0 / 0
12,65928/10/2016

أراد إنقاذ غريق فدفعه دون قصد ، فابتلع الماء ، ولم يمكن إنقاذه ؟

السؤال: 255361

مجموعة من الأصدقاء ذهبوا في رحلة إلى البحر ، دخل اثنان منهم إلى البحر ، وكاد أحدهما أن يغرق ، فـجاء صاحبه الذي دخل معه وحاول إنقاذه لكنه لم يفلح ، وفي أثناء محاولته لإنقاذه حصلت منه حركة بطريقة معينة ـ يظن أنها كانت سببًا في غرق صاحبه ـ ، وهو أنه قد دفعه ـدون قصد ـ وهو يحاول إنقاذه ، فابتلع من الماء ، ونزل رأسه تحت الماء وتنفس تحته ، ولم يستطع بعدها إنقاذه ، وكاد كلاهما أن يغرق ، حتى جاءت مركبة بحرية ، ولم تستطع إنقاذ ذلك الذي نزل تحت الماء ، وغرق على إثرها ، وعثروا على جثته بعدها بيومين ـ رحمة الله عليه ـ ،
والسؤال:
هل على الذي حاول إنقاذه آثم ؟ لأنه يظن أنه قد قتله بتلك الحركة الخاطئة التي فعلها دون قصد ، وهل يعتبر من قبيل القتل الخطأ الذي فيه الكفارة ؟ ، مع أنه كان يحاول إنقاذه ، وبذل كُل ما في وسعه من أجل ذلك ، ولم يكن يريد قتله ، وفعل تلك الحركة دون قصد ، وبسبب التوتر ومحاولة الإنقاذ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:
يجب إنقاذ الغريق على من يقدر على ذلك ، ولو كان في صلاة ، أو كان صائما وكان الإنقاذ يستلزم فطره ، ويأثم بترك إنقاذه .
وفي “الموسوعة الفقهية” (31/ 183):” إغاثة الغريق والعمل على إنجائه من الغرق : واجب على كل مسلم متى استطاع ذلك ، يقول الفقهاء : يجب قطع الصلاة لإغاثة غريق إذا قدر على ذلك، سواء أكانت الصلاة فرضا أم نفلا ، وسواء استغاث الغريق بالمصلي ، أو لم يعيّن أحدا في استغاثته ، حتى ولو ضاق وقت الصلاة ؛ لأن الصلاة يمكن تداركها بالقضاء ، بخلاف الغريق”.
واختلف الفقهاء فيما يترتب على من ترك إنقاذ الغريق:
ففي المصدر السابق (31/ 183): ” اتفق الفقهاء على أن المسلم يأثم بتركه إنقاذ الغريق معصوم الدم ، لكنهم اختلفوا في حكم تركه إنقاذه ، هل يجب عليه القصاص ، أو الدية ، أو لا شيء عليه ؟
فعند الحنفية والشافعية والحنابلة – عدا أبي الخطاب – على ما يفهم من كلامهم : أنه لا ضمان على الممتنع من إنقاذ الغريق إذا مات غرقا ؛ لأنه لم يهلكه ، ولم يحدث فيه فعلا مهلكا ، لكنه يأثم .
وعند المالكية وأبي الخطاب من الحنابلة يضمن ؛ لأنه لم ينجه من الهلاك مع إمكانه ، قال المالكية : وتكون الدية في ماله إن ترك التخليص عمدا ، وعلى عاقلته إن تركه متأولا” انتهى.
ثانيا:
إذا شرع الإنسان في إنقاذ الغريق ، فتشبث به فخشي على نفسه الهلاك، تركه.
قال الشوكاني رحمه الله: ” لا شك أن إنقاذ الغريق من أهم الواجبات على كل قادر على إنقاذه ، فإذا أخذ في إنقاذه ، فتعلق به حتى خشي على نفسه أن يغرق مثله : فليس عليه في هذه الحالة وجوب ، لا شرعا ولا عقلا، فيخلص نفسه منه ، ويدعه، سواء كان قد أشرف على النجاة أم لا، بل ظاهر قوله تعالى: ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [البقرة: 195]، أنه يجب عليه تخليص نفسه.
والآية هذه ، وإن كانت واردة على سبب خاص ، كما في سنن أبي داود وغيرهما ؛ فالاعتبار بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب ، كما تقرر في الأصول ، وهو الحق” انتهى من السيل الجرار، ص892 .

ثالثا:
يظهر من السؤال أن المنقذ دفع صاحبه ، من غير قصد ، فأدى ذلك إلى ابتلاعه الماء، وربما كان السبب في غرقه.
ويتعلق بهذا أمران:
الأول: الإثم: فلا إثم عليه ، إن كان ذلك دون قصد؛ لما تقرر في الشريعة من رفع الجناح والإثم عن المخطئ، ولأنه إنما أراد إنقاذ أخيه ، لا إهلاكه.
الثاني: الضمان وكون هذا من باب القتل الخطأ أو التسبب في القتل: وهذا يُرجع فيه إلى أهل الخبرة، فإن قالوا: إن هذا الدفع سبب في الغرق، فإنه يضمنه، فتلزمه الكفارة، والدية على عاقلته. والكفارة صيام شهرين متتابعين.
وينظر الكلام على الدية والكفارة في جواب السؤال رقم : (52809) ، ورقم : (130703) .
وإن قال أهل الخبرة: إن هذا الدفع لا يترتب عليه غرق، أو إن هذا من وسائل الإنقاذ، فلا شيء عليه.
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android