أريد شراء شركة توزيع تعمل في مجال توزيع الأدوية المنتجة من قبل شركات عالمية ؛ لتباع في باكستان ، حيث توجد لدى هذه الشركة عقود مع معظم أدوية الشركات العالمية لتوزيع الأدوية في باكستان فقط ، ولكن بالرغم من ذلك تبيع الشركة منتجاتها في دول أخرى مخالفة بذلك ما تريد هذه الشركات ، فهل يجوز بيع هذه المنتجات في الدول الأخرى؟ وما حكم الدخل الحاصل عن ذلك؟
شركة توزيع أدوية عالمية ، ويشترط عليها ألا تبيع خارج البلد فهل يلزم الشرط ؟
السؤال: 247466
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا كانت الشركة وكيلة عن شركات الأدوية في توزيع منتجاتها –كما هو ظاهر السؤال- فيلزمها التقيد بالقيود التي تضعها شركات الأدوية كالبيع في بلدان معينة، وعدم البيع في أخرى، فهذا مقتضى عقد الوكالة.
وفي ” الموسوعة الفقهية ” (45/42) : ” إِذَا قَيَّدَ الْمُوَكِّل وَكِيلَهُ بِقُيُودٍ مُعَيَّنَةٍ ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَلْتَزِمَ بِهَا عِنْدَ تَنْفِيذِ الْوَكَالَةِ ، بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ ” انتهى.
وعدم الالتزام بهذا القيد يوقع الشركة في الكذب والتزوير؛ لأنها ستدعي أنها باعت داخل البلد فقط.
ويترتب على هذا عدم صحة البيع خارج البلد؛ لأنه لم يؤذن للوكيل في البيع حينئذ، فيكون بيعه لاغيا، ويحرم ما يأخذه من عمولة أو راتب على الوكالة؛ لأنه لم يبع، بل تَصَرَّف في منتجات الموكل تصرفا محرما.
قال ابن قدامة رحمه الله: ” ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله ، من جهة النطق ، أو من جهة العرف ، لأن تصرفه بالإذن ، فاختص بما أذن فيه .
والإذن يعرف بالنطق تارة ، وبالعرف أخرى .
ولو وكل رجلا في التصرف في زمن مقيد ، لم يملك التصرف قبله ولا بعده ، لأنه لم يتناوله إذنه، مطلقا ، ولا عرفا” انتهى من “المغني” (5/251).
وفي “الموسوعة” (45/ 43): ” وقالوا [أي الحنابلة] : كل تصرف كان الوكيل مخالفا فيه لموكله : فحكمه فيه حكم تصرف الأجنبي” انتهى.
وأما إن كانت الشركة تشتري المنتجات لنفسها، ثم تبيعها، فلا تعتبر وكيلة بالمعنى الشرعي للوكالة، ولا يلزمها التقيد بهذا الشرط ؛ لأنه ينافي مقتضى العقد ؛ إذ مقتضى العقد أن من ملك سلعة ، جاز له أن يبيعها في أي مكان شاء.
فكل شرط مناف لمقتضى العقد فهو فاسد ، وهل يفسد البيع أم لا؟ على قولين.
قال ابن قدامة رحمه الله: ” الرابع : اشتراط ما ينفي مقتضى البيع ، وهو على ضرين…
الضرب الثاني : أن يشترط غير العتق ، مثل أن يشترط أن لا يبيع ولا يهب ولا يعتق ولا يطأ ، أو يشترط عليه أن يبيعه أو يقفه ، أو متى نفق المبيع وإلا رده ، أو إن غصبه غاصب رجع عليه بالثمن ، وإن أعتقه فالولاء له ؛ فهذه وما أشبهها شروط فاسدة .
وهل يفسد بها البيع ؟
على روايتين . قال القاضي : المنصوص عن أحمد : أن البيع صحيح ، وهو ظاهر كلام الخرقي ههنا ، وهو قول الحسن والشعبي والنخعي والحكم وابن أبي ليلى وأبي ثور .
والثانية : البيع فاسد ، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي” انتهى من “المغني” (4/309).
وقال النووي رحمه الله في أمثلة ما ينافي مقتضى العقد : ” باعه شيئا بشرط أن لا يبيعه ، أو لا ينتفع به ، أو لا يعتقه أو لا يقبضه أو لا يؤجره أو لا يطأها أو لا يسافر به أو لا يسلمه إليه أو بشرط أن يبيعه غيره أو يشترى منه أو يقرضه أو يؤجره ، أو خساره عليه إن باعه بأقل ، أو أنه إذا باعه لا يبيعه إلا له ، أو ما أشبه ذلك” انتهى من “المجموع” (9/ 368).
فليس لشركة الأدوية أن تبيع المنتج ثم تشترط على مشتريه ألا يبيعه خارج البلد، أو أن يبيعه في بلد دون بلد، فهذا مناف لمقتضى العقد، ولا يلزم الوفاء بهذا الشرط.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الاسلام سؤال وجواب