في قصة تحويل القبلة من بيت المقدس إلی البيت الحرام ، كيف يجمع بين هذه الأحاديث الثلاثة فيما يتعلق بالمصلين الذين حولوا قبلتهم أثناء الصلاة ، فقد اختلف الزمان والمكان .
الأول: رواية البخاري الصفحة أو الرقم: 7252 الرواي: البراء بن عازب، الثاني، رواية مسلم،
الصفحة أو الرقم : 527 الرواي: أنس بن مالك والثالث رواية مسلم الصفحة أو الرقم : 526
الراوي: عبد الله بن عمر،،
ففي الحديث الأول :
وقت الصلاة : صلاة العصر المكان : لم يذكر سوى أنهم قوم من الأنصار.
الرجل الذي أخبرهم بتحويل القبلة: من حديث ثويلة بنت أسلم، هو عباد بن بشر بن قيظي.
حال المصلين: ركوع.
وفي الثاني: وقت الصلاة: صلاة الفجر .
المكان: لم يذكر فهو مجهول .
الرجل الذي أخبرهم بتحويل القبلة: رجل من بني سلمة
حال المصلين: ركوع.
وفي الثالث: وقت الصلاة: صلاة الفجر .
المكان: مسجد قباء.
الرجل الذي أخبرهم بتحويل القبلة: لم يذكر فهو مجهول .
حال المصلين : لم يوصف حالهم في الصلاة بأنهم ركوع بل كان الوصف بأن وجوههم إلی الشام .
فكيف الجمع بين هذه الأحاديث الثلاثة ؟ هل كل راوي منهم يروي عن حادثة منفصلة عن الأخری ، أي أنه هناك ثلاثة حوادث بمساجد مختلفة ، أم أن روايتي عبد الله بن عمر وأنس بن مالك توصف الحادثة نفسها ، ورواية البراء بن عازب توصف حادثة أخرى ، أي : إن هناك حادثتين بمسجدين مختلفين ؟
لا تعارض بين الأحاديث في الذين تحولوا إلى الكعبة وهم يصلون
السؤال: 249493
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
نعم ؛ هذه الأحاديث تشير إلى حادثتين مختلفتين :
فالأولى كانت في مسجد بني حارثة في صلاة العصر ، كما ثبت ذلك من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه .
والثانية كانت في مسجد قباء في صلاة الفجر ،كما ثبت ذلك في حديثي ابن عمر وأنس رضي الله عنهما .
ونص الأحاديث الورادة ، في ذلك :
عن البراء بن عازب رضي الله : ” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ المَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ ، أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا ، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البَيْتِ ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلاَةٍ صَلَّاهَا صَلاَةَ العَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ مَكَّةَ ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البَيْتِ ” رواه البخاري (41) .
وروى مسلم في صحيحه (527) عَنْ أَنَسٍ : ” أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَنَزَلَتْ: ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) البقرة/ 144، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَقَدْ صَلَّوْا رَكْعَةً ، فَنَادَى : أَلَا إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ ، فَمَالُوا كَمَا هُمْ نَحْوَ الْقِبْلَةِ ” .
وروى مسلم (526) ، والبخاري (403) عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : ” بَيْنَمَا النَّاسُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا ، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ ، فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ ” .
فهاتان حادثتان منفصلتان .
قال ابن حجر رحمه الله :
” قوله ” في صلاة الصبح ” … فيه مغايرة لحديث البراء المتقدم ، فإن فيه أنهم كانوا في صلاة العصر ؟
والجواب : أن لا منافاة بين الخبرين ؛ لأن الخبر وصل وقت العصر إلى من هو داخل المدينة ، وهم بنو حارثة ، وذلك في حديث البراء ، والآتي إليهم بذلك عباد بن بشر ، أو بن نهيك ، كما تقدم ، ووصل الخبر وقت الصبح إلى من هو خارج المدينة وهم بنو عمرو بن عوف ، أهل قباء ، وذلك في حديث بن عمر .
ولم يسم الآتي بذلك إليهم – وإن كان ابن طاهر وغيره نقلوا أنه عباد بن بشر ، ففيه نظر ؛ لأن ذلك إنما ورد في حق بني حارثة في صلاة العصر .
فإن كان ما نقلوا محفوظا ، فيحتمل أن يكون عباد أتى بني حارثة أولا في وقت العصر ، ثم توجه إلى أهل قباء فأعلمهم بذلك في وقت الصبح .
ومما يدل على تعددهما أن مسلما روى من حديث أنس أن رجلا من بني سلمة مر وهم ركوع في صلاة الفجر ، فهذا موافق لرواية ابن عمر في تعيين الصلاة ، وبنو سلمة غير بني حارثة ” انتهى من ” فتح الباري ” (1/506) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الاسلام سؤال وجواب