0 / 0

هل الأفضل للمأموم أن يقف في الصف الذي به سواري إذا كان أقرب للإمام؟

السؤال: 244314

إذا دخل الشخص المسجد ، ووجد الصف الأول قد اكتمل بين العموديين (السواري) ، أيهما أفضل، الوقوف بجانب العمود ليكتمل الصف الأول أو الوقوف خلف الصف الأول ؟
لأنني قرأت أن الصحابة رضي الله عنهم يتجنبون الوقوف بين السواري .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:
الصف الأول للرجال هو أفضل الصفوف ، وأعظمها أجرا ؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا ، وَشَرُّهَا آخِرُهَا ، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا ، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا ) رواه مسلم (440).
قال القاضي عياض في ” إكمال المعلم بفوائد مسلم ” (2/ 351):
” قوله: ” وشر صفوف الرجال آخرها “: أىْ أقلها أجرًا ، فهو بالإضافة إلى الأول ناقص ، وقد يكون سماه شرًا لمخالفة أمره فيها – عليه السلام – وتحذيرًا من فعل المنافقين …”. انتهى.
وقال النووي في ” شرح مسلم ” (4/ 159) :
” أما صفوف الرجال : فهي على عمومها ، فخيرها أولها أبدا ، وشرها آخرها أبدا .
أما صفوف النساء : فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال ، وأما إذا صلين متميزات ، لا مع الرجال ؛ فهن كالرجال : خير صفوفهن أولها ، وشرها آخرها .
والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء : أقلها ثوابا وفضلا ، وأبعدها من مطلوب الشرع ، وخيرها بعكسه ” انتهى.
وقد جاء في فضل الصف الأول أحاديث ، سبق ذكر بعضها في جواب السؤال رقم: (67797).
ثانيا:
ورد النهي عن الصف بين سواري المسجد ؛ لأنها تقطع الصفوف .
فإن كانت هناك حاجة للصف بينها؛ لكثرة المصلين ، وضيق المسجد : فلا كراهة حينئذ.
وينظر في ذلك جواب السؤال رقم : (135898).

ثالثا :
اختلف أهل العلم في الصف الذي يلي الإمام إذا قطعه شيء ، كالسارية أو المنبر ، هل تبقى له فضيلته ، أم تكون للصف الذي لا يقطعه شيء مما يليه .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – في ” فتح الباري ” (6/ 275):
” واختلف الناس في الصف الأول: هل هوَ الذي يلي الإمام بكل حال، أم الذي لا يقطعه شيء؟ وفيه قولان للعلماء … فأما الصف الذي يقطعه المنبر ، فهل هوَ الصف الأول ، أم لا ؟
قالَ أحمد – في رواية أبي طالب والمروذي وغيرهما -: إن المنبر لا يقطع الصف. فيكون الصف الأول الذي يلي الإمام ، وإن قطعه المنبر ، بخلاف المقصورة .
وتوقف في ذَلِكَ في رواية الأثرم وغيره .
وقالت طائفة: الصف الأول هوَ الذي يلي الإمام بكل حال، ورجحه كثير من أصحابنا، ولم أقف على نص لأحمد به ” انتهى.
وقال ابن قدامة – رحمه الله – في ” المغني ” (2 / 262):
” واختلفت الرواية عن أحمد في الصف الأول ، فقال في موضع : هو الذي يلي المقصورة ؛ لأن المقصورة تُحمى . وقال : ما أدري هل الصف الأول الذي يقطعه المنبر ، أو الذي يليه ؟ والصحيح أنه الذي يقطعه المنبر ؛ لأنه هو الأول في الحقيقة ، ولو كان الأول ما دونه أفضى إلى خلو ما يلي الإمام . ولأن أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يليه فضلاؤهم ، ولو كان الصف الأول وراء المنبر ، لوقفوا فيه “. انتهى.
وقال النووي في ” شرح مسلم ” (4/160) :
” اعلم أن الصف الأول الممدوح ، الذي قد وردت الأحاديث بفضله ، والحث عليه : هو الصف الذي يلي الإمام ، سواء جاء صاحبه متقدما أو متأخرا ، وسواء تخلله مقصورة ونحوها أم لا .هذا هو الصحيح الذي يقتضيه ظواهر الأحاديث ، وصرح به المحققون .
وقال طائفة من العلماء : الصف الأول هو المتصل من طرف المسجد إلى طرفه ، لا يتخلله مقصورة ونحوها ، فإن تخلل الذي يلي الإمام شيء فليس بأول ، بل الأول مالا يتخلله شيء وإن تأخر .
وقيل : الصف الأول عبارة عن مجيء الإنسان إلى المسجد أولا ، وإن صلى في صف متأخر . وهذان القولان غلط صريح ، وإنما أذكره ومثله لأنبه على بطلانه ، لئلا يغتر به “انتهى.

وعلى هذا القول الصحيح المختار : تثبت فضيلة الصف الأول ، للصف الأقرب للقبلة الذي يلي الإمام ، ولو كان مقطوعا بسارية أو منبر ونحو ذلك .
والصف الأول للرجال أفضل مما وراءه من الصفوف، كما أسلفنا .
جاء في ” كشاف القناع عن متن الإقناع” (1/ 328) للبهوتي : ” والصف الأول للرجال أفضل لقوله – صلى الله عليه وسلم – : ( لتكونوا في الذي يليني ). وهو أي: الصف الأول، ما يقطعه المنبر . قال في الإنصاف : على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب اهـ. والمراد: أنه أول صف يلي الإمام ؛ قطعه المنبر أو لا ، لا ما يليه أي: لا أول صف يلي المنبر ” انتهى.
وسئل الرملي الشافعي : هل يعد المنبر فاصلا حتى يمنع اتصال الصف أو لا ، فتحصل فضيلة الصف ، كفضيلة الجماعة ؟
(فأجاب) بأنه لا يعد المنبر فاصلا بين المصلي ورفقته ؛ نظرا للعرف ، فإنه يعده صفا واحدا ، كما لو لم يكن منبر ، ولم يقف في قدر مكانه أحد ، فتحصل معه فضيلة الصف ، كفضيلة الجماعة ، فقد أطلقوا أن الصف الأول هو الذي يلي الإمام “.
انتهى من ” فتاوى الرملي ” (1/ 250).
وسئل الشيخ ابن عثيمين : إذا كان الصف الأول من المصلين في المسجد يفصله عن بعضه منبر الخطيب فهل يعتبر صفاً أولاً في الصلاة ؟
فأجاب : ” نعم ، الصف الأول هو الذي يلي الإمام – فإذا كان هذا الصف الذي يفصله المنبر هو الذي يلي الإمام ، كان هو الصف الأول على كل حال ، والصف الثاني ما بعده ، وهكذا حتى تنتهي الصفوف .
لكن ينبغي إذا كان المسجد واسعاً أن يتأخر الإمام ، حتى يكون الصف الذي خلفه متصلاً بعضه ببعض ، غير مفصول بالمنبر ؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتقون الصف بين السواري – أي بين الأعمدة – لأنها تقطع الصف .
فأما إذا لم يمكن ، بأن كان العدد كثيراً ، ولا بد من تقدم الإمام ؛ فحينئذ يكون قطع الصف بالمنبر لحاجة ، ولا بأس به ” انتهى من ” فتاوى نور على الدرب “.
وعلى ذلك : فمن جاء فوجد المصلين قد أكملوا ما بين الساريتين من الصف الأول ، فالأفضل أن يقف مع المصلين على الجانب الآخر من السارية ، لينال فضيلة الصف الأول .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android