حكم الذكر لمن لا يصله صوت خطيب الجمعة
السؤال: 253565
هل يجوز لمن لا يسمع الخطيب في خطبة الجمعة أن يشتغل بالذكر وقراءة القرآن ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا يجوز للمأموم الذي يسمع خطبة الإمام يوم الجمعة أن يتكلم ، ولو كان كلامه ذكرا
لله تعالى، أو أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر .
وذلك لما رواه البخاري (934) ، ومسلم (851) عن أَبي هُرَيْرَة ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ
الجُمُعَةِ: أَنْصِتْ ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ ، فَقَدْ لَغَوْتَ ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه
الله تعالى :
” واستدل به [ يعني : حديث أبي هريرة المتقدم] على منع جميع أنواع الكلام حال
الخطبة ، وبه قال الجمهور في حق من سمعها ” انتهى من ” فتح الباري ” (2 / 415) .
وقال ابن قدامة في “المغني”
(03/193) :
وَيَجِبُ الْإِنْصَاتُ مِنْ حِينِ يَأْخُذُ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ ، فَلَا
يَجُوزُ الْكَلَامُ لِأَحَدٍ مِنْ الْحَاضِرِينَ ، وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ عُثْمَانُ
وَابْنُ عُمَرَ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : إذَا رَأَيْتَهُ يَتَكَلَّمُ ،
وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ ، فَاقْرَعْ رَأْسَهُ بِالْعَصَا .
وَكَرِهَ ذَلِكَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ ، مِنْهُمْ : مَالِكٌ ، وَأَبُو
حَنِيفَةَ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ .
وجاء في فتاوى اللجنة
الدائمة للإفتاء ” (8/243) :
“لا يجوز لمن دخل والإمام يخطب يوم الجمعة ، إذا كان يسمع الخطبة : أن يبدأ بالسلام
من في المسجد، وليس لمن في المسجد أن يرد عليه والإمام يخطب، لكن إذا رد عليه
بالإشارة جاز” انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز… الشيخ عبد الرزاق عفيفي … الشيخ عبد الله
بن قعود.
فإذا كان المأموم في مكان
بعيد لا يسمع صوت الإمام ، فلا حرج عليه أن يذكر الله تعالى سرًّا في نفسه ، بل ذلك
خير له من السكوت .
قال ابن قدامة في “المغني” (03/197) :
“وَلِلْبَعِيدِ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى ، وَيَقْرَأَ الْقُرْآنَ ،
وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا يَرْفَعُ
صَوْتَهُ ، قَالَ أَحْمَدُ : لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ .
وَرَخَّصَ لَهُ فِي الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ عَطَاءٌ ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
وَالنَّخَعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ ، وَلَا
يُذَاكِرَ فِي الْفِقْهِ ، وَلَا يُصَلِّيَ ، وَلَا يَجْلِسَ فِي حَلْقَةٍ …
لِأَنَّهُ إذَا رَفَعَ صَوْتَهُ مَنَعَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ مِنْ السَّمَاعِ
، فَيَكُونُ مُؤْذِيًا لَهُ ، فَيَكُونُ عَلَيْهِ إثْمُ مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ ،
وَصَدَّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى” انتهى .
وقال المرداوي في “الإنصاف”
(4/103) :
“يَجُوزُ لِمَنْ بَعُدَ عَنْ الْخَطِيبِ ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ : الِاشْتِغَالُ
بِالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ خُفْيَةً ، وَفِعْلُهُ أَفْضَلُ نَصَّ عَلَيْهِ [يعني :
الإمام أحمد]” انتهى .
وقال ابن المنذر رحمه الله
في “الأوسط” (4/79) :
“اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْءِ يَذْكُرُ اللهَ فِي نَفْسِهِ ، وَهُوَ
لَا يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ ، أَوْ يَقْرَأُ.
فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِيهِ …
وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ …
ثم اختار القول الأول ، فقال :
“يَذْكُرُ اللهَ فِي نَفْسِهِ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ إِنْ شَاءَ” انتهى .
والله أعلم .
المصدر:
موقع الاسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟