عندما أريد شراء سبائك ذهب أتصل على المحل الذي يبيع الذهب ، وأطلب منه أن يحجز لي مقداراً معيناً من الذهب ، مثلا كيلو ذهب ، على أن يكون سعر الكيلو ١٥٠ ألف ريال في ذلك الوقت ، وأنا اذهب إلى محل الذهب ثاني يوم أو ثالث يوم ، وأعطيه المبلغ ١٥٠ الف ، ويعطيني الكيلو الذهب الذي حجزته ، علما أنه في حال انخفاض أو ارتفاع قيمة الذهب قبل أن أستلمه لا يؤثر على الاتفاق المبرم بيني وبين البائع ، فما الحكم الشرعي في هذه المسالة ؟
حكم شراء الذهب عن طريق الهاتف واستلامه بعد يوم أو يومين
السؤال: 260161
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يشترط في بيع الذهب ، إذا بيع بذهب أو بفضة أو بنقود: أن يكون العوضان حاضرين في مجلس العقد، فلا يجوز شراء الذهب بالطريقة التي ذكرت ، بل يجب أن يكون الذهب والنقود حاضرين في مجلس العقد ، فيتم التبادل (يدا بيد) أو (هاء وهاء) كما سيأتي في الحديث ، وهو ما يسمى بالتقابض الفوري .
فإن لم يحصل التقابض كان ذلك من ربا النسيئة.
فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم ( 2970 ).
وروى مسلم (1586) عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ ، أَنَّهُ قَالَ: ” أَقْبَلْتُ أَقُولُ مَنْ يَصْطَرِفُ الدَّرَاهِمَ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ – وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -: أَرِنَا ذَهَبَكَ، ثُمَّ ائْتِنَا ، إِذَا جَاءَ خَادِمُنَا ، نُعْطِكَ وَرِقَكَ .
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: كَلَّا، وَاللهِ لَتُعْطِيَنَّهُ وَرِقَهُ، أَوْ لَتَرُدَّنَّ إِلَيْهِ ذَهَبَهُ .
فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْوَرِقُ بِالذَّهَبِ رِبًا، إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا، إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا، إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا، إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ).
والأوراق النقدية تأخذ حكم الفضة في هذا .
فلا يجوز بيع الذهب بالنقود : إلا يدا بيد.
جاء في قرار ” مجمع الفقه الإسلامي ” التابع لمنظمة ” المؤتمر الإسلامي ” ما نصه :
“بخصوص أحكام العملات الورقية : أنها نقود اعتبارية ، فيها صفة الثمنية كاملة ، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامهما” انتهى من مجلة المجمع ( العدد الثالث ج3 ص 1650 ، والعدد الخامس ج3 ص 1609).
وجاء في ” فتاوى اللجنة الدائمة ” (13/ 475): ” أحيانا يشتري صاحب المحل ذهبا بالجملة بواسطة التلفون ، من مكة أو من خارج المملكة، وهو في الرياض، من صائغ معروف لديه، والبضاعة معروفة لدى المشتري، كأن تكون غوايش أو غير ذلك، ويتفقون على السعر، ويحول له الثمن بالبنك، فهل يجوز ذلك أو ماذا يفعل؟
الجواب: هذا العقد لا يجوز أيضا؛ لتأخر قبض العوضين عنه، الثمن والمثمن، وهما معا من الذهب، أو أحدهما من الذهب والآخر من الفضة، أو ما يقوم مقامهما من الورق النقدي .
وذلك يسمى بربا النسأ، وهو محرم، وإنما يستأنف البيع عند حضور الثمن ، بما يتفقان عليه من الثمن وقت العقد ، يدا بيد.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد الله بن غديان … عبد العزيز بن عبد الله بن باز” انتهى.
وجاء فيها أيضا (13/ 483):
” لا يجوز بيع الذهب بالذهب ، ولا الفضة بالفضة ، إلا مِثلاً بمثل ، يداً بيد ….
وإذا كان أحد العوضين ذهباً مصوغاً أو نقداً، وكان الآخر فضة مصوغة أو نقداً ، أو من العملات الأخرى : جاز التفاوت بينهما في القدْر ، لكن مع التقابض قبل التفرق من مجلس العقد .
وما خالف ذلك في هذه المسألة : فهو ربا ، يدخل فاعله في عموم قوله تعالى : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) الآية.
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود” انتهى.
ويمكنك الاتصال لمعرفة السعر والتأكد من وجود الكمية التي تريد، لكن لا يتم الشراء إلا عند ذهابك للمحل ، ومبادلة الذهب بالنقود في مجلس التعاقد .
ولو تغير السعر فيما بين الاتصال الهاتفي وذهابك للمحل ، فالعبرة بوقت وجودك في المحل؛ لأنه وقت التعاقد.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب