0 / 0
81,95502/07/2017

هل يصح الوضوء قبل الاستنجاء لمن قضى حاجته ؟

السؤال: 263561

أدرس في الجامعة كتاب الشيخ فوزان الفوزان ، وأشكل علي فهم شيء به ، ولعلكم توضحونه لي : ذكر في ص18 من كتابه “الملخص الفقهي” :” أن النووي يقول : والسنة أن يستنجي قبل الوضوء ، ثم عقب عليه فقال : بعض العوام يظن الاستنجاء من الوضوء ، فإذا أراد أن أن يتوضأ بدأ بالاستنجاء ، ولو كان قد استنجى سابقًا … إلى آخره ” فكيف يذكر النووي أنه من السنن ؟ ما المقصود بها؟ فإزالة النجس واجب من المعلوم بالضرورة ، فلو افترضنا أنها طهارة أخرى بعد الواجبة دخلنا في تنبيه الفوزان .

ملخص الجواب

خلاصة الجواب : من قضى حاجته : ينبغي له أن يزيل هذه النجاسة أولا ، بالاستنجاء أو الاستجمار ، ثم يتوضأ. فإن توضأ قبل إزالة النجاسة، ثم أزال النجاسة قبل الصلاة : صح وضوؤه وصلاته في قول جمهور أهل العلم. وأما من لم يكن قد قضى حاجته ، ولا عليه نجاسة : فلا يسن له الاستنجاء ، بل ولا يشرع له عند الوضوء ، من غير موجب له .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

اختلف الفقهاء فيمن قضى حاجته، ثم توضأ قبل أن يستنجي أو يستجمر، هل يصح وضوؤه أم لا؟ مع الاتفاق على أنه إذا أراد الصلاة لزمه أن يزيل النجاسة بالاستنجاء أو الاستجمار.

فمن قال بصحة الوضوء، رأى عدم الدليل على اشتراط إزالة النجاسة قبل الوضوء، وأن النجاسة على المخرج كالنجاسة على الفخذ مثلا، فإنه يصح الوضوء مع وجود هذه النجاسة، ثم يلزم إزالتها قبل الصلاة.

ومن قال بعدم الصحة استدل بحديث المقداد في المذي: (يغسل ذكره، ويتوضأ) رواه مسلم (303)، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستنجي ثم يتوضأ.

وفي الموسوعة الفقهية (4/ 115): ” الاستنجاء من سنن الوضوء قبله ، عند الحنفية والشافعية، والرواية المعتمدة للحنابلة، فلو أخره عنه : جاز ، وفاتته السنية، لأنه إزالة نجاسة، فلم تشترط لصحة الطهارة، كما لو كانت على غير الفرج.

وصرح المالكية بأنه لا يعد من سنن الوضوء، وإن استحبوا تقديمه عليه.

أما الرواية الأخرى عند الحنابلة: فالاستنجاء قبل الوضوء – إذا وجد سببه – شرط في صحة الصلاة. فلو توضأ قبل الاستنجاء لم يصح، وعلى هذه الرواية اقتصر صاحب كشاف القناع.

قال الشافعية: وهذا في حق السليم، أما في حق صاحب الضرورة – يعنون صاحب السلس ونحوه – فيجب تقديم الاستنجاء على الوضوء.

وعلى هذا، فإذا توضأ السليم قبل الاستنجاء، يستجمر بعد ذلك بالأحجار، أو يغسله بحائل بينه وبين يديه، ولا يمس الفرج. وقواعد المذاهب الأخرى لا تأبى ذلك التفصيل” انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” قوله: ولا يصحُّ قبلَه وُضُوءٌ ولا تيمُّمٌ .

يعني: يُشترطُ لصحَّة الوُضوء والتيمُّم : تقدم الاستنجاء، أو الاستجمار.

والدَّليل فعلُ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فإِنَّه كان يُقدِّمُ الاستجمار على الوُضُوء .

ولكن هل مجرد الفعل يدلُّ على الوجوب؟

الرَّاجحُ عند أهل العلم أن مجرَّد الفعل لا يقتضي الوجوب؛ إِلا إذا كان بياناً لمجمل من القول يدل على الوجوب؛ بناءً على النَّصِّ المبيَّن.

أما مجرَّدُ الفعل: فالصَّحيح أنَّه دالٌ على الاستحباب .

ولكنَّ فقهاء الحنابلة استدلُّوا على الوجوب بقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم لعليٍّ رضي الله عنه: يغسُل ذَكَرَه ويتوضَّأ، قالوا: قَدَّمَ ذِكْرَ غَسْلِ الذَّكَر، والأصل أن ما قُدِّمَ فهو أسبق . ويدلُّ لذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم حين أقبل على الصَّفا: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) ؛ أبْدَأُ بما بَدَأ اللَّهُ به» .

ولكن هذه الرِّواية في مسلم يعارضها رواية البخاري و مسلم حيث قال: توضَّأ وانضحْ فرجك فظاهرهما التَّعارض؛ لأنَّ إِحدى الرِّوايتين قَدَّمَتْ ما أخَّرتَه الأخرى.

والجمع بينهما أن يُقالَ: إِن الواو لا تستلزم التَّرتيب.

فأما رواية النَّسائي: يغسلُ ذَكَره ثم ليتوضَّأ، وهذه صريحة في التَّرتيب. فقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أنها منقطعة، والانقطاع يضعِّفُ الحديث، فلا يُحتَجُّ بها.

ولهذا كان عن الإِمام أحمد في هذه المسألة روايتان:

الأولى: أنَّه يصحُّ الوُضُوءُ والتيمُّمُ قبل الاستنجاء.

الثانية: أنَّه لا يصحُّ ، وهي المذهب.

والرِّواية الأولى اختارها الموفَّق، وابن أخيه شارح المقنع والمجد.

وهذه المسألة : إِذا كان الإِنسانُ في حال السَّعَة فإِننا نأمره أولاً بالاستنجاء ، ثم بالوُضُوء، وذلك لفعل النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم .

وأما إِذا نسيَ، أو كان جاهلاً فإِنه لا يجسر الإِنسان على إِبطال صلاته، أو أمره بإِعادة الوُضُوء والصَّلاة” انتهى من “الشرح الممتع” (1/ 141).

والنووي رحمه الله يقول: يسن أن يستنجي أولا، خروجا من هذا الخلاف، وحتى يأمن من انتقاض وضوئه لو مس فرجه بلا حائل.

قال النووي رحمه الله: ” السنة أن يستنجي قبل الوضوء ، ليخرج من الخلاف ، وليأمن انتقاض طهره” انتهى من المجموع (2/ 110).

وعبارة الشيح صالح الفوزان واضحة في هذا.

قال حفظه الله: ” قال بعض الفقهاء: إن الاستجمار شرط من شروط صحة الوضوء، لا بد أن يسبقه، فلو توضأ قبله؛ لم يصح وضوؤه؛ لحديث المقداد المتفق عليه: “يغسل ذكره، ثم يتوضأ”.

قال النووي: “والسنة أن يستنجي قبل الوضوء؛ ليخرج من الخلاف، ويأمن انتقاض طهره”.

ثم نبه فقال: ” وهنا أمر يجب التنبيه عليه، وهو أن بعض العوام يظن أن الاستنجاء من الوضوء، فإذا أراد يتوضأ؛ بدأ بالاستنجاء، ولو كان قد استنجى سابقا بعد قضاء الحاجة .

وهذا خطأ؛ لأن الاستنجاء ليس من الوضوء، وإنما هو من شروطه؛ كما سبق، ومحله بعد الفراغ من قضاء الحاجة، ولا داعي لتكراره من غير وجود موجبه ، وهو قضاء الحاجة وتلوث المخرج بالنجاسة” انتهى من الملخص الفقهي (1/ 31- 33).

والحاصل :

أن من قضى حاجته : ينبغي له أن يزيل هذه النجاسة أولا ، بالاستنجاء أو الاستجمار ، ثم يتوضأ.

فإن توضأ قبل إزالة النجاسة، ثم أزال النجاسة قبل الصلاة : صح وضوؤه وصلاته في قول جمهور أهل العلم.

وأما من لم يكن قد قضى حاجته ، ولا عليه نجاسة : فلا يسن له الاستنجاء ، بل ولا يشرع له عند الوضوء ، من غير موجب له .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الاسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android