عندي سؤالان : السؤال الأول : أعمل محاسبا فى إحدى الدول العربية فى فرع لأحد المصانع، وكان صاحب المصنع قد أعطى تعليمات بالبيع للزبائن بنصف الفاتورة نقدى، والنصف الآخر شيكات، أو ماشابه ذلك، وبالفعل بدأنا فى تنفيذ التعليمات، لكن مدير الفرع يقوم بأخذ مبالغ نقدية من التحصيلات لنفسه، ويعمل مكانها حوالات من حسابه بالمصرف، وقد أخبرته أن ذلك فيه شبهة حرام ، فقال لي أنا أساعد بها الشركاء الآخرين؛ لأن عندهم ظروف، فقلت له: لماذا إذا لا نخبر صاحب المصنع، فقال لي : كل الفروع تفعل هذا، فقلت له: أنا غير مطمئن لهذه التصرفات، فهل أبلغ صاحب المصنع بهذه المخالفات ؟ مع العلم إنني فى بلد غير آمن، ومن الممكن أن تحدث لى مشاكل مع المدير؛ حيث إنه شخص خبيث النفس جدا، ماكر، ويجيد الرد كذبا، ويدبر المكائد، ويحب فضيحة أي شخص، ولا يحب أن أذكر أي مميزات في باقي الشركاء غيره، وللعلم هذا المدير قال لي : إني حتى لو بلغت صاحب المصنع لن يفعل لك شيئا ، وأني سأعرف أنك أنت من أبلغت صاحب المصنع لأنه ليس هناك أحد يعلم تلك المعلومات غيرك ، وأن بينه وبين صاحب المصنع ثقة ومصالح أخرى . فما الحكم فى تبديل النقد بالحوالات ؟ وماذا يجب علي فعله، مع العلم إنى تكلمت معه فى هذا الموضوع كثيرا؟ السؤال الثاني : صاحب المصنع أعطى تعليمات بالبيع النقدى كاملا بدون شيكات ولا حوالات، ومدير الفرع يقول لي أبلغ المصنع أنه لا توجد مبيعات، وهذا مخالف للواقع، وذلك ليجبر صاحب المصنع بالرجوع عن البيع النقدي، فهل مرتبي حلال إذا لم أبلغ بالمخالفات المذكورة ؟
مدير الفرع يغش ويأمره بالكذب فهل يخبر صاحب المصنع وهل يستمر في العمل
السؤال: 263649
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
ما يقوم به المدير من أخذ النقد وإعطاء الحوالات، غش وخداع، وهو منكر يجب إنكاره، وقد أحسنت بالإنكار عليه.
وأما إبلاغ صاحب المصنع فإن كان يترتب عليه ضرر، فلا يلزمك، لكن لا يجوز لك أن تشارك فيما يفعله المدير، ولا أن تعين عليه بوجه من وجوه الإعانة.
ولو أمكن إبلاغه بوسيلة لا يظهر فيها أنك المبلّغ، لا له، ولا للمدير، فجيد؛ لما فيه من حفظ مال المسلم ومنع غشه وخداعه، مع سلامتك من الضرر.
ثانيا:
لا يجوز لك إبلاغ المصنع أنه لا توجد مبيعات، ما دام هذا خلاف الواقع؛ لأنه كذب، ويترتب عليه غش وخداع، وكل هذه محرمات معلومة.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا رواه البخاري (5743 )، ومسلم ( 2607 ) .
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي رواه مسلم (102).
وقال صلى الله عليه وسلم: المكر والخديعة في النار رواه البيهقي في شعب الإيمان، وصححه الألباني في “صحيح الجامع”، ورواه البخاري في صحيحه معلقا بلفظ: الخديعة فى النار، ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد .
فلا يجوز أن تطيع المدير في ذلك، لأنه طاعة في المعصية.
قال صلى الله عليه وسلم: لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ رواه البخاري (7257)، ومسلم (1840).
وقال صلى الله عليه وسلم: لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رواه أحمد (1098).
فإن أصر المدير على ذلك، ولم يمكنك تجاهل أمره، فليس أمامك إلا إبلاغ صاحب المصنع؛ لعدم جواز اقترافك الكذب ومشاركتك في المنكر، ولو أدى ذلك لتركك العمل، وقد قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً الطلاق/2، 3.
وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ رواه أحمد (20739) وصححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الاسلام سؤال وجواب