اشتريت سيارة ب6000 آلاف ريال سعودي وبقي في ذمتي 1000 ريال على أن محرك السيارة خال من العيوب ومع أول تغيير زيت للمحرك بعد شراءها مباشرة وجدت نقص كبير في مستوى الزيت وعند سؤال صاحب السيارة السابق أفادني بانه خلل بسيط ومضت سنة ولم أحصل على المبلغ لسداده واكتشفت الآن أن الخلل كان منذ الشراء علما أنني سددت 500 من ال 1000 فهل يلزمني سداد باقي المبلغ ولو عرفت هذا الخلل منذ البداية ما اشريتها بهذا السعر .
اشترى سيارة ثم وجد بها عيبا، فهل له أن يأخذ عوضا عن هذا العيب ؟
السؤال: 259082
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
إذا ثبت أن السلعة معيبة من قبل أن تنتقل إلى المشتري ، فإن للمشتري أن يرد السلعة ويأخذ الثمن الذي كان قد دفعه ، وهذا يسمى عند العلماء خيار العيب .
وإن أراد أن يبقيها عنده ويسترد ” الأرش” وهو نسبة الفرق بين قيمتها سليمة وقيمتها معيبة :
فإن كان هذا بالتراضي مع البائع فهو جائز باتفاق العلماء .
وإن أراد المشتري أن يجبر البائع عليه ، ففي جواز هذا خلاف بين أهل العلم .
فجمهور أهل العلم يمنعون من ذلك ، ويقولون : ليس للمشتري إلا أن يرد المبيع ويستلم الثمن ، أو يمسكه بحاله ولا شيء له ؛ قالوا : لأن هذا عقد جديد ومعاوضة جديدة ، فلا بد من رضا البائع .
وذهب الحنابلة إلى أن له الاحتفاظ بالسلعة المعيبة، مع أخذ الأرش ، قالوا :
– لأنه إنما دخل في عقد البيع على أن السلعة سليمة ، فإذا نقص شيء منها ، لزم أن ينزل من الثمن بقدره .
– واستدلوا بالقياس على جواز المطالبة بالأرش فيما لو ظهر بالسلعة عيب واتضح أنه قديم ، وأراد المشتري إرجاعها ، ولكنها تعيبت قبل أن يرجعها ، فهنا للبائع أن يطالب بأرش العيب الحادث عند المشتري .
قال ابن قدامة :
” إذَا اخْتَارَ الْمُشْتَرِي إمْسَاكَ الْمَعِيبِ، وَأَخْذَ الْأَرْشِ، فَلَهُ ذَلِكَ. وَهَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَيْسَ لَهُ إلَّا الْإِمْسَاكُ، أَوْ الرَّدُّ، وَلَيْسَ لَهُ أَرْشٌ، إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ رَدُّ الْمَبِيعِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – جَعَلَ لِمُشْتَرِي الْمُصَرَّاةِ الْخِيَارَ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ، أَوْ الرَّدِّ. وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّدَّ، فَلَمْ يَمْلِكْ أَخْذَ جُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ، كَاَلَّذِي لَهُ الْخِيَارُ.
وَلَنَا: أَنَّهُ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، فَكَانَ لَهُ الْأَرْشُ، كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ.
وَلِأَنَّهُ فَاتَ عَلَيْهِ جُزْءٌ مِنْ الْمَبِيعِ، فَكَانَتْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِعِوَضِهِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ، فَبَانَتْ تِسْعَةً، أَوْ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ .
فَأَمَّا الْمُصَرَّاةُ فَلَيْسَ فِيهَا عَيْبٌ، وَإِنَّمَا مَلَكَ الْخِيَارَ بِالتَّدْلِيسِ، لَا لِفَوَاتِ جُزْءٍ، وَلِذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ أَرْشًا إذَا امْتَنَعَ الرَّدُّ عَلَيْهِ ” انتهى من “المغني” (4/111-112) .
والراجح هو قول جمهور أهل العلم ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشيخ ابن عثيمين ، رحم الله الجميع .
قال الشيخ ابن عثيمين :
“إذا اشترى معيباً عالماً بعيبه فلا خيار له ، وإذا اشترى معيباً غير عالم بعيبه فإن له الخيار بين أن يرده ويأخذ الثمن إن كان قد سلم الثمن وبين أن يبقيه وله الأرش…
ولكن الراجح قول شيخ الإسلام رحمه الله وهو أن يخير المشتري بين الرد، أو الإمساك مجاناً ، وأما الأرش فيقول : .. هذا عقد جديد لا يمكن أن يجبر البائع [ عليه ] .
لكن لو فرضنا أن البائع مدلس: فهنا يتوجه القول بإلزامه بالأرش إذا اختاره المشتري تنكيلاً له .
أما إذا علمنا أن الرجل سليم صادق النية، وتبين العيب فكيف نلزمه بالأرش ؟! هو يقول أنا إنما بعت السلعة هذه؛ إن جاءت بالثمن هذا، وإلا ردوها عليَّ . فكيف نلزمه ؟!
فالقول الراجح إذاً: أن المشتري يخير بين الرد وأخذ الثمن كاملاً، والإمساك بلا أرش؛ لأن الأرش معاوضة في الواقع ؛ إلا إذا علمنا أن البائع مدلس فحينئذ نعامله بالأغلظ والأشد، ونقول: الخيار للمشتري إن شاء أمسكها بالأرش وإن شاء ردها ” انتهى من “التعليق على الكافي” (1/215) بترقيم الشاملة .
ثانيا :
من اشترى شيئا معيبا ، وعلم بالعيب بعد شرائه ، ولم يرده ، بل أمسكه واستعمله ، فلا خيار له، وقد أسقط حق نفسه في الرد ، لأن استعماله بعد العلم بالعيب: دليل على أنه رضي به .
وهذا هو الذي يظهر من حال السائل هنا ؛ فإن السائل علم بالعيب مع أول تغيير للزيت ، وكلما غيَّر الزيت تأكد من العيب، وعلم قدره ، فإمساكه السيارة هذه المدة الطويلة (سنة) يبطل حقه في الرد .
قال ابن قدامة :
” خِيَارُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى التَّرَاخِي ، فَمَتَى عَلِمَ الْعَيْبَ ، فَأَخَّرَ الرَّدَّ ، لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ ، حَتَّى يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا . ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ” . انتهى، من “المغني” (9/104) .
وقال الرحيباني في “مطالب أولي النهى” (3/119) :
“(وَخِيَارُ عَيْبٍ مُتَرَاخٍ) … لِأَنَّهُ شُرِعَ رَدُّ ضَرَرٍ مُسْتَحَقٍّ، فَلَمْ يَبْطُلْ بِالتَّأْخِيرِ، كَالْقِصَاصِ، (لَا يَسْقُطُ إلَّا إنْ وُجِدَ دَلِيلُ رِضَا مُشْتَرٍ) ؛ لِأَنَّ دَلِيلَ الرِّضَا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ التَّصْرِيحِ بِهِ، (كَتَصَرُّفِهِ) فِي مَبِيعٍ (بَعْدَ عِلْمِهِ) بِعَيْبِهِ (وَقَبْلَ فَسْخٍ) بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ، (أَوْ قَبْلَ اخْتِيَارِ إمْسَاكٍ) فِي مَبِيعٍ، (وَكَاسْتِعْمَالِهِ) الْمَبِيعَ (لِغَيْرِ، تَجْرِبَةٍ)” انتهى .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب