منهم ” انتهى . ” فتح الباري ” (12 / 246) .
وتدفعها العاقلة مؤجلة في ثلاث سنين .
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى :
” ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن دية الخطأ على العاقلة …
ولا خلاف بينهم في أنها مؤجلة في ثلاث سنين ؛ فإن عمر وعليا رضي الله عنهما ، جعلا دية الخطأ على العاقلة في ثلاث سنين . ولا نعرف لهما في الصحابة مخالفا ، واتبعهم على ذلك أهل العلم .
ولأنه مال يجب على سبيل المواساة ، فلم يجب حالا ، كالزكاة .
وكل دية تحملها العاقلة ، تجب مؤجلة ؛ لما ذكرنا ” انتهى من “المغني” (12 / 21 – 22) .
وقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” عن صبي دون البلوغ ، جنى جناية يجب عليه فيها دية : مثل أن يكسر سنا ، أو يفقأ عينا ، ونحو ذلك ؛ خطأ: فهل لأولياء ذلك أن يأخذوا دية الجناية من أبي الصبي وحده إن كان موسرا ؟ أم يطلبوها من عم الصبي أو ابن عمه ؟
فأجاب:
، أما إذا فعل ذلك خطأ : فديته على عاقلته ، بلا ريب ؛ كالبالغ وأولى …
وأما ” العاقلة ” التي تحمل: فهم عصبته: كالعم وبنيه ، والإخوة وبنيهم باتفاق العلماء.
وأما أبو الرجل وابنه : فهو من عاقلته أيضا ، عند الجمهور ، كأبي حنيفة ومالك وأحمد في أظهر الروايتين عنه .
وفي الرواية الأخرى ، وهو قول الشافعي : أبوه وابنه ليسا من العاقلة.
والذي ” تحمله العاقلة ” بالاتفاق : ما كان فوق ثلث الدية ؛ مثل قلع العين ، فإنه يجب فيه نصف الدية ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (34 / 158 – 159) .
رابعا :
ما دفع من مبالغ للعلاج لا تغني عن الدية لكن تخصم منها ، لأن الجناية إذا كانت لها دية مقدرة في الشرع ، فإنه لا يلزم الجاني إلا الدية فقط ، ولا تلزمه نفقات علاج المجني عليه ، وهو قول جمهور العلماء ، ومنهم المذاهب الفقهية الأربعة ، وبه أفتى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله .
انظر : مجلة البحوث الإسلامية (70/289) .
وإذا كانت المبالغ المالية المتبقية ترهق العاقلة ، فيمكن أن يتصالحوا مع ولي الطفل المجني عليه على تجزئتها على سنوات عدة .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ) رواه أبوداود (3594) ، وحسنه الألباني في ” ارواء الغليل ” (5 / 251) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب