0 / 0

حكم استخدام الروبوت في العمليات الجراحية، ومن يضمن الخطأ؟

السؤال: 261214

ما حكم استخدام الروبوت (الرجل الآلي) في المجال الطبي، مثل إجراء العمليات، وما إلى ذلك؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

كلمة الروبوت: هي في الأصل كلمة تشيكية، تعني الخادم أو العبد.

والروبوت: آلة الكترومكانيكية (لها جانب الكتروني، وآخر ميكانيكي)، ذاتية التشغيل، قابلة للبرمجة، تمتلك ذكاء صناعياً (تكون قادرة على التمييز والتعرف والاستدلال والاستنتاج).

ثانياً:

الروبوت الطبي: الأصل في استعماله: الحل والإباحة، ما دام الغرض الذي يُستخدم فيه مباحًا.

والقاعدة: "أن الأشياء المسكوت عنها شرعاً، وغير الضارة من الأعيان، والمنافع، والمعاملات أنها غير محرمة". "الممتع في القواعد الفقهية" ص: 141.

ومن الأدلة على أن الأصل في الأشياء الإباحة:

قول الله تعالى:(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) البقرة/29.

وجه الدلالة:

 "اللام في قوله: «لكم» للتعليل، وإذا كان مخلوقاً من أجلنا فلا بد أن يكون مباحاً لنا" "الشرح الممتع" (6/ 123)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أنه أخبر أنه خلق جميع ما في الأرض للناس مضافاً إليهم باللام ، واللام حرف الإضافة، وهي توجب اختصاص المضاف بالمضاف إليه واستحقاقه إياه من الوجه الذي يصلح له، وهذا المعنى يعم موارد استعمالها. كقولهم: المال لزيد والسرج للدابة وما أشبه ذلك، فيجب إذا أن يكون الناس مملكين ممكنين لجميع ما في الأرض، فضلا من الله ونعمة، وخص من ذلك بعض الأشياء وهي الخبائث؛ لما فيها من الإفساد لهم في معاشهم أو معادهم، فيبقى الباقي مباحاً بموجب الآية". "مجموع فتاوى ابن تيمية" (21/ 535).

ثالثاً:

يحرم صنع الروبوت إذا كان على شكل ( إنسان أو حيوان، أو طير) كامل الخلقة، أو غير ذلك من ذوات الأرواح. وهو قول المذاهب الأربعة وحكاه ابن رشد إجماعاً. وينظر: "المقدمات الممهدات" (3/457).

وذلك للأحاديث الواردة في تحريم التصوير، كحديث عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ) رواه البخاري (5950)، ورواه مسلم (2109).

وينظر: "المسائل الفقهية المتعلقة بالشخص الآلي  الروبوت" – بحث تكميلي لنيل الماجستير في المعهد العالي للقضاء. (ص: 8، 9، 14، 81).

أما إذا صُمم على هيئة أخرى ، سوى ذوات الأرواح ، أو كان تصميمه غير مكتمل ، بحيث لا يصدق عليه أنه إنسان ، أو من ذوات الأرواح : فلا حرج في ذلك .

وكذلك لو كانت معالم الوجه غير ظاهرة ، بأن كانت خالية من ملامح الوجه تماماً ، كالعينين والفم والأنف ، فهي صورة غير كاملة ، ولا تدخل في التصوير المحرم .

رابعا:

إذا حصل خطأ من الروبوت في إجراء العملية، فترتب عليه تلفُ عضو مثلا، فعلى من يكون الضمان؟

القاعدة: أن الضمان على المباشر. إلا إن كان المباشر لا يمكن تضمينه، فيكون الضمان على المتسبب، وهو من استعمل الروبوت، ووجّهه لعمل العملية.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وإن اجتمع متسبب ومباشر، فإن كان المباشر يمكن تضمينه فعلى المباشر وحده، وإن كان لا يمكن تضمينه فعلى المتسبب وحده …

ومثال اجتماع المباشر والمتسبب: شخص حفر حفرة، ووقف شخص آخر عليها، فجاء إنسان فدفعه فيها حتى سقط ومات، فالضمان على المباشر وهو الدافع؛ لأنه أقوى صلةً بالجناية من المتسبب.

وكذلك لو أن شخصاً أعطى إنساناً سكيناً بدون مواطأة على القتل، فقتل بها إنساناً، فالضمان على المباشر.

فإن كان المباشر لا يمكن تضمينه، فعلى المتسبب، كما لو أن رجلاً ألقى إنساناً مكتوفاً بحضرة الأسد، فأكله الأسد.

فعندنا مباشر، ومتسبب. المباشر هو الأسد، والمتسبب هو الذي ألقى الرجل مكتوفاً بحضرة الأسد.

فالضمان هنا على المتسبب؛ لأن المباشر لا يمكن تضمينه.

كذلك: إذا كان المباشر غير معتدٍ، وكان المتسبب هو المعتدي، وكانت المباشرة مبنية على ذلك السبب؛ فإن الضمان يكون على المتسبب.

وذلك مثل لو شهد جماعةٌ على شخص بما يوجب قتله، فقتله السلطان، ثم بعد ذلك رجعوا، وقالوا: عمدنا قتله. فهنا: المباشر السلطان، والمتسبب هم الشهود. لكن المباشر قد بنى مباشرته على مسوِّغ شرعي، وهو شهادة الشهود، ولا يمكنه أن يتخلص من هذه الشهادة الموجبة للقتل، وهذا المتسبب هو الذي أقر على نفسه بالجناية، فيكون الضمان على المتسبب. فهاتان حالتان.

والحال الثالثة: إذا كان المباشر لا يمكن تضمينه لعدم تكليفه، فالضمان يكون على المتسبب، كمن أمر غير مكلف بالقتل، فالضمان على الآمر؛ لأنه هو السبب، وهنا المباشر غير مكلف فلا يمكن تضمينه؛ لأنه لا قصد له، ولولا أمر هذا الإنسان ما قتل.

فهذه ثلاث مسائل" انتهى من "الشرح الممتع" (14/ 91).

وفي صورة السؤال: الروبوت لا يمكن تضمينه، فيكون الضمان على المتسبب الذي استخدم الروبوت، ووجهه لإجراء هذه العلمية.

والله أعلم.

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android