0 / 0

تأخير عرض الإسلام على من يريد الدخول فيه ، وحكم إسلام الصبي

السؤال: 244798

أتذكر ذهابي مرة إلى دولة أجنبية ، وتعرفي على بعض من الأصدقاء هناك ، وتحدثت معهم عن الإسلام ، وجاء أحداهم وأخبرني بأنه يريد دخول الإسلام ، وهو يبلغ من العمر ١٢ ، ولكننى رفضت خوفا من أهله ، وإن أسلمت ، فلن يجد من يرشده بعد سفرى ، ولأنني لم أشعر بجديته ؛ فهل أحاسب عليه يوم القيامة ؟

ملخص الجواب

والحاصل : أنك أخطأت خطأ عظيما في تقصيرك هذا، والواجب عليك التوبة إلى الله تعالى من ذلك. وإن قدر الله لك العودة إلى هذا البلد ، ولقاء هذا الصبي ، أو أمكنك التواصل معه : فاحرص على دعوته للإسلام ، فلعل الله أن يهديه على يديك ، واحرص حينئذ على ربطه بأحد المراكز الإسلامية ليتولوا تعليمه ومؤازرته وتثبيته. والله أعلم.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الكفر أعظم المنكرات ، وتجب المبادرة بإزالته على الفور ما أمكن ، ولهذا شدد الفقهاء فيمن طلب منه أحد الكفار أن يعرض عليه الإسلام ، أو طلب منه تلقين الشهادتين فلم يفعل ، حتى بالغ بعضهم فحكم بردته ، والصواب أنه معصية عظيمة .
قال النووي رحمه الله : ” إذا أراد الكافر الإسلام فليبادر به ، ولا يؤخره للاغتسال ، بل تجب المبادرة بالإسلام ، ويحرم تحريما شديدا تأخيره للاغتسال وغيره.
وكذا إذا استشار مسلما في ذلك ، حرم على المستشار تحريما غليظا أن يقول له: أخره إلى الاغتسال ، بل يلزمه أن يحثه على المبادرة بالإسلا م، هذا هو الحق والصواب وبه قال الجمهور. وحكي الغزالي رحمه الله في باب الجمعة وجها أنه يقدم الغسل على الإسلام ليسلم مغتسلا ، قال: وهو بعيد. وهذا الوجه غلط ظاهر لا شك في بطلانه ، وخطأ فاحش ، بل هو من الفواحش المنكرات ، وكيف يجوز البقاء على أعظم المعاصي ، وأفحش الكبائر ، ورأس الموبقات ، وأقبح المهلكات ، لتحصيل غسل لا يحسب عبادة لعدم أهلية فاعله.
وقد قال صاحب التتمة في باب الردة : لو رضي مسلم بكفر كافر ، بأن طلب كافر منه أن يلقنه الإسلام فلم يفعل ، أو أشار عليه بأن لا يسلم ، أو أخر عرض الإسلام عليه بلا عذر، صار مرتدا في جميع ذلك ؛ لأنه اختار الكفر على الإسلام !!
وهذا الذى قاله إفراط أيضا، بل الصواب أن يقال: ارتكب معصية عظيمة ” .
انتهى من ” المجموع “(2/154).
ثانيا:
الصبي يصح إسلامه عند الجمهور، فتجب المبادرة إلى تلقينه الإسلام إذا طلب ذلك كما تقدم.
قال ابن قدامة رحمه الله : “والصبي إذا كان له عشر سنين ، وعقل الإسلام ، فأسلم ؛ فهو مسلم.
وجملته : أن الصبي يصح إسلامه في الجملة ، وبهذا قال أبو حنيفة وصاحباه وإسحاق وابن أبي شيبة وأبو أيوب.
وقال الشافعي وزفر : لا يصح إسلامه حتى يبلغ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يبلغ ) حديث حسن …
ولنا عموم قوله عليه السلام : (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة) وقوله : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ؛ فاذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) وقال عليه السلام : ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه ، حتى يعرب عنه لسانه ، إما شاكرا وإما كفورا ) وهذه الأخبار يدخل في عمومها الصبي، ولأن الإسلام عبادة محضة ، فصحت من الصبي العاقل ، كالصلاة والحج، ولأن الله تعالى دعا عباده إلى دار السلام ، وجعل طريقها الإسلام ، وجعل من لم يجب دعوته في الجحيم والعذاب الأليم ؛ فلا يجوز منع الصبي من إجابة دعوة الله ، مع إجابته إليها وسلوكه طريقها، ولا إلزامه بعذاب الله والحكم عليه بالنار وسد طريق النجاة عليه ، مع هربه منها .
ولأن ما ذكرناه إجماع ؛ فإن عليا رضي الله عنه أسلم صبيا وقال :
سبقتكم إلى الإسلام طرًّا * صبيا ما بلغت أوان حلم
[ وقوله : طرًّا ؛ أي : جميعا ]
ولهذا قيل : أول من أسلم من الرجال أبو بكر ، ومن الصبيان علي ، ومن النساء خديجة ، ومن العبيد بلال.
وقال عروة : أسلم علي والزبير وهما ابنا ثمان سنين ، وبايع النبيُّ صلى الله عليه وسلم ابن الزبير لسبع أو ثمان سنين ، ولم يرُدَّ النبي صلى الله عليه وسلم على أحد إسلامه ، من صغير ولا كبير.
فأما قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاث ) : فلا حجة لهم فيه ؛ فإن هذا يقتضي أن لا يكتب عليه ذلك ، والإسلام يكتب له لا عليه ، ويسعد به في الدنيا والآخرة ، فهو كالصلاة : تصح منه ، وتكتب له ، وإن لم تجب عليه ، وكذلك غيرها من العبادات المحضة…

إذا ثبت هذا فإن الخِرقِيَّ اشترط لصحة إسلامه شرطين : أحدهما : أن يكون له عشر سنين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بضربه على الصلاة لعشر.
والثاني : أن يعقل الإسلام . ومعناه : أن يعلم أن الله تعالى ربه لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله، وهذا لا خلاف في اشتراطه ، فإن الطفل الذي لا يعقل لا يتحقق منه اعتقاد الإسلام ، وإنما كلامه لَقْلَقة بلسانه ، لا يدل على شيء.
وأما اشتراط العشر : فإن أكثر المصححين لإسلامه لم يشترطوا ذلك ، ولم يحدوا له حدا من السنين ، وحكاه ابن المنذر عن أحمد؛ لأن المقصود متى ما حصل ، لا حاجة إلى زيادة عليه. وروي عن أحمد إذا كان ابن سبع سبين فإسلامه إسلام ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مروهم بالصلاة لسبع ) فدل على أن ذلك حد لأمرهم ، وصحة عباداتهم ، فيكون حدا لصحة إسلامهم ” انتهى من ” المغني ” (10/85). .

على أن الطفل في هذه السن (12 عاما) قد يكون بالغا، وانظر علامات البلوغ في جواب السؤال رقم : (197392) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android