0 / 0
9,31720/07/2016

هل يصح إطلاق القول بأن القلب كعبة الرب تعالى ؟

السؤال: 247656

“القلب كعبة يعبد الله فيها, والله -عز وجل لا يحب مزاحمة الأصنام الآخرين ” .
فهل يصح هذا القول علي مذهب أهل السنة والجماعة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

القول بأن القلب كعبة ، والمعبود سبحانه لا يرضى بمزاحمة الأصنام ، لا يعرف عن السلف ، وإنما يطلقه بعض العلماء في كلام الوعظ والإرشاد ليبين للناس أن قلب العبد ينبغي أن يكون لله تعالى ، فيحب لله ، ويبغض لله ، ويوالي في الله ويعادي في الله ، ويخشى الله ويرجو رضاه ويعمل لأجله ، ولا يزاحمه فيه حب أو قصد أو إرادة ، لأن هذه المزاحمة تكون أحيانا مخالفة لعبودية العبد التي يجب أن تكون للرب لا لغيره ، فيحب أشياء تزاحم محبة الله ، حتى يصير عبدا لها ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ ) رواه البخاري (6435) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” قَوْله ( عَبْد الدِّينَار ) أَيْ طَالِبه الْحَرِيص عَلَى جَمْعه ، الْقَائِم عَلَى حِفْظه , فَكَأَنَّهُ لِذَلِكَ خَادِمه وَعَبْده .
قَالَ الطِّيبِيُّ : قِيلَ خُصَّ (الْعَبْد) بِالذِّكْرِ ، لِيُؤْذَن بِانْغِمَاسِهِ فِي مَحَبَّة الدُّنْيَا وَشَهَوَاتهَا، كَالْأَسِيرِ الَّذِي لَا يَجِد خَلَاصًا , وَلَمْ يَقُلْ مَالِك الدِّينَار ، وَلَا جَامِع الدِّينَار ؛ لِأَنَّ الْمَذْمُوم مِنْ الْمِلْك وَالْجَمْع: الزِّيَادَةُ عَلَى قَدْر الْحَاجَة .
وَقَوْله ( إِنْ أُعْطِىَ إِلَخْ ) يُؤْذِن بِشِدَّةِ الْحِرْص عَلَى ذَلِكَ .
وَقَالَ غَيْره : جَعَلَهُ عَبْدًا لَهُمَا لِشَغَفِهِ وَحِرْصه ؛ فَمَنْ كَانَ عَبْدًا لِهَوَاهُ : لَمْ يَصْدُق فِي حَقّه ( إِيَّاكَ نَعْبُد ) فَلَا يَكُون مَنْ اِتَّصَفَ بِذَلِكَ صِدِّيقًا ” انتهى من “فتح الباري” (11/245).

وكذلك ليقوم العبد المؤمن بتطهير قلبه ، كما يؤمر بتطهير الكعبة بيت الله ، قال تعالى : ( وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) الحج/ 26 .

وممن وقفنا على استعماله لهذه العبارة : ابن القيم رحمه الله ، قال :
” إِطْلَاق الْبَصَر ينقش قي الْقلب صُورَة المنظور، وَالْقلب كعبة، والمعبود لَا يرضى بمزاحمة الْأَصْنَام ” انتهى من “الفوائد” (ص 67) .
وهذا الكلام أخذه ابن القيم من ابن الجوزي رحمه الله ؛ في كتابه “المدهش” (ص 363) .

ومثل هذا يقال من باب المجاز ، وضرب الأمثال ، وتقريب المراد من ذهن الإنسان ؛ وللتوسع في العبارات في مثل ذلك مجال .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android