توفي الجد ، ابنه الوحيد توفي قبله . بقي 4 بنات ، زوجة وأحفاد ( حفيدين + 4 حفيدات ) هم الورثة الشرعيين.
سجل جدّي أرض زراعية بمساحة 24281 متر مربع بأسماء أحفاده الذكور . لكن أحفاده لم يأخذوا ملكية الأرض أو يجنوا منها أي فائدة أبداً في حياة جدهم . الحفيدين كانا في ال 14 و ال20 من العمر عند وفاة جدهم .
لم تكن نيّة الجد في منح الأرض لحفيديه واضحة ، وبعض الورثة الشرعيين يعتقدون بأنه فعل ذلك ليتجنب عقوبة الحكومة لتملكه أرض أكثر من الحد المسموح .
بشكل مماثل سجل الجد أرض زراعية بمساحة مماثلة باسم زوجته. لكن زوجته زعمت أنه صرح لها لفظياً بأن الأرض لها لكي تستخدمها، في أيامه الأخيرة .
الزوجة لم تأخذ ملكية الأرض أو جنت منها أي نوع من الفائدة أبدا في حياة زوجها .
من المعتقد أن الوثائق المسجّلة في كلا الحالتين لم تستخدم صيغة هدية حتى أنه لم يكتب فيها بأن الحفيدين سيستوليان على الأرض بعد وصولهم سن الرشد .
بعيداً عن الحفيدات الأربعة ، ابنتين لجدي على الأقل لسن على استعداد لتكريم أحد بأخذ هذه الأرض كهدية ، لأن الورثة (الزوجة + الحفيدين) لم يتملكوها فعلياً خلال حياة جدي ولم يتأكدوا من صدق نيته بذلك ؟
على ضوء الشريعة الإسلامية وكما ذُكر في النص أعلاه ، هل تعتبر هذه الأراضي الزراعية كمنحة ومستبعدة من الميراث في حين توزيع الممتلكات للورثة الشرعيين؟
لا يشترط قبض الهبة إذا وهب الأب أو غيره لمن تحت ولايته من الصغار .
السؤال: 262580
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
من مات وترك زوجة، وأربع بنات، وأولاد ابن توفي قبله، فإن تركته تقسم كا يلي:
للزوجة الثمن؛ لوجود الفرع الوارث وهن البنات ، قال تعالى : ( فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ) النساء/12
وللبنات الثلثان؛ لقوله تعالى : ( فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ) النساء/11، والباقي لأولاد الابن ؛ للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لعموم قوله تعالى: ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11 ، مع قوله صلى الله وسلم : ( أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ ) رواه البخاري (6732) ومسلم (1615).
ثانيا:
ما كتبه المتوفى باسم زوجته أو أحفاده، فيه تفصيل:
1-فإن كتب ذلك على سبيل الوصية، أي تنفيذ ذلك بعد موته : فلا تصح لأولاد الابن المذكورين، لأنهم وارثون ، كما سبق بيانه ، ولا تصح أيضا للزوجة ، لذات السبب ؛ إلا إذا أجاز الورثة ذلك ، فإنها تصح في حق من أجازها الورثة لهم ، الزوجة ، أو الأحفاد الوارثين .
وذلك لما روى أبو داود (2870) والترمذي (2120) والنسائي (4641) وابن ماجه (2713) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) صححه الألباني في صحيح أبي داود.
ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس رضي الله عنه بلفظ: (لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.
وإن كان المراد بالأحفاد الذين أوصى لهم : أبناء بعض بناته : صحت الوصية لهم ، فيما لا يجاوز الثلث ، لأنهم ليسوا وارثين .
2-وإن كتبه على سبيل الهبة والتمليك في الحياة، أو البيع الصوري-وله حكم الهبة- فإن حازوا الهبة، فقد تمت، ولا تدخل في التركة.
وإن لم يحوزوها، وظلت تحت يد المتوفى وتصرفه، بطلت الهبة بموته، وضم المال إلى تركته وقسم على جميع ورثته.
قال ابن قدامة رحمه الله: ” وإذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض ، بطلت الهبة ، سواء كان قبل الإذن في القبض أو بعده” انتهى من “المغني” (5/ 381).
لكن فيما يتعلق بالأحفاد، فإن الجد إذا كان يعولهم وهم تحت ولايته، فإنه لا يشترط في الهبة القبض، بلي يكفي العقد؛ لأنه يقوم مقامهم في القبض، بشرط أن يكونوا غير بالغين. أما البالغ منهم فلا تتم له الهبة إلا بالقبض.
قال في البحر الرائق شرح كنز الدقائق (7/ 288): ” (قوله وهبة الأب لطفلة تتم بالعقد) لأن قبض الأب ينوب عنه…
وأراد بالأب: من له ولاية عليه في الجملة، فشمل الأم إذا وهبت ولا ولي له ولا وصي، وكلَّ من يعوله لوجود الولاية في التأديب والتسليم في الصناعة، فدخل الأخ والعم عند غيبة الأب غيبة منقطعة إذا كان في عيالهم. وإذا علم الحكم في الهبة علم في الصدقة بالأولى.
وقيّد بالطفل؛ لأن الهبة للولد الكبير لا تتم إلا بقبضه ولو كان في عياله، كذا في المحيط” انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله: ” فإن وهب الأب لابنه شيئا، قام مقامه في القبض والقبول، إن احتيج إليه. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا وهب لولده الطفل دارا بعينها، أو عبدا بعينه، وقبضه له من نفسه، وأشهد عليه، أن الهبة تامة. هذا قول مالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي. وروينا معنى ذلك عن شريح، وعمر بن عبد العزيز. ثم إن كان الموهوب مما يفتقر إلى قبض، اكتفي بقوله: قد وهبت هذا لابني، وقبضته له
لأنه يغني عن القبول كما ذكرنا. ولا يغني قوله: قد قبلته. لأن القبول لا يغني عن القبض. وإن كان مما لا يفتقر اكتفي بقوله: قد وهبت هذا لابني. ولا يحتاج إلى ذكر قبض ولا قبول. قال ابن عبد البر: أجمع الفقهاء على أن هبة الأب لابنه الصغير في حجره لا يحتاج إلى قبض، وأن الإشهاد فيها يغني عن القبض، وإن وليها أبوه؛ لما رواه مالك، عن الزهري، عن ابن المسيب، أن عثمان قال: من نحل ولدا له صغيرا، لم يبلغ أن يحوز نحلة، فأعلن ذلك، وأشهد على نفسه، فهي جائزة”.
ثم قال: ” وإن كان الواهب للصبي غير الأب من أوليائه، فقال أصحابنا: لا بد من أن يوكل من يقبل للصبي، ويقبض له، ليكون الإيجاب منه، والقبول، والقبض من غيره، كما في البيع. بخلاف الأب؛ فإنه يجوز أن يوجب ويقبل ويقبض، لكونه يجوز أن يبيع لنفسه.
والصحيح عندي أن الأب وغيره في هذا سواء؛ لأنه عقد يجوز أن يصدر منه ومن وكيله، فجاز له أن يتولى طرفيه، كالأب .
وفارق البيع؛ فإنه لا يجوز أن يوكل من يشتري له، ولأن البيع عقد معاوضة ومرابحة، فيتهم في عقده لنفسه، والهبة محض مصلحة لا تهمة فيها، وهو ولي فيه، فجاز أن يتولى طرفي العقد، كالأب، ولأن البيع إنما منع منه لما يأخذه من العوض لنفسه من مال الصبي، وهو هاهنا يعطي ولا يأخذ، فلا وجه لمنعه من ذلك، وتوقيفه على توكيل غيره، ولأننا قد ذكرنا أنه يستغنى بالإيجاب والإشهاد عن القبض والقبول، فلا حاجة إلى التوكيل فيهما مع غناه عنهما” انتهى من المغني (6/ 50، 51).
وأخيرا : ننبه إلى ضرورة عرض هذه المسألة على بعض أهل العلم في بلدك، للوقوف على حقيقة الحال ، وتفصيل الأمر ؛ أو رفعها إلى القاضي الشرعي.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب