الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا ترتب على العميل مديونية من جراء استعمال البطاقة الائتمانية غير المغطاة ، فلا يجوز إدخاله في معاملة تورق لسداد هذه المديونية ؛ لأن هذا من قلب الدين المحرم ، سواء كان العميل موسرا أو معسرا.
وذلك أنه لو كانت ذمتك مشغولة بخمسة آلاف مثلا ، تنتهي في شهرين، فستصبح ذمتك مشغولة بمبلغ أكثر ، ولمدة أطول ، لنفس الدائن الأول ، وهذا شبيه بربا الجاهلية ، وقولهم: إما أن تربي أو تقضي ، أو قولهم : زِدْني أُنظِرْكَ .
ثم إن التورق المنظم الذي يتولاه البنك بنفسه ، دون أن يقبض العميل السلعة ويبيعها، تورق محرم، كما سبق بيانه في أجوبة كثيرة منها جواب السؤال رقم : (82612) ، ورقم : (98124) ، ورقم : (122078) .
جاء في “قرار مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي” في دورته الثامنة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من 10-14/3/1427هـ الذي يوافقه 8-12/4/2006م في موضوع : (فسخ الدين في الدين) :
” وبعد الاطلاع على قرار المجمع بشأن موضوع بيع الدين في دورته السادسة عشرة المنعقدة في مكة المكرمة في المدة من 21-26/10/1422هـ الذي يوافقه 5-10/1/2002م والذي جاء فيه ما نصه:
“يعد من فسخ الدين في الدين الممنوع شرعاً : كل ما يفضي إلى زيادة الدين على المدين ، مقابل الزيادة في الأجل أو يكون ذريعة إليه ، ويدخل في ذلك الصور الآتية:
1- فسخ الدين في الدين عن طريق معاملة بين الدائن والمدين ، تنشأ بموجبها مديونية جديدة على المدين من أجل سداد المديونية الأولى ، كلها أو بعضها، ومن أمثلتها: شراء المدين سلعة من الدائن بثمن مؤجل ، ثم بيعها بثمن حال من أجل سداد الدين الأول ، كله أو بعضه. فلا يجوز ذلك ما دامت المديونية الجديدة من أجل وفاء المديونية الأولى ، بشرط أو عرف أو مواطأة أو إجراء منظم ؛ وسواء في ذلك أكان المدين موسراً أم معسراً ، وسواء أكان الدين الأول حالاً أم مؤجلاً يراد تعجيل سداده من المديونية الجديدة، وسواء اتفق الدائن والمدين على ذلك في عقد المديونية الأول ، أم كان اتفاقاً بعد ذلك، وسواء أكان ذلك بطلب من الدائن أم بطلب من المدين.
ويدخل في المنع ما لو كان إجراء تلك المعاملة بين المدين وطرف آخر غير الدائن ، إذا كان بترتيب من الدائن نفسه ، أو ضمان منه للمدين من أجل وفاء مديونيته ” انتهى .
وقال الدكتور عبد الرحمن بن صالح الأطرم : “عدد من البنوك الإسلامية عملت على قلب الدين، بمعنى أن البطاقات الائتمانية تعطيك مبلغاً معيناً ، لنفرض 5 آلاف ريال، ومدة السماح 45 يوم ، انتهت ال45 يوم وما سددت ، يقلبون عليك الدين، يشترون بضاعة ببيع فضولي ، أو بتوكيل مكتب خارجي ، وهذا مكتوب في اتفاقية البطاقة ، يعني قلب دين مشروط ، يقولون: نحن نتصرف عنك فضولياً، نبيعك رز أو حديد ، ويقولون: نشتري لك رز على ذمتك ونبيعك إياه إلى أجل… فإذا كان عليه خمسة آلاف يبيعونها لشهر واحد عليه بفائدة تتراوح بين 2.3% إلى 2.7% وهكذا كل شهر. ينتهي الشهر الأول يقولون له: هل تسدد أم لا؟ فإن لم يسدد فبيع فضولي مرة ثانية، نشتري لك سلعة ، ونبيعها عليك ، ونسدد الدين الأول ونثبت عليك الدين الجديد” انتهى من ” برنامج الجواب الكافي على قناة المجد “، للدكتور عبد الرحمن بن صالح الأطرم، بثت بتاريخ 23 ربيع الأول، 1430هـ، وتم تفريغها على موقع الفقه الإسلامي:
http://www.islamfeqh.com/News/NewsItem.aspx?NewsItemID=1116
وقال الدكتور يوسف الشبيلي: ” بعض البنوك التي فتحت نوافذ إسلامية طرحت ما أستطيع أن أسميه: (حيل) لتجديد هذا الدين بالزيادة في الدين مقابل هذا التقسيط، وأضافت عليها بعض التسميات التي توهم المتعامل بها أنها أصبحت شرعية، فمثلاً عند استحقاق الدين -الخمسة آلاف ريال مثلاً- يقوم العميل بتوكيل البنك بأن يجري عملية تورق ليسدد هذا المبلغ، ويقسط دين التورق على فترات متعددة، وهذه في الحقيقة وإن سميت بطاقات خير ، أو بطاقات تيسير ، أو بطاقات تورق أو غير ذلك من التسميات، فهي لا تغير من الحقائق شيئاً، فالزيادة الحاصلة الآن هي زيادة ربوية، ولا تجوز مهما كانت” انتهى من :
http://www.islamfeqh.com/News/NewsItem.aspx?NewsItemID=4937
والحاصل :
أن الطريقة المذكور لتسديد مديونية البطاقة الائتمانية لا تجوز لأمرين:
الأول: أن هذا من قلب الدين المحرم.
الثاني: أن البنك يستعمل في ذلك التورق المنظم، وهو محرم.
والله أعلم.