0 / 0
145,20002/10/2016

حكم قلب اليدين أثناء الدعاء .

السؤال: 247603

ما حكم تقليب اليدين أثناء الدعاء؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
يستحب رفع اليدين في الدعاء .
روى مسلم (1763) عن ابن عَبَّاسٍ، قَالَ: ” حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: (اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي ، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ) ، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ … ” الحديث .
قال النووي رحمه الله :
” فِيهِ اسْتِحْبَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ في الدعاء، ورفع اليدين فيه ” انتهى .
ثانيا :
صفة رفع اليدين في الدعاء : أن يرفعهما الداعي إلى صدره ، ويبسطهما مضمومتين، وبطونهما إلى السماء .
وروى أبو داود (1486) عَنْ مَالِكِ بْنِ يَسَارٍ السَّكُونِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ، وَلَا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا ) .
وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود”.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في صفة رفع اليدين في القنوت :
” قال العُلماءُ: يَرفعُ يديه إلى صَدرِهِ، ولا يرفَعُها كثيراً؛ لأنَّ هذا الدُّعاءَ ليس دُعاءَ ابتهالٍ يُبالِغُ فيه الإنسانُ بالرَّفْعِ، بل دُعاءُ رَغْبَةٍ، ويبسُطُ يديْهِ وبطونَهما إلى السَّماءِ. هكذا قال أصحابُنَا رحمهم الله.
وظاهر كلام أهل العلم: أنه يضمُّ اليدين بعضهما إلى بعض، كحالِ المُستجدي الذي يطلب مِن غيره أن يُعطيه شيئاً، وأمَّا التَّفْريجُ والمباعدةُ بينهما فلا أعلمُ له أصلاً؛ لا في السُّنَّةِ، ولا في كلامِ العُلماءِ ” انتهى من ” الشرح الممتع ” (4/ 18) .
وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى في ” تصحيح الدعاء ” (ص115):
” يرفع الداعي يديه إلى منكبيه ، أو نحوهما ، ضاماً لهما غير مفرقتين ؛ باسطاً بطونهما نحو السماء ، وظهورهما نحو الأرض ، وإن شاء قنّع بهما وجهه ، وظهورهما نحو القبلة ، وتكونان طاهرتين ، نظيفتين ، مكشوفتين غير محجوبتين بحائل ” انتهى .

وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الدعاء إذا كان لرفع البلاء ، جعل ظهر كفيه إلى السماء ، وإذا كان لطلب شيء وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء .
قل النووي رحمه الله :
” قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ: السُّنَّةُ فِي كُلِّ دُعَاءٍ لِرَفْعِ بَلَاءٍ ، كَالْقَحْطِ وَنَحْوِهِ ، أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ وَيَجْعَلَ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَإِذَا دَعَا لِسُؤَالِ شَيْءٍ وَتَحْصِيلِهِ ، جَعَلَ بَطْنَ كَفَّيْهِ إلى السماء ” انتهى من ” شرح النووي على مسلم ” (6/ 190) .
وقد احتجوا بما رواه مسلم (895) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْقَى، فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ) .

وذهب آخرون من أهل العلم : إلى أن الدعاء كله يكون ببطون الأكف ، وأن ما ورد من أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار بظهر كفيه إلى السماء في الاستسقاء محمول على شدة الرفع.
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله في كتابه “تصحيح الدعاء” (ص118، 119) : تعليقا على حديث مسلم : ( فأشار بظهر كفيه إلى السماء) قال : “أي من شدة الرفع بيده ، كأن ظهور كفيه نحو السماء ، وهذا هو الذي يلتقي مع جميع أحاديث الرفع التي فيها التصريح بجعل بطونهما إلى السماء ، ومع حديث مالك بن يسار رضي الله عنه : ( إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها ) رواه أحمد وأبو داود .
ولم أجد من حل هذا الإشكال على هذا الوجه إلا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى – فيما نقله عنه العلامة المرداوي – رحمه الله تعالى – في الإنصاف (1/458) حينما ذكر المذهب بجعل ظهور يديه نحو السماء في الاستسقاء ؛ لأنه دعاء رهبة ، وأن ظاهر كلام كثير من الأصحاب أن دعاء الاستسقاء كغيره في كونه يجعل بطون أصابعه نحو السماء ، قال ما نصه: “واختاره الشيخ تقي الدين ، وقال : صار كفه نحو السماء لشدة الرفع ، لا قصدًا له ، وإنما كان يوجه بطونهما مع القصد ، وأنه لو كان قصده ، فغيره أولى وأشهر ، قال : ولم يقل أحد ممن يرى رفعهما في القنوت : إنه يرفع ظهورهما ، بل بطونهما” انتهى .
وهو نقل عزيز حل هذا الإشكال المتعارض ظاهراً ، المتآلف باطنًا ، فبه تآلفت السنن ظاهرًأ وباطنًا ، والحمد لله ” انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” أما الدعاء بظهور الأكف: فقد اختلف أهل العلم فيه، لأنه ورد في صحيح مسلم ما ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بظهور كفيه في الاستسقاء، ولكن الظاهر ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أن الدعاء كله ببطون الأكف، ولكن الراوي ذكر أن ظهور كفي الرسول عليه الصلاة والسلام إلى السماء، لأنه صلى الله عليه وسلم بالغ في الرفع فظن من يراه أنه جعل ظهورهما نحو السماء، وليس المعنى أنه دعا بهما مقلوبتين ، وهذا هو الأقرب ” انتهى من ” فتاوى نور على الدرب ” (6/ 2) بترقيم الشاملة.
وقد اختار ابن رجب الحنبلي العمل بظاهر الحديث الذي رواه مسلم ، ونقله عن بعض السلف
وهو قول وجيه محتمل ، لا إنكار على من قاله أو عمل به ، وقد دل عليه ظاهر الحديث المذكور ، وثبت عن بعض السلف .
ينظر : “فتح الباري” لابن رجب (9/225) .
وإن كان الأقرب : ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في حديث أبي داود المتقدم .

أما تقليبهما – على ما ورد في نص سؤال السائل – فلا نعلم له أصلا .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android