وجدت في سنن النسائي عن أبي هريرة (1544) أن الرسول صلى بهم العصر في ذات الرقاع ، فكانت له ركعتان وهم ركعة ركعة. وعن أبي عياش الزرقي (1550) يصف نفس الحادثة ، وقال : إنه صلى بهم أربع له ، ولهم ركعتان ركعتان وكلا الحديثين صححه الألباني رحمه الله . فأرجو أن تبينوا لنا بأيهما نأخذ وفقكم الله ؟ وهل صلاة ركعة واحدة للمأمومين وركعتان للإمام هو قول معتبر؟
هل صلى الصحابة ركعة واحدة في صلاة الخوف؟
السؤال: 257434
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
الحديث الأول، حديث أبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَازِلًا بَيْنَ ضَجْنَانَ وَعُسْفَانَ مُحَاصِرَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ لِهَؤُلَاءِ صَلَاةً هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ وَأَبْكَارِهِمْ، أَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ ثُمَّ مِيلُوا عَلَيْهِمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً، فَجَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْسِمَ أَصْحَابَهُ نِصْفَيْنِ، فَيُصَلِّيَ بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ، وَطَائِفَةٌ مُقْبِلُونَ عَلَى عَدُوِّهِمْ قَدْ أَخَذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ، فَيُصَلِّيَ بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ يَتَأَخَّرَ هَؤُلَاءِ وَيَتَقَدَّمَ أُولَئِكَ فَيُصَلِّيَ بِهِمْ رَكْعَةً ، تَكُونُ لَهُمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً رَكْعَةً ، وَلِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَانِ) .
رواه النسائي (1544) وأبو داود (1240) والترمذي (3035) وصححه الألباني.
وهذا الحديث حمله الجمهور على أن المراد أنهم صلوا ركعة مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم صلوا ركعة لأنفسهم، كما جاء مفسرا في أحاديث أخر، بل في هذا الحديث قوله: (تَكُونُ لَهُمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً رَكْعَةً) ففيه إشارة إلى أنهم أدركوا ركعة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينف أنهم أتوا بركعة أخرى.
وقد روى مسلم (839) والنسائي (1542) عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: (صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ، فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَهَبُوا وَجَاءَ الْآخَرُونَ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ قَضَتِ الطَّائِفَتَانِ رَكْعَةً رَكْعَةً) .
وروى النسائي (1536) عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَصَفَّ صَفًّا خَلْفَهُ وَصَفًّا مُصَافُّو الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ وَجَاءَ أُولَئِكَ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ قَامُوا فَقَضَوْا رَكْعَةً رَكْعَةً) .
لكن يشكل على هذا ما روى النسائي (1533) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِذِي قَرَدٍ، وَصَفَّ النَّاسُ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، صَفًّا خَلْفَهُ وَصَفًّا مُوَازِيَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ انْصَرَفَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَانِ هَؤُلَاءِ، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا) .
وما روى النسائي (1530) وأبو داود (1246) عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي بِطَبَرِسْتَانَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ؟ فَقَالَ: حُذَيْفَةُ: أَنَا، فَقَامَ حُذَيْفَةُ (فَصَفَّ النَّاسُ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، صَفًّا خَلْفَهُ وَصَفًّا مُوَازِيَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّذِي خَلْفَهُ رَكْعَةً ثُمَّ انْصَرَفَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَانِ هَؤُلَاءِ، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا) ،
فلهذا ذهب جماعة من السلف إلى أن صلاة الخوف يصليها المأموم ركعة فقط، وحملها بعضهم على شدة الخوف.
وقد روى مسلم (687) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً).
وأما الجمهور فحملوا قوله: (لم يقضوا) على معنى أنهم لم يعيدوا الصلاة بعد الأمن.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح حديث ابن عباس وهو عند البخاري برقم (944): ” ولم يقع في رواية الزهري هذه هل أكملوا الركعة الثانية أم لا.
وقد رواه النسائي من طريق أبي بكر بن أبي الجهم عن شيخه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة فزاد في آخره: (ولم يقضوا) ؛ وهذا كالصريح في اقتصارهم على ركعة ركعة.
وفي الباب عن حذيفة وعن زيد بن ثابت عند أبي داود والنسائي وابن حبان، وعن جابر عند النسائي .
ويشهد له ما رواه مسلم وأبو داود والنسائي من طريق مجاهد عن ابن عباس قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة.
وبالاقتصار في الخوف على ركعة واحدة يقول إسحاق والثوري ومن تبعهما، وقال به أبو هريرة وأبو موسى الأشعري وغير واحد من التابعين .
ومنهم من قيد ذلك بشدة الخوف، وسيأتي عن بعضهم في شدة الخوف أسهل من ذلك.
وقال الجمهور: قصر الخوف قصر هيئة لا قصر عدد، وتأولوا رواية مجاهد هذه على أن المراد به ركعة مع الإمام، وليس فيه نفي الثانية. وقالوا يحتمل أن يكون قوله في الحديث السابق: (لم يقضوا) أي لم يعيدوا الصلاة بعد الأمن والله أعلم” انتهى من فتح الباري (2/ 433).
وعليه : فهذه صفة صحيحة لصلاة الخوف، ولا حرج على من صلاها كذلك.
قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام (1/ 424): ” والحديث دليل على أن صلاة الخوف ركعة واحدة في حق الإمام والمأموم، وقد قال به الثوري وجماعة، وقال به من الصحابة أبو هريرة وأبو موسى” انتهى.
وقال الدكتور سعيد بن علي بن وهف القحطاني: ” وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يقول عن هذا النوع: صلاة الخوف ركعة على أي حال كان، يعني للإمام والمأمومين” انتهى من “صلاة المؤمن” (2/ 788).
ثانيا:
حديث أبي عياش الزرقي الذي رواه النسائي (1550) هذا لفظه:
قَالَ: (كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الظُّهْرِ، وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَقَدْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ غِرَّةً، وَلَقَدْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ غَفْلَةً، فَنَزَلَتْ ـ يَعْنِي : صَلَاةَ الْخَوْفِ ـ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ .
فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعَصْرِ، فَفَرَّقَنَا فِرْقَتَيْنِ، فِرْقَةً تُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِرْقَةً يَحْرُسُونَهُ، فَكَبَّرَ بِالَّذِينَ يَلُونَهُ وَالَّذِينَ يَحْرُسُونَهُمْ، ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعَ هَؤُلَاءِ وَأُولَئِكَ جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ الَّذِينَ يَلُونَهُ وَتَأَخَّرَ هَؤُلَاءِ وَالَّذِينَ يَلُونَهُ ، وَتَقَدَّمَ الْآخَرُونَ فَسَجَدُوا، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ بِهِمْ جَمِيعًا الثَّانِيَةَ ، بِالَّذِينَ يَلُونَهُ وَبِالَّذِينَ يَحْرُسُونَهُ، ثُمَّ سَجَدَ بِالَّذِينَ يَلُونَهُ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا فَقَامُوا فِي مَصَافِّ أَصْحَابِهِمْ وَتَقَدَّمَ الْآخَرُونَ فَسَجَدُوا، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَكَانَتْ لِكُلِّهِمْ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ مَعَ إِمَامِهِمْ ، وَصَلَّى مَرَّةً بِأَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ ).
وهذا ليس فيه أنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم أربعا.
لكن قد روى النسائي (1551) وأبو داود (1248) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالْقَوْمِ فِي الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى بِالْقَوْمِ الْآخَرِينَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعًا).
قال أبو داود عقبه: ” وَبِذَلِكَ كَانَ يُفْتِي الْحَسَنُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ فِي الْمَغْرِبِ : يَكُونُ لِلْإِمَامِ سِتُّ رَكَعَاتٍ، وَلِلْقَوْمِ ثَلَاثٌ ثَلَاثٌ .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ قَالَ سُلَيْمَانُ الْيَشْكُرِيُّ: عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” انتهى.
وروى النسائي (1552) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى بِآخَرِينَ أَيْضًا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ)
وفي هذين الحديثين أنه صلى الله عليه وسلم صلى أربعا بسلامين. فتكون صلاته الثانية نفلا.
قال الدكتور سعيد بن وهف القحطاني: ” وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يقول: يصلي بالطائفة الأولى ركعتين، ثم يسلم، ويصلي بالطائفة الثانية ركعتين، ثم يسلم، وروى مسلم ما رواه النسائي وأبو داود، ورواه البخاري معلقًا مجزومًا به، وهذا دليل على جواز إمامة المتنفل” انتهى من صلاة المؤمن (2/ 786).
وجاء في حديث جابر ما يفهم منه أنه صلى بهم أربعا بسلام واحد، وكان لكل طائفة ركعتان:
روى البخاري (4136) ومسلم (843) عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِينَ وَسَيْفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَلَّقٌ بِالشَّجَرَةِ، فَاخْتَرَطَهُ، فَقَالَ: تَخَافُنِي؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: اللَّهُ فَتَهَدَّدَهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا، وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعٌ، وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ).
وهذه اختلف فيها أهل العلم، فمنهم من حملها على أنه صلى أربعا لم يسلم إلا في آخرها، وعدّها صفة من صفات صلاة الخوف، ورأى أن المسافر مخير بين الإتمام والقصر، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أتم هنا.
قال ابن قدامة رحمه الله: ” الوجه الخامس أن يصلي بالطائفة الأولى ركعتين، ولا يسلم، ثم تسلم الطائفة، وتنصرف ولا تقضي شيئا. وتأتي الطائفة الأخرى، فيصلي بها ركعتين، ويسلم بها، ولا تقضي شيئا. وهذا مثل الوجه الذي قبله، إلا أنه لا يسلم في الركعتين الأوليين؛ لما روى جابر…” انتهى من المغني (2/ 307).
ومنهم من حملها على أنه سلم بعد ركعتين.
قال النووي رحمه الله: ” قوله ( فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا ، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتين ) : معناه : صلى بالطائفة الأولى ركعتين وسلم ، وسلموا ، وبالثانية كذلك . وكان النبي صلى الله عليه وسلم متنفلا في الثانية ، وهم مفترضون . واستدل به الشافعي وأصحابه على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل والله أعلم” انتهى من شرح مسلم (6/ 129).
وقال ابن رجب رحمه الله: ” وصلاة الخوف على هذه الصفة: أن يصلي الإمام أربع ركعات ويصلي كل طائفة خلفه ركعتين، لها صورتان:
إحداهما: أن يسلم الإمام من كل ركعتين، فهو جائز عن الشافعي وأصحابه…
واختلف أصحابنا في ذلك:
فمنهم من أجازها في صلاة الخوف دون غيرها، وهو منصوص أحمد، وهو قول الحسن البصري – أيضا – واختاره طائفة من أصحابنا.
ومن أصحابنا من قال: هي مُخرجة على الاختلاف عن أحمد في صحة ائتمام المفترض بالمتنفل، كما سبق ذكره.
ومنع منها أصحاب أبي حنيفة؛ لذلك.
والصورة الثانية: أن لايسلم الإمام، ويكون ذلك في سفر، فينبني على أنه: هل يصح أن يقتدي القاصر بالمتم في السفر؟
والأكثرون على أنه إذا اقتدى المسافر بمن يتم الصلاة ، فأدرك معه ركعة فصاعداً، فإنه يلزمه الإتمام.
فإن أدرك معه دون ركعة، فهل يلزمه الإتمام؟
قالَ الزهري وقتادة والنخعي ومالك: لا يلزمه، وهو رواية عن أحمد. والمشهور، عنه: أنه يلزمه الإتمام بكل حال، وهو قول الثوري وأبي حنيفة وأصحابه والأوزاعي والليث والشافعي وأبي ثور.
وقالت طائفة: لا يلزمه الإتمام، وله القصر بكل حال ، وهو قول الشعبي وطاوس وإسحاق.
فعلى قول هؤلاء: لاتردد في جواز أن يصلي الإمام أربع ركعات في السفر، وتصلي معه كل طائفة ركعتين.
وعلى قول الأولين: فهل يجوز ذلك في صلاة الخوف خاصة؟ فيه لأصحابنا وجهان.
ومن منع ذلك قال: ليس في حديث جابر تصريح بأن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لم يسلم بين كل ركعتين ، بل قد ورد ذلك صريحاً في روايات متعددة، فتحمل الروايات المحتملة على الروايات المفسرة المبينة” انتهى من فتح الباري لابن رجب (8/ 374).
وقال الدكتور سعيد بن علي بن وهف القحطاني: ” وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله يقول: هذه صفة من أنواع صلاة الخوف: صلى ركعتين ثم سلم، ثم صلى بطائفة أخرى ركعتين ثم سلم، وهذا هو الصواب، ومن قال: إنه صلى بدون سلام فقد غلط .
ومن أهم شيء عند طالب العلم إذا أشكل عليه بعض الأحاديث أن يجمع الروايات وطرقها ، حتى يتضح له الأمر” انتهى من صلاة المؤمن (2/ 787).
والحاصل : أن من صور صلاة الخوف : أن يصلي المأمومون ركعة واحدة فقط . وإلى هذا ذهب جماعة من الصحابة والتابعين .
ومن صورها أن يصلي الإمام أربع ركعات بسلامين- وقيل بسلام واحد- ويصلي المأمومون خلفه ركعتين.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (36896).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة