0 / 0

إذا وهب لأبنائه مالا وسجله بيعا ثم ولد له مولود من زوجة أخرى فما يلزمه؟

السؤال: 249670

رجل متزوج ، وتعيش زوجته معه ، وله 3 أبناء ذكور فقط ، منهم واحد بالغ واثنان قاصران ، رغب فى الزواج بامرأة أخرى فقام ببيع جزء من نصيب أمه وأخوته فى الميراث بدون علمهم وقام بعقد الزواج على تلك المرأة ولم يدخل بها ، وقبل البناء قام إخوته تحرزاً وحماية لميراث أبنائه من الضياع بصياغة عقد بيع لنصيبه فى ميراث والده لأبنائه الثلاثة الذكور ، عقد بيع وشراء ، ووقع الرجل على العقد ، وقام بالبصمة عليه ، وبموجب هذا العقد ليس لديه أي نصيب فى ميراث والده ، وأصبح هذا النصيب من حق أبنائه الثلاثة الذكور ، ثم دخل بالزوجة الثانية وأنجب منها بنتا واحدة .

السؤال :

هل يحق للبنت المولودة نصيب فى ميراث والدها – المباع بموجب العقد المذكور – ، خاصة أن إخوته قاموا بصياغة العقد خوفا من تلك المرأة التى فتنته وجعلته يبيع من ليس حقه من أجل أن يتزوجها ، والتي ظنوا أنها سوف تجعله يبيع كل ميراثه من أجلها ، ولا يترك شيئا لأولاده ؟
توضيح : كتابه عقد البيع والتوقيع والبصمة عليه بعد عقد الزواج بالمرأة وقبل الدخول بها.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:
ما قام به هذا الرجل من بيع نصيب أمه وإخوته من الميراث دون إذنهم، منكر عظيم، وأكل للمال بالباطل، والواجب نصحه ليتوب إلى الله تعالى ويرد الحقوق إلى أهلها.
ثانيا:
إذا وهب الرجل لأبنائه هبات، ثم ولد له مولود آخر من نفس الزوجة أو غيرها، فينبغي عليه أن يعدل في الهبة، إما بإعطاء المولود الجديد مثل ما أعطى إخوته، وإما باستعادة شيء من هباتهم وإعطائه له بحيث يحصل التساوي.
وذلك أن العدل بين الأولاد في العطية واجب؛ لما روى البخاري (2587 ) ، ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : ” تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ قَالَ لَا قَالَ : ( اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ ) فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ “.
والعدل : أن يعطي للذكر مثل حظ الأنثيين ، كما في قسمة المواريث ، لأنه لا أعدل من قسمة الله تعالى .
قال ابن قدامة رحمه الله: ” قال أحمد : أحب أن لا يقسم ماله. ويدعه على فرائض الله تعالى؛ لعله أن يولد له .
فإن أعطى ولده ماله، ثم ولد له ولد، فأعجب إلي أن يرجع فيسوي بينهم. يعني يرجع في الجميع، أو يرجع في بعض ما أعطى كل واحد منهم ليدفعوه إلى هذا الولد الحادث؛ ليساوي إخوته.
فإن كان هذا الولد الحادث بعد الموت، لم يكن له الرجوع على إخوته؛ لأن العطية لزمت بموت أبيه ؛ إلا على الرواية الأخرى التي ذهب إليها أبو عبد الله ابن بطة.
ولا خلاف في أنه يستحب لمن أُعطي أن يساوي أخاه في عطيته، ولذلك أمر أبو بكر وعمر رضي الله عنهما قيس بن سعد برد قسمة أبيه ليساووا المولود الحادث بعد موت أبيه” .
انتهى من ” المغني ” (6/ 320).
ثالثا:
ينبغي أن يعلم أن الهبة لا تلزم إلا بالقبض ، فإذا ظل المال أو العقار بيد الرجل ، ولم يعطه لأبنائه يتصرفون فيه تصرف الملاك، لم تلزم الهبة، فلو مات، ردت الهبة إلى التركة.
جاء في “الموسوعة الفقهية” (26/ 96): ” يَكُونُ الشُّرُوعُ فِي الْهِبَةِ بِلَفْظِ : وَهَبْتُ، وَأَعْطَيْتُ، وَنَحَلْتُ ، وَلاَ تَتِمُّ إِلاَّ بِالْقَبْضِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ ، وَلاَ تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ ” انتهى .
والبيع الصوري لا قيمة له شرعا، فحقيقة الأمر أن ما تم هو هبة.
وعليه : فلو مات الرجل، لزم الأبناء أن يحققوا العدل ، ويعطوا لهذه البنت نصيبها من هذه الهبة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “يجب على الرجل أن يسوي بين أولاده في العطية ، ولا يجوز أن يفضل بعضا على بعض كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، حيث نهى عن الجور في التفضيل ، وأمر برده.
فإن فعل ، ومات قبل العدل : كان الواجب على من فُضل أن يتبع العدل بين إخوته؛ فيقتسمون جميع المال – الأول والآخر – على كتاب الله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين” .
انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (31/ 297).
رابعا:
البيع الصوري إذا أريد منه حرمان الزوجة الثانية أو أبنائها من الميراث ، كان تحايلا محرما.
قال ابن قدامة رحمه الله: ” والحيل كلها محرمة غير جائزة في شيء من الدين ، وهو أن يظهر مباحا ، يريد به محرما ، مخادعة ، وتوسلا إلى فعل ما حرم الله ، واستباحة محظوراته ، أو إسقاط واجب ، أو دفع حق ونحو ذلك . قال أيوب السختياني : إنهم ليخادعون الله ، كما يخادعون صبيا ، لو كانوا يأتون الأمر على وجهه : كان أسهل علي…
ولأن الله تعالى إنما حرم هذه المحرمات لمفسدتها، والضرر الحاصل منها، ولا تزول مفسدتها مع إبقاء معناها ، بإظهارهما صورة غير صورتها، فوجب أن لا يزول التحريم، كما لو سمى الخمر بغير اسمها لم يبح ذلك شربها، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليستحلن قوم من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها) انتهى من ” المغني ” (4/194).

خامسا:
لا يجوز إجبار الرجل على الهبة لأبنائه، لكونه أساء التصرف في مال الغير، ويخشى أن يسيء في ماله أيضا، ولكن يجوز أن يدعى ويرغب في ذلك ؛ أما الإجبار فلا يجوز ؛ لأنه (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) ، وصححه الألباني في “الإرواء” (5/ 279).

سادسا:
لا تأثير لكون الهبة وقعت قبل عقد النكاح الثاني أو بعده، فلو ولدت البنت بعد عشر سنين من هذه الهبة، فينبغي للأب أن يعدل بينها وبين إخوتها كما سبق.
وإذا كانت الهبة لا يمكن توثيقها إلا بالبيع الصوري، فينبغي أن يبيع لها كما باع لإخوتها، أو يسترد منهم ما يحصل به التساوي والعدل.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android