0 / 0
45,45310/03/2018

حكم استعمال المفتر والمخدر والفرق بينه وبين المسكر

السؤال: 264356

هل المفتر أو المخدر يعتبر نجسا ، مثل الخمر أو الكحول ؟ حيث يوجد مواد سائلة تصنف على أنها مواد مفترة أو مخدرة ، أي تحدث تخدير للجسم أو تستخدم كمخدر موضعي خارجي، هذه المواد المفترة أو المخدرة تستخدم كمواد حافظة ، وتضاف كثيرا لمواد التجميل ، وسؤالي : هل يجوز استعمال مواد التجميل المحتوية على هذه المواد ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

المواد المفترة والمخدرة يحرم تناولها، لكنها لا تأخذ حكم الخمر إلا إذا كانت مسكرة ولو بشرب الكثير منها، وذلك مثل الحشيش والماريجونا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

” (الْحَشِيشَةُ) الْمَلْعُونَةُ الْمُسْكِرَةُ: فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهَا مِنْ الْمُسْكِرَاتِ . وَالْمُسْكِرُ مِنْهَا : حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ .

بَلْ كُلُّ مَا يُزِيلُ الْعَقْلَ : فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُهُ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْكِرًا ، كَالْبَنْجِ .

فَإِنَّ الْمُسْكِرَ يَجِبُ فِيهِ الْحَدُّ ، وَغَيْرَ الْمُسْكِرِ يَجِبُ فِيهِ التَّعْزِيرُ.

وَأَمَّا قَلِيلُ ” الْحَشِيشَةِ الْمُسْكِرَةِ ” فَحَرَامٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ ، كَسَائِرِ الْقَلِيلِ مِنْ الْمُسْكِرَاتِ .

وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ ) يَتَنَاوَلُ مَا يُسْكِرُ .

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْكِرُ مَأْكُولًا ، أَوْ مَشْرُوبًا؛ أَوْ جَامِدًا ، أَوْ مَائِعًا، فَلَوْ اصْطَبَغَ بالْخَمْرِ [أي: جعله إداما في طعامه (غَمُوسا)] : كَانَ حَرَامًا . وَلَوْ أَمَاعَ الْحَشِيشَةَ وَشَرِبَهَا كَانَ حَرَامًا …

وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : إنَّهَا تُغَيِّرُ الْعَقْلَ ، فَلَا تُسْكِرُ ، كَالْبَنْجِ ؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تُورِثُ نَشْوَةً وَلَذَّةً وَطَرَبًا كَالْخَمْرِ ، وَهَذَا هُوَ الدَّاعِي إلَى تَنَاوُلِهَا ، وَقَلِيلُهَا يَدْعُو إلَى كَثِيرِهَا كَالشَّرَابِ الْمُسْكِرِ ، وَالْمُعْتَادُ لَهَا يَصْعُبُ عَلَيْهِ فِطَامُهُ عَنْهَا أَكْثَرَ مِنْ الْخَمْرِ؛ فَضَرَرُهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ أَعْظَمُ مِنْ الْخَمْرِ .

وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ : إنَّهُ يَجِبُ فِيهَا الْحَدُّ كَمَا يَجِبُ فِي الْخَمْرِ ، وَتَنَازَعُوا فِي ” نَجَاسَتِهَا ” انتهى من “مجموع فتاوى شيخ الإسلام” (34/204-207).

وفي كلامه رحمه الله بيان ضابط السكر، وهو النشوة واللذة والطرب .

وهذا بخلاف ما خلا من ذلك ، مما يفتر البدن، أو يخدره، أو يغير العقل ، من غير نشوة وطرب ، كالبنج ، ونحوه .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “

واستُدل بمطلق قوله “كل مسكر حرام” : على تحريم ما يسكر ، ولو لم يكن شرابا .

فيدخل في ذلك الحشيشة وغيرها .

وقد جزم النووي وغيره بأنها مسكرة، وجزم آخرون بأنها مخدرة ، وهو مكابرة؛ لأنها تُحدث ، بالمشاهدة ، ما يُحدث الخمر ، من الطرب والنشوة ، والمداومة عليها ، والانهماك فيها.

وعلى تقدير تسليم أنها ليست بمسكرة ، فقد ثبت في أبي داود “النهي عن كل مسكر ومفتّر” ، وهو بالفاء . والله أعلم ” انتهى من “فتح الباري” (10/45).

ويستفاد منه أن المُخدر – أي : المفتر – ليس خمرا؛ لعدم الإسكار.

وقال الخطابي رحمه الله في بيان المفتر: ” المفتر كل شراب يورث الفتور والخدر في الأطراف، وهو مقدمة السكر، نهي عن شربه لئلا يكون ذريعة إلى السكر” انتهى من ” معالم السنن ” (4 / 267).

ولهذا لا يحكم بنجاسة المفتر ؛ لأنه ليس خمرا.

قال القرافي رحمه الله في الفرق بين المخدر (المرقد) والمفسد والمسكر:

” الفرق الأربعون بين قاعدة المسكرات ، وقاعدة المرقدات ، وقاعدة المفسدات:

هذه القواعد الثلاث قواعد تلتبس على كثير من الفقهاء .

والفرق بينها : أن المتناوَل من هذه : إما أن تغيب معه الحواس ، أو لا .

فإن غابت معه الحواس ، كالبصر والسمع واللمس والشم والذوق : فهو المرقد.

وإن لم تغب معه الحواس، فلا يخلو: إما أن يحدث معه نشوة وسرور وقوة نفس ، عند غالب المتناوِل له ، أو لا .

فإن حدث ذلك : فهو المسكر . وإلا : فهو المفسد.

فالمسكر : هو المغيب للعقل ، مع نشوة وسرور ، كالخمر، والمِزْر ، وهو المعمول من القمح، والبِتع ، وهو المعمول من العسل، والسكركة ، وهو المعمول من الذرة.

والمفسد : هو المشوش للعقل ، مع عدم السرور الغالب، كالبنج والسيكران”.

ثم قال:

” تنفرد المسكرات عن المرقدات والمفسدات ، بثلاثة أحكام: الحد، والتنجيس، وتحريم اليسير. والمرقدات والمفسدات : لا حد فيها ولا نجاسة” انتهى من “الفروق” (1/ 217، 218).

ثانيا:

يحرم تناول المفتر والمخدر ، إلا لضرورة؛ لما روى أحمد (26634) وأبو داود (3686) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: ” نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ” .

وصححه الحافظ العراقي، كما في “فيض القدير” (6 / 338) ، وحسنه الحافظ في الفتح (10/44)، وقال محققو المسند: صحيح لغيره.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

“وكل ما يغيب العقل : فإنه حرام ؛ وإن لم تحصل به نشوة ولا طرب ، فإن تغييب العقل حرام بإجماع المسلمين.

وأما تعاطي البنج الذي لم يسكر، ولم يغيب العقل، ففيه التعزير” انتهى من “الفتاوى الكبرى” (3/ 423).

ثالثا:

بناء على ما سبق :

فإن المواد المفترة طاهرة وليست نجسة ، والمحرم هو تناولها .

وعلى هذا ؛ فلا حرج في استعمال مواد التجميل ، إذا اشتملت على مادة مخدرة غير مسكرة؛ لأن تحريم المخدر – المفتر – : إنما يتعلق بشربه ، أو أكله.

ولا حرج كذلك في استعمال مواد التجميل إذا اشتملت على الكحول، إذا كانت نسبة قليلة مستهلكة، أو استحال إلى مادة غير مسكرة.

وينظر جواب السؤال رقم : (59899)، (10337)

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android