0 / 0

هل يغني الركوع عن سجود التلاوة؟

السؤال: 258474

هل يغني الركوع عن سجود التلاوة في الصلاة كما في أثر ابن مسعود إن صح ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا يقوم الركوع مقام السجود في سجدة التلاوة عند جمهور أهل العلم .
وحجتهم : أنه عبادة مشروعة بوصف معين ، فلا يجوز تغيير صفتها ، كسجود الصلاة ، ولأن الركوع أقل خضوعا من السجود فلا يقوم مقامه .
وذهب أبو حنيفة إلى جواز الركوع بدل السجود .
قال النووي رحمه الله تعالى :
” لا يقوم الركوع مقام السجود في حال الاختيار عندنا ، وبه قال جمهور السلف والخلف .
وقال أبو حنيفة : يقوم مقامه .
ودليل الجمهور القياس على سجود الصلاة .
واحتج أبو حنيفة بقوله تعالى : ( وَخَرَّ رَاكِعًا ) سورة ص (24) ، ولأن المقصود الخضوع .
وأجاب الجمهور … وأما قولهم المقصود الخضوع ، فجوابه : أن الركوع ليس فيه من الخضوع ما في السجود ، فأما العاجز عن السجود فيومئ به كما في سجود الصلاة ” انتهى من ” المجموع ” (4 / 72) .

والراجح أن سجود التلاوة شرع على هيئة معينة ، فلا يجوز تغييرها .
أما آية ركوع داود عليه السلام في سورة ص ، فليست صريحة في عدم سجوده ، بل بيّنت السنة أن الركوع في الآية المراد به السجود .
فعَنِ العَوَّامِ ، قَالَ : ( سَأَلْتُ مُجَاهِدًا ، عَنْ سَجْدَةٍ فِي ( ص ) ، فَقَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاس ٍ: مِنْ أَيْنَ سَجَدْتَ ؟ فَقَالَ : أَوَمَا تَقْرَأُ : ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ) . فَكَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ ، فَسَجَدَهَا دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، فَسَجَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه البخاري (4807) .
وروى النسائي (957) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِي ( ص ) وَقَالَ : سَجَدَهَا دَاوُدُ تَوْبَةً، وَنَسْجُدُهَا شُكْرًا ) وصححه الألباني في ” صحيح سنن النسائي ” .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” وأما قوله عن داود عليه السلام : ( وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ) لا ريب أنه سجد . كما ثبت بالسنة ، وإجماع المسلمين أنه سجد لله ، والله سبحانه مدحه بكونه خر راكعا ، وهذا أول السجود … ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (23 / 145) .
أمّا ما روي عن ابن مسعود فلا يصلح دليلا لهذه المسألة ، وإنما وجهه ؛ أن عادة السلف الصالح في القراءة في الصلاة : أنهم يقرؤون سورة كاملة في الركعة الواحدة ، فإذا كانت السورة في آخرها سجدة كسورة الأعراف ، وسورة النجم ، وسورة العلق ، فيرى ابن مسعود رضي الله عنه أن ركوع وسجود الصلاة كافٍ عن سجود التلاوة .
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: ( إِذَا كَانَتِ السَّجْدَةُ خَاتِمَةَ السُّورَةِ : فَإِنْ شِئَتَ رَكَعْت َ، وَإِنْ شِئَتَ سَجَدْتَ ) رواه عبد الرزاق في ” المصنف ” (3 / 347) ، والبيهقي في ” السنن الكبرى ” (4 / 488) .
وهذا من باب تداخل العبادات التي من جنس واحد ، كما توضحها الرواية الأخرى : ( إِذَا كَانَتِ السَّجْدَةُ آخِرَ السُّورَةِ : فَارْكَعْ إِنْ شِئْتَ ، أَوِ اسْجُدْ ؛ فَإِنَّ السَّجْدَةَ مَعَ الرَّكْعَةِ ) رواه عبد الرزاق في ” المصنف ” (3 / 347) ، قال الهيثمي في ” مجمع الزوائد ” (2 / 286) : رجاله ثقات .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” إذا كانت السجدة في آخر السورة : أجزأ ما في الصلاة من السجود والركوع عن سجود التلاوة ، كما يُروى ذلك عن ابن مسعود ، وهذا هو المنصوص عن أحمد ، وهو قولُ من قال من فقهاء العراق وغيرهم .
لكن : هل المجزئ عن سجود التلاوة هو الركوع ، أو سجود الصلاة أو كلاهما ؟ فيه نزاع ليس هذا موضعه ” انتهى من ” جامع المسائل ” (6 / 296) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android