0 / 0
49,32112/08/2016

التحذير من نشر الأدعية المخترعة ، والدعوة إلى تعاهدها .

السؤال: 246839

أنصحكم بهذا الدعاء اليوم فأبواب السماء مفتوحة للاستجابة بمشيئته تعالى : ( ٱللهم لا تشمت أعدائي بدائي ، واجعل القرآن العظيم دوائي وشفائي ، أنت ثقتي ورجائي ، واجعل حسن ظني بك شفائي ، اللهم ثبت علي عقلي وديني ، وبك يا رب ثبت لي يقيني وارزقني رزقاً حلالاً يكفيني ، وابعد عني شر من يؤذيني ، ولا تحوجني لطبيب يداويني ، اللهم استرني على وجه الأرض ، اللهم ارحمني في بطن الأرض ، اللهم اغفر لي يوم العرض عليك .
بسم الله طريقي ، والرحمن رفيقي ، والرحيم يحرسني من كل شيء يلمسني ، اللهم أعوذ بك من شر النفاثات في العقد ، ومن شر حاسد إذا حسد .
اللهم إني عبدك ، ابن عبدك ، ابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي ، اللهم يا مسهل الشديد ، ويا ملين الحديد ، ويا منجز الوعيد ، ويا من هو كل يوم في أمر جديد ، أخرجني من حلق الضيق إلى أوسع الطريق ، بك أدفع ما لا أطيق ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
أسالك اللهم بقدرتك التي حفظت بها يونس في بطن الحوت ، ورحمتك التي شفيت بها أيوب بعد الابتلاء ، أن لا تبقي لي هما ولا حزنا ولا ضيقا ولا سقما إلا فرجته ، وإن أصبحت بحزن فامسيني بفرح ، وإن نمت على ضيق فايقظني على فرج ، وإن كنت بحاجة فلا تكلني إلى سواك ، وأن تحفظني لمن يحبني ، وتحفظ لي أحبتي .
اللهم إنك لا تحمل نفساً فوق طاقتها ، فلا تحملني من كرب الحياة مالا طاقة لي به ، وباعد بيني وبين مصائب الدنيا وتقلب حوادثها كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم بشرني بالخير كما بشرت يعقوب بيوسف ، وبشرني بالفرح كما بشرت زكريا بيحيى ، اللهم يامن لا تضيع لديك الودائع .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الذي ينبغي أن ينشر ويوصى الناس بتعاهده والدعاء به : هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أدعية ، فلا يؤمر الناس ولا ينصحون بدعاء لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا به .
وغاية ذلك الدعاء المخترع أن يكون جائزا ، ـ إن كان سالما من المؤاخذات عليه ـ فلو دعا به شخص ما ، في حاجة نفسه : فلا حرج عليه ، ولكن ليس له أن ينشره وأن يحث الناس على الدعاء به ، فإن ذلك لا يكون إلا فيما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات ، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع ، فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء ، وسالكها على سبيل أمان وسلامة ، والفوائد والنتائج التي تحصل : لا يعبر عنه لسان ولا يحيط به إنسان ، وما سواها من الأذكار قد يكون محرما ، وقد يكون مكروها ، وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس …
ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة ، ونهاية المقاصد العلية ، ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعد ” .
انتهى من “مجموع الفتاوى” (22 /510-511).
وقال القاضي عياض رحمه الله : ” أذن الله في دعائه ، وعلَّم الدعاءَ في كتابه لخليقته ، وعلَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم الدعاءَ لأمَّته ، واجتمعت فيه ثلاثةُ أشياء : العلمُ بالتوحيد ، والعلم باللغة ، والنصيحة للأمَّة ، فلا ينبغي لأحدٍ أن يعدلَ عن دعائه صلى الله عليه وسلم ، وقد احتال الشيطانُ للناس من هذا المقام ، فقيَّض لهم قومَ سوء يخترعون لهم أدعيةً يشتغلون بها عن الاقتداء بالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ” انتهى من “الفتوحات الربانية” لابن علان (1/17) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
” فيما ثبت في الوحيين من الأدعية والأذكار غنية عن الأدعية والأذكار المخترعة ” .
انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة”(1 / 53) .
وقد ورد في هذا الدعاء المذكور بعض العبارات المسجوعة سجعا متكلفًا ، وذلك مذموم في الدعاء ، مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، روى أبو يعلى (4475) بسند صحيح عَنْ مَسْرُوقٍ ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِلسَّائِبِ: ” إِيَّاكَ وَالسَّجْعَ ، لَا تَسْجَعْ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَا يَسْجَعُونَ “.
وترجم البخاري في صحيحه (8/ 74):
” بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّجْعِ فِي الدُّعَاءِ “
ثم روى (6337) عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ” انْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ ، فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ ” ـ يَعْنِي لاَ يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ الِاجْتِنَابَ ـ .
قال ابن بطال رحمه الله:
” إنما نهى عن السجع فى الدعاء ، والله أعلم ؛ لأن طلب السجع فيه تكلف ومشقة ، وذلك مانع من الخشوع وإخلاص التضرع لله تعالى ، وقد جاء فى الحديث: (إن الله لا يقبل من قلب غافلٍ لاهٍ) وطالب السجع فى دعائه ، همته في تزويق الكلام وسجعه، ومن شغل فكره وكد خاطره بتكلفه، فقلبه عن الخشوع غافل لاه ” انتهى من ” شرح صحيح البخارى ” (10/ 97)
وهذا كقوله فيه :
” بسم الله طريقي ، والرحمن رفيقي ، والرحيم يحرسني ، من كل شيء يلمسني “
وكقوله :
” اللهم يا مسهل الشديد ، ويا ملين الحديد ، ويا منجز الوعيد “.
مع أن قوله : “يا منجز الوعيد” غير صحيح ، وإنما يقال : “منجز الوعد” والفرق بينهما : أن الوعد يكون في الخير ، والوعيد يكون في الشر والعقاب . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر : ( اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي ) رواه مسلم (1763)
والعرب لا تعدّ إخلاف الوعيد ذما ، بل جودا وكرما ، كما قال الشاعر:
وَإِنِّي إِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ … لَمُخْلِفُ إِيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي
يراجع : ” مدارج السالكين ” (1/ 400) .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (215106) .

وبالجملة :
فمثل هذه الأدعية لا تنشر ، ولا ينصح الناس بالتزامها وتعاهدها وحفظها والدعاء بها ، وإنما يُنصح الناس بذلك في أدعية الكتاب والسنة .
وبعض الدعاء الوارد في السؤال قد وردت به السنة ، وهو قوله : ” اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك … ” إلى قوله ” وجلاء حزني وذهاب همي ” فهذا معروف في السنة من أدعية الهم والكرب ، رواه الإمام أحمد (3712) ، وصححه الألباني في ” الصحيحة ” (199) .
فمثل هذا يُنصح به ويدعى إليه وينشر بين الناس .

وأما قول ناشر هذا الدعاء ، أو مخترعه : إن أبواب السماء مفتوحة .. ، يعني لهذا الدعاء المتكلف فهو من القول على الله بغير علم ، وادعاء أمر من الغيب ، لا يعلمه إلا رب العالمين ؛ وقد حذر الله عباده أن يقولوا عليه بغير علم ، أو يتكلم بأمر ، من غير حجة ولا برهان .
قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 .
وقال تعالى : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء/36 .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android