توفي والدي ، وكان اخي يعمل معه فقط بدون مشاركة اخي معه بالمال، الان بعد وفاة الوالد يطالب اخي بأجرة مقابل عمله مع والدي ويقول هذا دين يجب استيفائة ، فهل يستحق شيئا؟
كان يعمل مع والده قبل وفاته في التجارة، فهل يستحق أجرة عن هذا العمل؟
السؤال: 265859
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
عمل الابن مع أبيه له ثلاثة أحوال:
1- إن كان على سبيل الإعانة، فلا شيء له؛ لأنه تبرع.
2- وإن اتفق معه على أجرة، فله أجرته.
3- وإن لم يحصل الاتفاق على شيء، فالأصل أنه تبرع، إلا إن كان الابن منتصبا لهذا العمل، أي هذا عمله المعروف به الذي لا يعمله مجانا، فله أجرة المثل؛ لأن العرف يقوم مقام القول .
ومثل ذلك : ما لو دلت القرائن على أنه لا يعمل مثل ذلك إلا بأجر .
فينظر كم يأخذ نظراؤه إذا عملوا مع غيرهم في مثل هذا العمل، فيعطى له من التركة قبل تقسيمها.
وما ذكرناه هو قاعدة عامة فيمن عمل لغيره عملا، فهو دائر بين هذه الأحوال الثلاث.
وهذا مذهب الحنفية والحنابلة وقال به جمع من متأخري الشافعية.
وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا أجرة له إلا إذا تم الاتفاق على الأجرة قبل العمل، أو عَرَّض له بالأجرة كأن قال: أرضيك أو سيكون ما يسرك، ونحوه، فله أجرة المثل، وهذا مذهب الشافعي.
قال في درر الحكام شرح مجلة الأحكام (1/ 648) : ” ( المادة 563 ) لو خدم أحد آخر بناء على طلبه من دون مقاولة على أجرة، فله أجر المثل إن كان ممن يخدم بالأجرة، وإلا فلا , أي أنه لو خدم أحد آخر بطلبه من دون أن يتقاولا على أجرة أو يعقدا إجارة لمدة , فلذلك الشخص أجرته اليومية إن كان ممن يخدم بالأجرة , وكانت أجرته معلومة , وإذا لم تكن معلومة فله أجر المثل بالغة ما بلغت على الرجل الذي استخدمه , ويأخذها من تركته إذا توفي إلا إذا اشترط عليه الاشتغال بدون أجرة … وإذا لم يكن ممن يخدم بالأجرة عد متبرعا في عمله وليس له أخذ شيء ما…
مسائل تتفرع عن هذه المادة :
أولا : إذا أمر أحد آخر بعمل ما له، ولم يذكر له أجرة عمله , وكان ممن يشتغل ذلك العمل لذلك الرجل أو غيره عادة بلا أجرة , كان متبرعا وليس له أجرة , وإذا كان ممن يشتغل ذلك بالأجرة، فله أخذ أجر المثل بالغا ما بلغ , حتى إذا أحضر أحد قماشا لخياط وقال له خطه ثوبا , فإذا كان ذلك الخياط معروفا بأنه يخيط بالأجرة فله أجر المثل , وإلا فلا.
ثانيا : إذا أعطى أحد حملا لآخر لينقله إلى المحل الفلاني , فإذا كان ذلك الرجل معروفا بأنه ينقل بالأجرة فله أخذ أجر المثل، وإلا ، فلا …
سادسا : لو استعان أحد بآخر ليبيع له شيئا في السوق، وباع الرجل ذلك الشيء، ولم يكن ممن يخدمون بالأجرة: عُد ذلك منه إعانة , ولا أجر له” انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله: ” إذا دفع ثوبه إلى خياط أو قصار، ليخيطه أو يقصره، من غير عقد ولا شرط، ولا تعريض بأجر، مثل أن يقول: خذ هذا فاعمله، وأنا أعلم أنك إنما تعمل بأجر. وكان الخياط والقصار منتصبين لذلك، ففعلا ذلك، فلهما الأجر.
وقال أصحاب الشافعي: لا أجر لهما؛ لأنهما فعلا ذلك من غير عِوَضٍ جُعِل لهما، فأشبه ما لو تبرعا بعمله.
ولنا أن العرف الجاري بذلك يقوم مقام القول .. ، ولأن شاهد الحال يقتضيه، فصار كالتعريض .
فأما إن لم يكونا منتصبين لذلك : لم يستحقا أجرا ، إلا بعقد ، أو شرط العِوَض، أو تعريض به ؛ لأنه لم يجر عرف يقوم مقام العقد، فصار كما لو تبرع به، أو عمله بغير إذن مالكه.
ولو دفع ثوبا إلى رجل ليبيعه، فالحكم فيه كالحكم في القصار والخياط، إن كان منتصبا يبيع للناس بأجر، فله أجر مثله. نص عليه أحمد، وإن لم يكن كذلك، فلا شيء؛ لما تقدم” انتهى من المغني (5/ 415).
وقال النووي رحمه الله في المنهاج: ” ولو دفع ثوبا إلى قصَّار ليقصره أو خياط ليخيطه، ففعل ولم يذكر له أجرة : فلا أجرة له , وقيل: له , وقيل: إن كان معروفا بذلك العمل فله , وإلا فلا , وقد يُستحسن ” انتهى.
قال الخطيب الشربيني رحمه الله شارحا له: ” ( ولو دفع ثوبا ) بلا استئجار ( إلى قصار ليقصره أو ) إلى ( خياط ليخيطه ) أو نحو ذلك كغسال يغسله ( ففعل ) ذلك ( ولم يذكر له أجرة فلا أجرة له ) على الأصح المنصوص وقول الجمهور [أي من الشافعية] ; لأنه لم يلتزم له عوضا فصار كقوله : أطعمني، فأطعمه . قال في البحر : ولأنه لو قال أسكني دارك شهرا، فأسكنه: لا يستحق عليه أجرة بالإجماع .
( وقيل : له ) أجرة مثل , لاستهلاك الدافع عمله, ( وقيل : إن كان معروفا بذلك العمل ) بأجرة ( فله ) أجرة المثل . وقال الشيخ عز الدين : تجب له الأجرة التي جرت بها العادة لذلك العمل، وإن زادت على أجرة المثل .
( وإلا ) أي وإن لم يكن معروفا بذلك العمل ( فلا ) أجرة له , ( وقد يستحسن ) هذا الوجه لدلالة العرف على ذلك، وقيامه مقام اللفظ، كما في نظائره , وعلى هذا عملُ الناس . وقال الغزالي : إنه الأظهر . وقال الشيخ عز الدين : إنه الأصح , وحكاه الروياني في الحلية عن الأكثرين , وقال إنه الاختيار . وقال في البحر : وبه أُفتي، وأفتى به خلائق من المتأخرين ” انتهى من مغني المحتاج (3/ 478).
وبناء على ذلك فيُنظر، هل كان هناك اتفاق بين والدك وأخيك على أجرة أو تعويض، أم لا؟
فإن كان ثمة اتفاق فله أجرته المعينة المتفق عليها .
وإذا لم يكن هناك اتفاق، وكان أخوك ممن يعمل مثل هذا العمل عادة بأجرة : فله أجرة المثل.
ومثل هذا : لو جرت العادة ، أو دلت القرينة ، على أن “مثل هذا العمل” ، من حيث طبيعته ، أو التفرغ له ، أو طول الزمان الذي ينفق فيه ، مما لا يعمله الشخص متبرعا : فإنه يستحق أجرة المثل عليه أيضا .
وإن كانت العادة قد جرت ، أو دلت القرينة ، على ألا يعمل أخوكم مثل هذا العمل أصلا ، أو جرت أن يعمل مثله بلا أجرة : فلا شيء له ، لأنه متبرع .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب