أنا أستورد أحيانا بضاعة من الخارج ، وعندنا وكيل حصري لها غيري ، وفعلت هذا لأنني خسرت في التجارة في السنوات الأخيرة ، حتى كدت أفلس ، بل قد أفلست لولا فضل الله وستره علي ، فتعاقدت مع ممول لي بالمضاربة ، فرأيت أن استورد هذه البضاعة حتى أتعافي من الخسارة وبلاغا إلى حين ، بدون علم الوكيل ، لأني لا أحسن التجارة في غيرها، ولا يقبل الممول غيرها لقلة الفائدة ، وأخشى أن تفوتني فرصة التمويل ، ثم إذا تعافيت ، ووجدت فرصة تجارية أخرى فسأتركها للوكيل ، فهل يحل هذا؟
يستورد سلعة لها وكيل حصري في بلده دون علمه
السؤال: 263153
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
الوكالة الحصرية تدخل في ما يسمى بعقود الامتياز، وفيها يشتري التاجر المحلي سلعة من الخارج، مع شرط قصر بيعها عليه.
وشرط القصر هنا شرط صحيح شرعا؛ لأن الأصل في الشروط الصحة، سواء شرط المورد الخارجي على المستورد ألا يبيع مثل سلعته، أو شرط المستورد ألا يبيع المورد لغيره في بلده.
قال الدكتور إبراهيم بن صالح التنم: ” وشرط القصر في امتياز الوكالات التجارية: يرتب حقا لطرفيه يوجب حمايته، والاعتداء على هذا الحق يشبه المنافسة غير المشروعة، والنظام يمنع الاعتداء على حق الاحتكار، أو المنافسة غير المشروعة، ولو لم يقترن هذا الاعتداء بسوء النية”.
وقال: “والراجح أن الأصل في العقود والشروط الجواز والصحة على ما تقدم بيانه، وخاصة ما كان فيه مصلحة لأحد طرفيه أو كليهما، أو دفع مفسدة، ولم يكن فيه غرر ولا ربا ونحوهما مما منعته الشريعة مطلقا، ولو مع توهم مصلحة فيه أو دفع مفسدة.
وشرط القصر وإن كان يخالف مقتضى عقد البيع من جهة أن البيع يقتضي انتقال ملكية المبيع وحرية التصرف فيه للمشتري بموجب ذلك، إلا أن الفقهاء أيضا أجازوا بعض الشروط التي يشترطها البائع وتعود عليه فيها منفعة معلومة”. انتهى من رسالته للدكتوراه: “الامتياز في المعاملات المالية” ص 441، 443، 445
وقال الباحث أشرف رسمي أنيس في رسالته للماجستير وهي بعنوان: ” الوكالة التجارية الحصرية في الفقه الإسلامي والقانون” ص98
” ثالثا: الحصرية:
من حقوق الوكيل الحصري على الموكل: تعهّد الآخر ألا يتعاقد ، أو يموّن ، أو يبيع السلعة موضوع العقد ، لجهة أخرى غير الوكيل الحصري ، ضمن منطقة محددة يتفقان عليها” انتهى.
على أن هذا الشرط الملزم في عقد “الامتياز” : ليس نصا شرعيا ملزما لجميع الناس ، وإنما هو شرط التزم به الطرفان اللذين تعاقدا عليه ، فيلزمهما .
وأما سواهما ، ممن لم يكن طرفا في هذا العقد ، ولم يتعاقد مع أي من طرفيه ، ولا أعانه على الإخلال بما التزمه به من العقود : فلا يلزمه مقتضى هذا التعاقد .
وبناء على ذلك: فإن كنت ستستورد نفس السلعة التي تعاقد عليها الوكيل الحصري، من موكِّله، فهذا عدوان لا يجوز، وفيه إعانة للموكل على عدم الوفاء بالعقد، وقد قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
وأما إذا فإن استوردت السلعة من غير الموكل المتعاقد مع الوكيل الحصري : فلا حرج عليك في ذلك؛ بشرط عدم تواطؤ الموكل في ذلك.
وذلك كأن تستوردها ممن اشتراها من الموكل في بلده ، أو في بلد ثالث، وتجلبها إلى بلدك، فلا حرج في هذا كله ، إن شاء الله .
وكذا لو استوردت سلعة أخرى من موكل آخر، ولو كانت من جنس ما عند الوكيل الحصري، فلا حرج؛ لأن هذا لا عدوان فيه، ولا إعانة على منكر.
واعلم أن أبواب الرزق الحلال كثيرة، فلا يحملنك استبطاء الرزق على طلبه بطريق محرم، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وإن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن رُوح القدس نفث في رُوعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ، وتستوعب رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، ولا يحملنّ أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصية الله ، فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته) رواه أبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 2085
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب