والدي -رحمه الله-توفي منذ فترة قريبة، وقبل أن يُتوفى بنحو أسبوعين دخل المُستشفى، وكان قبل أن يدخل المُستشفى وبعد أن دخلها قد ترك معي مبلغًا من المال كي أحتفظ له به، فلمّا رأيت صحته قد تدهورت بعد دخوله إلى المُستشفى طلبت منه -وهو لايزال في وعيه- أن يجعل المال الذي تركه معي طلبت منه أن يتركه لي وأن يحوّله في ملكي حتى أستطيع التصرف فيه وحتى يبقى مصروفًا لأمي وللمنزل وحتى لا يحدث خلاف بين إخوتي عليه -علمًا بأنه ليس بالمبلغ الكبير-، فأخبرني بأن أفعل ما أريد .. فهل ما فعلته يعتبر صحيحًا .. ؟ وهل يصبح المال في ملكي الآن .. ؟ وكيف عليَّ التصرّف إن لم يكن كذلك .. ؟ وجزاكم الله كُل خيـر.
جعل بعض ماله لنفقة زوجته ومصاريف المنزل بعد وفاته فهل يصح تصرفه ؟
السؤال: 261814
ملخص الجواب
ملخص الجواب : يلزم جعل هذا المال في التركة، وتقسيمه على جميع الورثة. وإذا تراضوا على أن يُعطى المال لوالدتك وتنفق منه على المنزل فلا بأس بذلك .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ما قام به والدك من تخصيص هذا المال لنفقة والدتك، أو لمصروف المنزل، أو لك، بناء على طلبك، تصرف غير صحيح، لأمور:
الأول: أنه لا يجوز تخصيص أحد الأولاد بالعطية، لوجوب العدل بينهم في ذلك؛ لما روى البخاري (2587) ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ . فَقَالَتْ أُمِّي ، عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ : لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي .
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ ؟
قَالَ : لَا .
قَالَ: (اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ) .
فَرَجَعَ أَبِي ، فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ.
فلو فضّل أحدَ أولاده ، ثم مات : لزمه إدخال المال في التركة ، ليقسم على جميع الورثة.
وينظر: جواب السؤال رقم (225739).
الثاني: أن الزوجة لا نفقة لها بعد الوفاة، وإنما لها الميراث.
وفي الموسوعة الفقهية (41/ 58): ” لا خلاف بين الفقهاء في أن المعتدة من وفاة إن كانت حائلا [أي غير حامل] : لا نفقة لها في العدة.
وإنما الخلاف بينهم في وجوبها لها، إن كانت حاملا، على قولين:
القول الأول: لا نفقة لها مدة عدتها، وإليه ذهب الحنفية والمالكية والشافعية وبعض الحنابلة؛ لأن المال قد صار للورثة، ونفقة الحامل وسكناها ، إنما هو للحمل ، أو من أجله، ولا يلزم ذلك الورثة، لأنه إن كان للميت ميراث فنفقة الحمل من نصيبه، وإن لم يكن له ميراث ، لم يلزم وارث الميت الإنفاق على حمل امرأته ، كما لا يلزمه بعد الولادة.
ولأن النفقة في مقابل التمكين من الاستمتاع، وقد زال التمكين بالموت، وليس للحمل دخل في وجوبها، فلا تستحق بسببه النفقة.
ولأن الزوجة محبوسة من أجل الشرع ، لا للزوج ؛ فلا نفقة لها.
القول الثاني: لها النفقة، وهذا رواية في مذهب الإمام أحمد، لأنها حامل فوجبت لها النفقة كالمفارقة له في حياته” انتهى.
وكذلك لا سكنى لها إذا كانت غير حامل. وهو مذهب الحنفية والحنابلة.
قال في الإنصاف (9/ 369): ” قَوْلُهُ ( وَأَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا , فَإِنْ كَانَتْ حَائِلا : فَلا نَفَقَةَ لَهَا, وَلا سُكْنَى ) هَذَا الْمَذْهَبُ . وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأَصْحَابِ” انتهى.
وينظر : جواب السؤال رقم (142349).
وينظر أيضا للفائدة : “الموسوعة الفقهية” (2/111) .
ولو كان هناك أولاد صغار، فلا نفقة لهم أيضا، وإنما ينفق عليهم من مالهم ، أو من نصيبهم من الإرث ، أو من المعاش الذي تصرفه الدولة لهم.
الثالث: أن عطية الإنسان في مرض موته المخوف، لها حكم الوصية، ولا تجوز الوصية لوارث، وإذا حصلت، فإنها تكون موقوفة على إجازة الورثة.
والمقصود بمرض الموت المخوف: المرض الذي يغلب على الظن حصول الوفاة به.
فإن كان مرض والدك كذلك، فهذه العطية لها حكم الوصية.
وينظر: الشرح الممتع (11/ 101).
والحاصل : أنه يلزم جعل هذا المال في التركة، وتقسيمه على جميع الورثة.
وإذا تراضوا على أن يُعطى المال لوالدتك وتنفق منه على المنزل فلا بأس بذلك .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب