شاب عمره 19 عاما ، طلب مساعدة من مجموعة من الناس الأغنياء فأعطوه ، علما بأنه من أسرة متوسطة الحال يستطيعون تلبية احتياجاته ، وأخذ هذا المال وكانت نيته أن يشتري به أشياء للفتاة التي كان يحبها ، وبعد فترة انفصل عن تلك الفتاة ، وبدأ يشتري لنفسه ملابس من هذا المال ، وأطعمة ، ويشارك العائلة في هذه الأطعمة ، وعندما سألوه عن مصدر هذا المال قال : إنه ادخره من عمل كان يعمل به قديما ، وبعد فترة عندما شكت العائلة من كثرة شرائه للملابس ضيقت عليه ، واكتشفت أنه مبلغ مأخوذ من أناس أغنياء بطيب خاطر منهم ، لكن كانت حجته لهم أنه يحتاج إلى مساعدة لسداد بعض الديون ، ولعمل مشروع يساعدة على الحياة ، فهل هذا المال حلال أم حرام ؟ وإن كان هذا المال بهذه الحجة حرام فماذا تفعل العائلة وقد أكلت من هذا المال ، وانتفعت به ؟ وماذا يجب على هذا الشخص علما أن المال عن طيب خاطر ، ولم يطلبوا منه السداد ؟
ادعى أن عليه ديونا فأعطوه مالا وهو كاذب
السؤال: 247527
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
قد ارتكب هذا الشاب جملة من المحرمات منها الكذب على أهله بشأن المال ، والكذب على من ساعده، ومنها العلاقة مع الفتاة التي كان يحبها .
ولهذا ، فالواجب عليه التوبة إلى الله تعالى من ذلك ، بالندم عليه، والعزم على عدم العود إليه أبدا.
ثانيا:
لا يجوز لأحد أن يسأل الناس وهو غير محتاج، أو وهو قادر على الكسب؛ لما روى مسلم (1041) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ ).
وروى البخاري (1475) ، ومسلم (1040) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ ).
ولحديث قبيصة المشهور، وينظر: سؤال رقم : (104781) .
قال النووي رحمه الله : ” اتفق العلماء على النهي عن السؤال من غير ضرورة ، قال : واختلف أصحابنا في سؤال القادر على الكسب على وجهين : أصحهما التحريم لظاهر الأحاديث ..” انتهى نقلاً من “فتح الباري” (10/408).
ثالثا:
ما أخذه هذا الشاب من طريق الكذب ، وقوله إن عليه ديونا، هو حرام عليه ، وهو من أكل أموال الناس بالباطل، ويلزمه رده لأصحابه ، ولو بطريق خفي .
فإن تعذر الوصول إليهم ، تصدق به عنهم. وينظر: سؤال رقم : (148902) .
وذلك أنهم إنما أعطوه لأجل ما قال ، وقد تبين كذبه ، فما طابت أنفسهم بإعطائه إلا بناء على الكذب ؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) ، وصححه الألباني في “الإرواء” (5/ 279).
وأيضا فقد نص الفقهاء على أن من أعطي مالا لسداد دينه ، لم يجز له أن يستعمله في غير ذلك، وأنه يسترد منه إذا لم يسدد منه دينه .
قال ابن مفلح رحمه الله ـ في “الفروع” (4/340) :
” مَنْ أَخَذَ بِسَبَبٍ يَسْتَقِرُّ الْأَخْذُ بِهِ ، وَهُوَ الْفَقْرُ وَالْمَسْكَنَةُ وَالْعِمَالَةُ والتألف : صَرَفَهُ فِيمَا شَاءَ ، كَسَائِرِ مَالِهِ .
وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ : صَرْفُهُ فِيمَا أَخَذَهُ لَهُ خَاصَّةً، لِعَدَمِ ثبوت ملكه عليه من كل وجه ، وَلِهَذَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ إذَا أُبْرِئَ، أَوْ لَمْ يغز ” انتهى .
وينظر : “الإنصاف” للمرداوي (3/243) ، “كشاف القناع” (2/282) .
وقال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله : ” (وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لَك) بِهَا (عِمَامَةً أَوْ اُدْخُلْ بِهَا الْحَمَّامَ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (تَعَيَّنَتْ) لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الدَّافِعِ .. ” .
انتهى من “أسنى المطالب” (2/479) .
وينظر جواب السؤال رقم : (191708) .
رابعا:
ما أكل أهله من هذا المال ، فلا حرج عليهم فيه؛ لعدم علمهم بحرمته ، ثم لا يحل لهم أن ينتفعوا بشيء منه ، بعد علمهم .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة