هل يجوز لإنسان قال له شخص آخر : اقرأ القرآن لي سبع مرات على الماء لأجل التبرك به ، مقابل مائة ريال مثلا ، أن يكتفي بقراءة واحدة دون علمه ، فيأخذ المبلغ ؛ لاعتقاد الأول أنه لا فرق بين سبع قراءات وقراءة واحدة بالنسبة للتبرك ؟
طُلب منه أن يقرأ القرآن على الماء سبع مرات بمبلغ معين ، فهل يلزمه الوفاء بذلك العدد ؟
السؤال: 247444
ملخص الجواب
والحاصل : أن الواجب على هذا الشخص أن يلتزم بما تم الاتفاق عليه ، وهو القراء سبع مرات ، ولا يحل له أن يقتصر على مرة واحدة ، وإن اعتقد أن فيها الكفاية . هذا مع أنه من المقرر أن تكرار الدعاء والرقية أمر معروف ، مقرر ، معتبر شرعا ، وتجربة . ولا تكون مرة واحدة ، كالمرات من ذلك . وطلب "السبع" مقصود معروف أيضا . فإن اكتفى بالقراءة مرة واحدة فإنه لا يستحق شيئا من المبلغ المتفق عليه . والله أعلم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
إذا كان المقصود بقولك : ” لأجل التبرك به ” أي : بالقرآن ، فهذا جائز ؛ فالقرآن كتاب مبارك ، كما قال تعالى : ( وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ ) الأنعام / 155 ، ومن بركته أنه يُستشفى به مما نزل من أمراض وأسقام ، وكذلك يُستدفع به ما قد يخشى من وقوعه من ضرر وأذى .
فقد روى مسلم (2201) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : ” أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا فِي سَفَرٍ ، فَمَرُّوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ، فَاسْتَضَافُوهُمْ، فَلَمْ يُضِيفُوهُمْ ، فَقَالُوا لَهُمْ : هَلْ فِيكُمْ رَاقٍ ؟ فَإِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ لَدِيغٌ أَوْ مُصَابٌ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : نَعَمْ ، فَأَتَاهُ ، فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، فَبَرَأَ الرَّجُلُ … الحديث ” .
وروى أبو داود (1463) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه ، وفيه : ” فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ بِأَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ، وَأَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ، وَيَقُولُ : ( يَا عُقْبَةُ ، تَعَوَّذْ بِهِمَا ؛ فَمَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بِمِثْلِهِمَا ) .
وقد صححه الشيخ الألباني رحمه الله في ” صحيح سنن أبي داود ” .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (174298) و(125923) .
وأما إذا كان المقصود بالتبرك ، أي : بآثار القارئ ، فهذا أمر محرم لا يجوز ، لأنه لا يتبرك بآثار أحد من الخلق ، إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” النفث في الماء علي قسمين :
القسم الأول : أن يراد بهذا النفث التبرك بريق النافث ، فهذا لا شك أنه حرام ، ونوع من الشرك ؛ لأن ريق الإنسان ليس سببا للبركة والشفاء ، ولا أحد يُتَبَرك بآثاره ، إلا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أما غيره فلا يتبرك بآثاره ….. .
القسم الثاني : أن ينفث الإنسان بريق تلا فيه القرآن الكريم ، مثل أن يقرأ الفاتحة – والفاتحة رقية وهي من أعظم ما يرقى به المريض – فيقرأ الفاتحة وينفث في الماء ، فإن هذا لا بأس به ، وقد فعله بعض السلف ، وهو مجرب ونافع بإذن الله ، وقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ينفث في يديه عند نومه : بقل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ، فيمسح بها وجهه وما استطاع من جسده ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن عثيمين ” (1/108) .
ثانياً :
سبق في جواب السؤال رقم : (145822) جواز أخذ المال على الرقية ، إما على وجه الإجارة ، إذا كان المطلوب حصول قراءة القارئ .
وإما من باب “الجعالة” ، إذا كان الباذل إنما يقصد الاستشفاء ، لا مجرد حصول القراءة .
ومادام أن الأجرة مرتبطة بالقراءة بعدد معين ، وليس بحصول الشفاء ، صارت الرقية في هذه الحال من باب الإجارة .
وعليه ، فإن القارئ لا يستحق الأجرة المتفق عليها ، إلا إذا قرأ سبع مرات .
جاء في ” حاشية البجيرمي ” (3/238) :
” يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ : إنْ جَعَلَ الشِّفَاءَ غَايَةً لِذَلِكَ ، كَـ:”لِتُدَاوِينِي إلَى الشِّفَاءِ” ، أَوْ: “لِتَرْقِيَنِي إلَى الشِّفَاءِ” .
فَإِنْ فَعَلَ ، وَوُجِدَ الشِّفَاءُ : اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ .
وَإِنْ فَعَلَ ، وَلَمْ يَحْصُلْ الشِّفَاءُ : لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا ؛ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الْمُدَاوَاةُ وَالرُّقْيَةُ إلَى الشِّفَاءِ .
وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الشِّفَاءَ غَايَةً لِذَلِكَ ، كَـ:”لِتَقْرَأْ عَلَى عِلَّتِي الْفَاتِحَةَ سَبْعًا” – مَثَلًا – ، اسْتَحَقَّ بِقِرَاءَتِهَا سَبْعًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ بِالشِّفَاءِ ” انتهى .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة